الازمة السورية تدخل مرحلة البيات الصيفي.. والمعارضة بشقيها المسلح والسياسي تعيش حالة من البطالة والتهميش.. وتأجيل مفاوضات الآستانة الى اجل غير مسمى انعكاس حقيقي لهذه التطورات غير المفاجئة
قليل هو الاهتمام بالازمة السورية هذه الأيام، ولم يعد هناك من يتطرق الى انباء المعارضة السورية، او يأتي على ذكرها وفصائلها، سواء تلك المتواجدة في مدينة الرياض، مقر الهيئة العليا للمفاوضات، او في إسطنبول حيث مقر قيادة الائتلاف الوطني السوري.
انحسار الاهتمام، حتى لو مؤقتا، انعكس بشكل جلي في اعلان المتحدث باسم وزارة خارجية كازاخستان اليوم بتأجيل محادثات السلام حول سورية التي كانت مقررة بدئها الأسبوع المقبل في الآستانة برعاية روسيا وايران وتركيا، ومشاركة وفود تمثل فصائل المعارضة السورية المسلحة والحكومة السورية الى اجل غير مسمى.
الاهتمام حاليا منصب على المعركة الكبرى التي بدأتها قوات سورية الديمقراطية ذات الغالبية الكردية قبل يومين لـ”تحرير” الرقة، وإخراج القوات التابعة لـ”الدولة الإسلامية” منها بدعم امريكي بري وجوي.
فصائل الآستانة غير معنية، او بالأحرى، غير مسموح لها، بالمشاركة في هذه المعركة، والكلام نفسه ينطبق أيضا على تركيا التي ارادت ان يكون لها دور فيها، ولكن الولايات المتحدة رفضت هذا الطلب، وقررت الاعتماد على حلفائها الاكراد الذين زودتهم بأسلحة حديثة ومتطورة للقيام بهذه المهمة.
الأولوية المطلقة في المنطقة باتت محصورة في الازمات الجديدة التي سرقت الأضواء من الازمة السورية، وابرزها الصراع المتفاقم بين المملكة العربية السعودية والامارات ومصر والبحرين من ناحية، ودولة قطر من ناحية أخرى.
اللافت ان تركيا وايران انحازتا الى جانب قطر بشكل واضح وصريح، حيث أرسلت تركيا اكثر من خمسة آلاف جندي بمعداتهم الثقيلة الى قاعدتها العسكرية في قطر في اطار معاهدة الدفاع المشترك، بينما وضعت ايران كل موانئها ومجالاتها الجوية في خدمتها، مضافا الى ذلك انشغال القيادة الايرانية بالتفجيرين الإرهابيين اللذين ضربا العاصمة الإيرانية امس، وأعلنت “الدولة الإسلامية” مسؤوليتها عن تنفيذهما.
الازمة السورية بصورتها التقليدية التي احتلت العناوين الرئيسية طوال السنوات الست الماضية تراجعت الى المقاعد الخلفية، وبدأت تدخل مرحلة جديدة وبلاعبين جدد، قد لا يكون من بينهم الفصائل المسلحة الحالية، ولا الوجوه وقيادات المعارضة التي احتلت المشهد الإعلامي والسياسي أيضا، ولذلك لم يكن غريبا ان نقرأ انباء عن مطالبة الدول الراعية او بعضها لهذه القيادات بتخفيض نفقاتها الباذخة، ونقلها الى فنادق اقل نجومية من فنادقها الفخمة السابقة.
هذا هو حال الدينا وطابعها المتقلب.. ودوام الحال من المحال.. والمؤامرة تقترب من فصلها الأخير في سورية لتبدأ فصولا أخرى في أماكن جديدة.
-رأي اليوم-