أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


من يصدّق الاعلام  السعودي: الحرس الثوري الإيراني يحمي امير قطر !!

– أفق الصراع السعودي القطري (العميد حطيط)

بعد زيارة ترامب الى السعودية و ما احاطها من  صفقات و استعراضات و رقصات و…و الخ ، اعتقدت السعودية انها تلقت نهائيا من اميركا درع التبييت الإمبراطوري الذي يكرسها السيد المطلق في العالمين العربي و الإسلامي و منطقة الشرق الأوسط ، كيف لا و هي دفعت ثمن هذا الموقع الذي تحلم به مبلغا لم يكن يتخيله احد حيث  اغدقت على ترامب 460 مليار دولار في  اكبر عملية تعويم للاقتصاد الأميركي ، و انطلاقا من هذا الموقع الذي افترضت السعودية ان اميركا ثبتتها فيه ، وضعت السعودية نصب عينيها ايران معتقدة بوهم شديد و سطحي جدا ان اللحظة حانت لإسقاطها  و انها ستبدأ بتنفيذ تهديد بن سلمان بنقل الحرب الى الداخل الإيراني لإخضاعه.

لقد قاد الغرور السعودية الى افتراضات و تصورات لا يمكن لعاقل ان يناقشها نظرا لجفائها مع المنطق و الواقع ، ففي حين انها تتخبط في اليمن منذ سنتين ، و تعجز في البحرين  منذ 6 سنوات تعجز عن معالجة الثورة الإصلاحية السلمية ، تتنطح الى مواجهة ايران و تهددها بالحرب و المواجهة ، رغم ان عليها ان تعلم لو كان لديها فكر او قليل من منطق و قدرة ذهنية على التحليل و الدرس ، ان ايران التي استعصت على حرب صدام عليها و استعصت على الحصار و استعصت على العقوبات و تمكنت رغم كل ذلك ان تصبح رقما أساسيا و صعبا في أي معادلة استراتيجية إقليمية ودولية ، كان عليها ان تعلم ان صراعها مع دولة هذه قدراتها لن يفضي الا الى خسارة استراتيجية محتمة و لكنها أصرت على العداء و امعنت في سلوك عدواني ضد إيران كان اخر ترجماته عمليتان ارهابيتان نفذتا الأولى في مرقد الأمام الخميني قائد الثورة الإسلامية في ايران والثانية في مجلس الشوري(البرلمان الإيراني) .

في ظل هذه العمى الاستراتيجي السعودي ، انسلخت قطر – بقرار منها او بإيحاء أميركي و هو الأرجح – انسلخت عن الحشد السعودي في الرياض و بدل ان تنتظم في الصف خلف السعودية في العداء لإيران  سارت في الاتجاه المعاكس الذي يقودها الى طلب ود ايران بدل عدائها ، و هنا وجدت السعودية ان الخنجر القطري يغرس في ظهرها ، و يفسد عليها كلما صنعت ويقطع الطريق على خططها في القيادة و السيطرة ، و استعادت السعودية في لحظة حرجة كل تاريخها الأسود مع قطر و قررت الرد العنيف عليها بشكل زجري تأديبي يعيدها الى الحظيرة و يردع الاخرين من الدول ال 56 التي جمعتها السعودية في الرياض لتشهد على تنصيب ترامب لها زعيمة العالمين العربي و الإسلامي حسب ظنها .

لقد شنت السعودية و بسرعة فائقة حتى و من غير انذار حربا سياسية و اقتصادية و اعلامية و دبلوماسية على قطر ، توخت منها تركيعها في 24 ساعة او 48 على الأكثر ،و تثبيت زعامتها و ردع كل من يفكر بالخروج على تلك الزعامة ،  لكن الحسابات السعودية لم تتوافق مع الميدان ،اذ  انه  و رغم ان ترامب سارع لدعم السعودية في موقفها مبررا موقفه بان  قطر راعية و ممولة للإرهاب كما اشار في تغريداته و انها حاضنة للإخوان المسلمين و حماس الإرهابية وفقا للتصنيف الأميركي  فان هذا الدعم لم يؤد الى استسلام قطر امام السعودية و هي التي تعلم واقع الموقف الأميركي الحقيقي المنقسم بين مؤيد لها و مؤيد للسعودية و ان الدولة الأميركية العميقة في معظمها تحتضن قطر التي هي احدى اهم الأدوات الأميركية التي اشعلت الحريق العربي و مولت  و احتضنت الإرهاب الذي تستثمر فيه اميركا . فقطر مطمئنة الى ان اميركا لن تتخلى عنها ومطمئنة الى ان دورها في التقرب من إيران لن يغضب اميركا لانها لو علمت عكس ذلك لما فعلت.

