صار خبر العنف والقتل والذبح والتهجير والتفخيخ والمجازر والاقتلاع والابادة من اليوميات العادية لأي متابع للسياسة ولما يجري في هذا العالم. كأن لا عقل ولا فكر ولا قيادة ولا قوانين ولا عقاب ولا حساب.
وليس مهماً من تكون، ماذا تمثل، بماذا تؤمن، ارتباطكَ بالارض، تراثكَ، لغتكَ، عاداتكَ، تقاليدكَ، دينك ، مذهبك َ، كتبكَ، أشعاركَ، أغانيكَ، معابدكَ، وحتى مقابركَ، هذه كلها عرضة للمحو وللإزالة عن وجه الارض، لأن حاقداً ما، جاهلا ما، تنظيماً ما، واحياناً حكماً ما، لا يفهم معنى التنوع والتعدد واحترام الآخر، قرر أن يلغيكَ.
9 آب هو اليوم العالمي للشعوب الاصلية في العالم، الذي ثبت في قرار رقم 214/49 من الجمعية العامة للامم المتحدة مؤرخ في 23 كانون الثاني عام 94، وهو مناسبة لتذكير العالم بمبادىء وقيم ومعايير حقوق الانسان، كل انسان، والجماعات، كل جماعة، والحريات بكافة أشكالها. صحيح أنه إعلان غير مُلزِم، لكنه حدّ بين أن نبقى في غابة مشرّعة للقوّة، أو تتحمل الامم المتحدة مسؤوليتها في السلام والامن العالمي.
ونحن مسيحيي الشرق، أبناءه الاصليين، بناة حضارات فيه وتجذّر تاريخي، خاصة سرياناً وآشوريين وكلداناً، نقف أمام التاريخ بغضب وتعجب، إن مسلسل اضطهادنا يستمر، من ” سيفو” الى ” سيميل” الى ” داعش” وأخواتها، ووتيرة تهجيرنا من أرضنا تكاد تفقدنا حتى موطىء قدم، كما نوشكَ أن نصير في “طور عابدين”. انَّ سهل نينوى في العراق والجزيرة في سوريا هما آخر معقلين- عدا لبنان الحبيب الرمز- لحضور شعبنا- فإما نبقي على خميرة وشهادة للحق وإماّ نندثر.
إنها مسؤولية عميقة لمن يفتكر. إنها مسؤولية عربية واسلامية بالمطلق أن يتوقف الجنون باسمهم. وإنها مسؤولية عالمية أن يبقى الشرق واحة تنوع لكل أبنائه.
إما نحافظ على كل شعب أصيل لأنه حق. أو نسمح بالابادات ونتخلى عن الانسانية. إنه التحدي.
* رئيس الرابطة السريانية