– خط الزلازل… خط العجائب (نبيه البرجي)
فات هيرودوت القول ان المنطقة التي تقع على خط الزلازل تقع ايضاً على خط… العجائب!!
اليست الاعجوبة ان يكون دونالد ترامب الذي كان ستيف بانون يجلس القرفصاء في رأسه، وقد اقنعه بأن الاسلام ايديولوجيا البرابرة، هو منقذ المسلمين من تلك الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ولا يغيب عنها القمر، والتي تدعى ايران؟
يا جماعة كفى ضحكاً على اللحى. هل الايرانيون كائنات فضائية وتنقض علينا من كواكب الاخرى بأسلحة ما بعد النووية، وما بعد الاشعاعية، ودون ان نستطيع مواجهتها الا اذا انضوينا (كما القطط المخملية) في سراويل الجنرالات؟
الايرانيون مثلنا، الا اذا اخذنا بنظرية ارنست رينان حول الفارق النوعي بين الآريين والساميين الذين نحن منهم (واليهود منهم)، واعتبرنا اننا لا نزال في ثقافة الناقة وهم دخلوا في ثقافة النانو…
الاعجوبة الاخرى هي ان العرب وحدهم الذين يتعاملون مع دونالد ترامب على انه بمواصفات الهية. الآخرون، بمن فيهم الاميركيون، يتحدثون في صحفهم الكبرى، وعلى شاشاتهم الكبرى، عن ضحالته، ومركنتيليته، وافتقاده الحد الادنى من الرؤية الاستراتيجية او الرؤية الفلسفية…
جاء بزوجته ميلانيا، وبابنته ايفانكا، في رحلة الى قرون غابرة. هنا الشرق ارض الف ليلة وليلة. لا شيء آخر، فهل لرجل مثله ان يعرف ان الحضارات الكبرى، وحتى الديانات الكبرى، ولدت على ايدي السومريين، وان البابليين بنوا الحدائق المعلقة لاستضافة الآلهة، وان النظام البرلماني ظهر في بلاد ما بين النهرين قبل ثلاثة قرون من ولادة السيد المسيح؟
حتماً دونالد ترامب لا يدري ان الحلى التي تركها العرب في غرناطة هي التي موّلت رحلة كريستوف كولومبوس الى العالم الجديد. لا يدري طبعاً ان المستكشف استعان بخارطة وضعها الادريسي ودوّن ملاحظاته عليها وهو يشق طريقه الى ذلك المجهول الذي عرف في ما بعد بالقارة الاميركية..
باحث في معهد استوكهولم قال لو ان الاسرائيليين انفقوا الاموال التي انفقها العرب على مدى نصف القرن المنصرم، للحصول على الاسلحة لاقاموا اورشليم الاخرى على سطح المريخ. ترامب قال للعرب: «لولانا لما كان لكم وجود على سطح الارض…»
لا يغوينا قطعا النموذج التيوقراطي في ايران، لكننا نصرّ على التساؤل «هل حقاً اننا نخاف من الايرانيين ام اننا نوظف الاثارة المذهبية لتستمر انظمة القرون الوسطى في الاطباق على المجتمعات وعلى الثروات؟».
كل الابواق تردد اسم ايران. ما تلك المعجزة التي تدعى ايران والتي تحتشد لمحاربتها الامبراطورية الاميركية، بترساناتها العابرة للقارات، العابرة للازمنة، اضافة الى 55 دولة اسلامية، دون ان ننسى اسرائيل التي منها ايضاً نفخ دونالد ترامب، ونفخ معه بنيامين نتنياهو، بالابواق…
الايرانيون افادوا من الخواء العربي، الخواء المريع، ليدخلوا الى المنطقة، وليلعبوا في المنطقة. ولكن اين هي الانظمة بعشرات آلاف الطائرات، وبعشرات آلاف الدبابات، وبملايين الجنود، التي لم تستطع ان تستعيد حفنة من ترابنا؟
مرة اخرى، الم يقل باراك اوباما ان «المشكلة فيكم». في القيم المغلقة، وفي المقاربة الميكانيكية للدين، وفي سوسيولوجيا العدم (ناعوم تشومسكي)، فهل تناهى اليكم ان دونالد ترامب تحدث، لو بعبارة واحدة، عن المثل الاميركية التقليدية، من ديمقراطية بنيامين فرانكلين، الى عدالة توماس جيفرسون، الى حرية ابراهام لنكولن. لاكلمة واحدة عن كل هذا. قال لنا ابقوا في الكهوف، وانا احميكم حتى من جدلية الازمنة، وانا اتولى تسويق الصراع ضد الغول الايراني الذي شرعت له بوينغ الاميركية ابوابها.
كوميديا اميركية. الدمى الضاحكة تنطق بالعربية الفصحى. غالبية دول الخليج لم توافق على ما حدث. كوميديا واسدل الستار.
المصدر: الديار