لكن و من المضحك ان تبرر السعودية حربها على قطر بوصفها راعية للإرهاب ، و كان السعودية راعية للسلوك الملائكي ، فالسعودية و وهابيتها  و مالها و اعلامها هي الصلب و الأساس في كل الحركات الإرهابية و نشر سياسة التكفير العام الذي يترجم قتلا و تدميرا و تشريدا و انتهاك مقدسات  و اعراض ، و هي مع قطر تتنافسان في مجال دعم الإرهاب و تمويله ، و قد باتت هناك مسلمة ثابتة يتعامل معها كل معني بدراسة الإرهاب ، ان الدول الثلاث الأساس في المنطقة التي ترعى الإرهاب والتي  اضرمت نار الحريق العربي هي السعودية و قطر و تركيا، و بالتالي ان اتخاذ السعودية للإرهاب ذريعة للحرب على قطر هو امر يضحك الثكلى ، كما ان شروط سلمان ملك السعودية التي اودعها امير الكويت الذي جاء يسعى وسيطا لحل الخلاف و التي هي في معظمها تتصل بالإرهاب ما هي الا اقنعة يخفي بها شرطه الأساس المتمثل بالتسليم بالوصاية  السعودية و الامتناع عن أي اتصال بإيران الا في الحدود التي تسمح بها السعودية ، شروط تشجعت السعودية على صياغتها بعد ان  لمست ان ال 460 مليار دولار فعلت فعلها لدى ترامب الذي صاغ تغريداته بما يرضي السعودية و يدعمها في حربها هذه.

والان وبعد ان وصلت الأمور الى ما وصلت اليه، فان السؤال الذي يطرح هو ما مصير هذا الصراع الحاد الناشب بين الجارين العضوين في مجلس التعاون الخليجي والاداتين الأمريكيتين في حريق المنطقة ورعاية الإرهاب، سؤال يطرح مع تنامي الحديث عن اتجاه لدى السعودية بغزو قطر وعزل حاكمها لتنصيب دمية مكانه يكون خاضعا للرياض في كل شاردة وواردة، كما هو حال حاكم البحرين. فهل ستقدم السعودية على غزو قطر وتتطور حربها الى عمل عسكري؟

للوهلة الاولى ونظرا لطبيعة حكام السعودية وصفاتهم فان اتخاذ قرار بالغزو لا يكون امراً مستبعدا بخاصة مع وجود فئة من الحكام تتميز بالعجرفة والغرور والرعونة في التصرف دونما حساب للعواقب، فهذه الفئة لو كانت تملك حس التقدير الاستراتيجي الصحيح لما ارتكبت الفظائع في قرارات سابقة منها العدوان على اليمن، ومنها منع الإصلاح في البحرين. وفضلا عن ذلك فقد يرى حكام السعودية في قرار الحرب أيضا امتحان او فخ لإيران فاذا سارعت الى نجدة قطر والدفاع عنها عسكريا فإنها تقع في فخ نصب لها ونجت منه أكثر من مرة وان امتنعت عن النجدة ستقول السعودية ان إيران لا تحمي أحدا وان سيفنا يطال أينما نريد فتنتصر استراتيجيا.

رغم كل ما ذكر فان التدقيق في المشهد و تحليله بعمق يقودنا الى استبعاد مثل هذا الاحتمال فلا  غزو سيحصل و لا فخ سيطبق على ايران و سيبقى صوت الاعلام  السعودي القائل بان الحرس الثوري الإيراني يحمي امير قطر  في قصره كلام لا يصدقه الا البلهاء ،  فقطر ليست اكثر من محمية أميركية و خزان نفط و غاز و كنز مالي للغرب ، و اذا ارادت اميركا تغيير الحاكم فأنها ليست بحاجة الى عمل عسكري يحرج جنودها في القاعدة الامريكية في قطر ، فيكفي اميركا ان ترسل موظفا من سفارتها في الدوحة ليبلغ الأمير هناك بان عليه الرحيل فيرحل و يسلم الحكم لمن تختاره هي خلفا له .

وعلى هذا الأساس لا نرى حربا وغزوا او جبهة ثلثه تفتحها السعودية مع قطر، ويبقى الصراع بين الاداتين الامريكيتين مسيطرا عليه تحت السقف الأميركي تدور مجرياته على ايقاع المصالح الامريكية، ويسدد ترامب فأنوره ال 460مليار ب 3 تغريدات على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “توتير ” (دون ان يكون مضطرا لأرسال مبعوث او اصدار بيان)، وتستمر طمأنينة قطر الى الموقف الأميركي بعلاقتها مع المؤسسات الرئيسية دون ان تعبأ بالمواقع الهامشية على حد وصف وزير خارجتها. اما نتيجة الصراع فستكون تسوية تفرض على الطرفين ليس فيها وصاية سعودية على قطر لان اميركا بحاجة لتناقض الطرفين في الإقليم عملا بسياسة ازدواجية الاحصنة التي تلعب عليها في الان ذاته.

المصدر: البناء