عَ مدار الساعة


أشباه الرجال

– حمانا الله من سخف امثالهم كي لا يُحسبوا علينا رجالاً (جورج توما)

***

في ما مضى كانت الرجال رجالاً، فالحرب تحتاج الى ان يقف الرجل امام خصمه، وجهاً لوجه ناظراً في عينيه، و يبارزه بالسيف او بالفأس وكل الأسلحة البيضاء، كان القتل يحتاج الى شجاعة، شجاعة النظر في عيني الخصم قبل قتله، وهذا عمل – وان كنّا لا نؤيد القتل الا دفاعاً عن وطنٍ او مجتمعٍ ومن خلال المؤسسات – يحتاج الى قدرة وإرادة وقوة. اما اليوم فأصبح أشباه الرجال او المخنثين، باستطاعتهم قتل الملايين من على بعد آلاف الاميال.

هذا فيما خَصّ الحرب، لكن السخف – وهو صفة السخفاء – اصبح صفة ذكور هذا العصر او أشباه الرجال، فمنهم من يتكلم العربية او اللبنانية بلهجة إنكليزية تثير القرف، و منهم من يتشدق بعلكة منذ الصباح وحتى المساء فيطربكم بفرقعة تدعو الى الاشمئزاز، أو يمضي نهاره ليكسب سمرة اصطناعية ممجوجة.

وفي ما مضى كان من يتكلم كلمة يقف عندها ، ويقول بكل فخر: انا قلت كذا وكذا وكذا او انا مسؤول عن كلامي.

اما اليوم فالجبن – وهو صفة الجبناء – اصبح له وجوه عديدة، وبدعته الاخيرة، استعمال “الفيس بوك”  بطريقة سلبية فيفتح احد الذكور، الذي يشبه النساء ويا ليته امرأة، او احدى الإناث، التي تشبه الذكور ويا ليتها رجلا، حساباً وهميّاً باسمٍ وهمي، ويطلق العنان لعقده، حتى لتحسبه يُبحر في زورقٍ، يمخر عباب بحر الكذب بسرعة أربعين عقدة او اكثر، ويتفنن في إظهار سفالته وحقارته كذباً وافتراءً وتزويراً وادعاءً.

اما مصيبة المصائب فأشباهه، الذين يدعمونه باللايكات فيشكلون اوركسترا وكورساً آلاتها الطربية الكذب ونوتاتها الافتراء والبهتان، ويرددون الكلام كالببغاوات، لا منطق ولا عقل، فكل ما اعطوه للبشرية، شدقاً يعلك او ردفا يهز، فهم ان أكلوا تصوروا وكأن الناس لا تأكل، وان عَطسوا تصوروا وكأن العطسة فناً من الفنون. وهؤلاء يشكلون مجموعات مجموعات، وزرافات زرافات، وهُم الى فصيلة الكلاب او الثعالب اقرب – لأن الأسود او النمور تكون في الغالب فرادى-  فضوضاؤهم كأصواتها، وتجوالهم كحالها، ولحسن حظنا ان سخافاتهم لا تتسرب من العالم الالكتروني او الافتراضي الى عالمنا، وإلا كنّا وقعنا على مصيبة اوكارثة حقيقية.

حمانا الله وحماكم من سخف امثالهم كي لا يُحسبوا علينا رجالاً، فالقانون لا يفرق بين الرجل ومدعي الرجولة، وهذه أيضاً من سيئات الديمقراطية وتحّدٍ للتكنولوجيا عسى ان تتوصل هذه الأخيرة قريبا الى آلةٍ يُعرض عليها المرء وبناءً على النتيجة يكتب على هويته، سيد او سيدة او شبه رجل او شبه امرأة والسلام.