أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


“الوكالة الوطنيّة”: من محرقة شراء الخدمات إلى الرَّحلات السِّندباديَّة

– شَخْصنَة في مؤسَّسة عامَّة.. (الياس ريمون رحَّال)

لقد كشفَت التّجاوزات في “تلفزيون لبنان” مَستورًا كان يُغطِّي – وبورقة التّين – تجاوزاتٍ “من فجٍّ وَغَميق” في وزارة الإعلام، وضمنًا في “الوكالة الوطنيَّة للإعلام”.

تلك الوكالة الّتي طَوَت الصَّفحة الأخيرةَ مِن أمجادِها مَع رِياحٍ أُطلقَ عليها عام 1998، “رياح التَّغيير”، وقد عصفت تلك الرّياح بأروقة “وزارة الإعلام” فانقلب التَّغيير “تعتيرًا”، لسوء حسابات في اختيار الأشخاص، وبدأت عندَها مرحلة الانحدار، بشهادة غالبيّة العاملين في “الوكالة”، من المخضرمين طبعًا، وليس فقط من الزُّملاء الّذين غُرِّرَ بِهِم بعقود “شراء الخدمات الإعلاميَّة”، بعيدًا من صلاحيَّة “مجلس الخدمة المدنيَّة”، والَّذين هُم بدورِهِم ضحايا الخطايا الإداريَّة المُميتة، كيلا نقول الفساد!

ومَع بروز العهد الجديد، باتَت كُلُّ شائبةٍ في أيِّ وزارة من الوزارات تحت المجهر، فيما لم يتحسَّب المسؤولون في “الوكالة الوطنيَّة للإعلام” لهذا الأمر، “مُتَوَكِّلين على مرجعيَّاتهم”، أو لاهثين وراء المرجعيَّات الدِّينيَّة لتثبيتِهِم في مواقعهم أطوَل وَقت ممكن.

ومِن مزاريب الإِهدار الرَّحلات السِّندباديَّة الَّتي تَقوم بها مديرة الوكالة بالتَّكليف لور سليمان صعب، والَّتي قد تتعدَّى الثَّلات سفراتٍ في الشَّهر الواحدِ أحيانًا، ما يطرحُ السُّؤال عن الجَدوى هذه السَّفرات على صعيد منفعة الوزارة. كما لوحِظ ازديادُ وتيرة سفراتِها في الآونة الأخيرة.

ومِن “بروتوكولات” رحلات العَمَل أنْ يعرِض المسافر بعد عودتِه لأَبرز مُنجَزَاتِه، أو للخبرة الجديدة الّتي اكتسبها في مقابل المبلغ المرقوم المأخوذ من خزينة الدّولة وعبر مخصَّصات وزارة الإعلام. غَير أنَّ رحلات المديرة بالتّكليف تتَّسم بصفة “الرّحلات السّياحيَّة”، حَتَّى باتَ يصحُّ أنْ يُطلَقَ عليْها عُنوان “الحركة بلا بركة”..!

وقَد جاءَت ذات يومٍ، تتباهَى أَمام وزير الإعلامِ الحاليِّ ملحم رياشي، بجائزةٍ حصَلَت عليها باسم الوكالة. فقال لها الوزير بلياقته المعهودة: “لا شكَّ أنَّك شكرْتِ جهود العاملينَ في الوكالة حين استلمت الجائزة باسمهم…”

غير أنَّ “السَّيِّدة لور” لا توفِّر فرصةً إلاَّ وتسعى من خلالها إلى تحصين وضعِها، مستفيدةً من كَون زوجها كاهنًا، ومِن دعم الإكليروس والكنيسة له…

ومن مزاريب الفساد أيضًا التّعاقد مع أفرادٍ، وفي شكلٍ استنسابيٍّ بعيد من الأصولِ المؤسّساتيَّةِ، لِشراء “الخدماتِ الإِعلاميَّةِ”.

تلكَ “الشَّخصَنَة” في إدارة الوكالة، قد تَسبَّبت للوزير ملحم رياشي “بتَرِكة” غيرِ مَحمودةٍ، ووضعَته بينَ ناري: الثَّواب والعِقاب في التَّعاطي مع المَسؤولين في الوزارة، وعدم تحميل ضحايا هذا التّعاطي من الشَّابات والشُّبَّان الجامعيِّين المزيد من الظُّلم بعدما وَعدتهم “السَّيِّدَة لور” بتسوية أوضاعهم، مُلقيةً على “غيرها” تَبِعات ما آلَت إليه ظروفُهم، وعدم تَقاضيهم رواتبهم منذ نيّفٍ وعام، إِلى أَنْ حُلَّت مُشكلة الرَّواتب بقرارٍ في مجلسِ الوزراء في جلسته الأَخيرة، فيما غادرَ مِن هؤلاء “المتعاقدين لشراء الخدمات” مَن غادر، بعدما رَفَعت لور في وجهِهم سلاحَها الدِّفاعيَّ الأخير “المباراة المَحْصورَة” مقابل تجديد الخدمات لعددٍ محدودٍ منهم!

تلك المُباراة الَّتي لو كانت مديرةُ الوكالةِ تُحسِنُ التّصرُّف الإداريَّ، لأَجرَتها قبل توقيع هؤلاء المُغَرَّرِ بهم عقودهم، وليس بعد نيِّفٍ وأربعِ سنواتٍ من توقيع العقود!

وإذا طالبَ أحد هؤلاء مقابلة مع الوزير كان ردُّ المديرة بالتَّكليف: “بدكن تظهرولو إِنُّو إنتو ضدِّي… ما أنا عن طالب بحقوقكن…”. وفي هذه الحال يعود هؤلاء أَدراجهم مُتَّكلين على تدبير “السِّتّ”.

ومرَّة جديدة تكون المُحصِّلة “شَخْصَنَة الإِدارة”.

ومن مزاريب الفساد أَيضًا السَّاعات الإضافيَّة ولوائح التَّكليف الشَّهريَّة المَمنوحة للمَحاسيب. إِذ كيف يُعقَل أنْ يَتقاضى مَن يَعمل “في دائرة الأَنباء الإِذاعيَّة” ثلاثة أيَّام في الأسبوع مع سبت وأحد مُداورة، بدل ساعات إِضافيَّة وهو لا يُكمل ساعات العَمل المفروضة عليه، فيما يُحرم من التّكليف مَن يعمل في دائرة أُخرى خمسة أيّام وبدوامٍ كاملٍ؟

أحد المحرّرين ويُدعى (ز.ح.) يتقاضى ساعاتٍ إضافيَّةً لقاء كتابةِ خطابات “السَّيِّدة لور” في المناسبات وتدريبها على أدائها. فهل ثمَّة شَخْصنَة في مؤسَّسة عامَّة تَتجاوز هكذا منحى في الإِدارة؟

وأمَّا عن الاستنسابيَّة في السَّماح بنشر الأخبار أو منع النَّشر فَحَدِّث ولا حَرَج… ما عادت الوكالة في “عهد لور” وكالةً لكلِّ النَّاس بل للمحاسيب.

هي وحدها، قَد تسمَح بنشر أيّ تغريدة لأصغر حزب مرخَّص له في الجمهوريّة اللبنانيَّة، وتؤخّر نشر خبر يتعلَّق بأكبر تكتّل سياسيٍّ إذا كانَ هذا التَّكتُّل لا يتماشى مع خطٍّ المديرة. لا معيار إذًا في النَّشر والحجب، ولا في حجم الخَبر وأَهميَّته، وإنْ لوحظَ بعضُ التَّغيير في الفترة الأَخيرة مع الوزير الرِّياشي، الَّذي يُعوَّل عليه الكثير في مجال المحاسبة والمساءلة والتَّغيير… والتَّطهر!.

وحدها لور، في يدها إِمكان الدُّخول إِلى برنامج المعلوماتيَّة لتصحيح خبرٍ بعد نَشرِه أو لتَعديله…

إِلى هذه الدّرجة هي تَثقُ بفريق عملها من المُحرِّرين ورؤساء الفترات العاملين في دائرة الأنباء العامَّة، وهم المسؤولون ميدانيًّا عن التَّحرير.

وأمّا حين تَحينُ المُساءلة، وتُرفَع دعوى على مندوبٍ أو المسؤول عن المندوبين (و. ع.) على خلفيَّة خبر خاطئ، فتتنصَّل المديرة حينئذٍ من مسؤوليَّتها، وتَعِدُ صاحب الشَّأن بمتابعة القضيَّة باتِّصالٍ مع “القاضي الفُلانيّ”.

ولا أحد يعلم، إِن كانت تَتَّصل فِعلاً!

تلك هي الحقائق الَّتي أضعُها برسمٍ وزيرٍ، وأُرسلُها مِن موظَّفٍ هَمَّشَتهُ لور سليمان وحجبَت عنه ما استطاعَت من حقوق. غير أنَّني لا أُطالب بحقوقٍ خاصَّةٍ ولن أُطالِبَ، وإنَّما أحصل على حقوقي حين تلفحُ رياح “الإصلاح والتّغيير” الحقيقيَّة، الوكالةَ الّتي منحْتُها شبابي، منذُ 1992 إلى اليَوم!