حسان الحسن-
لم تكن خطوة حزب الله الاخيرة بتسليم مواقعه في سلسلة الجبال الشرقية الى الجيش اللبناني مرتبطة بأي تطور عسكري على جبهات أخرى، داخل سوريا او على جبهة المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وطبعا ليس لاي سبب آخر له علاقة بشأن سياسيٍ أو مالي او غيره ، بل جاءت هذه الخطوة بعد إتمام مهمة المقاومة في تلك المواقع الحدودية مع ريف دمشق الشمالي الغربي ، والتي هي إبعاد الخطر التكفيري الإرهابي عن تلك الحدود . وفي هذا الصدد يؤكد مرجع عسكري واستراتيجي أن إنسحاب المقاومة من “السلسلة”، أو من أي منطقة عمليات أخرى، هو دائما مرتبط فقط باسباب ميدانية وعسكرية لها علاقة بإنتهاء المهمة وليس لاي سبب آخر، على حد قوله .
تلك المهمة التي بدأها الحزب بحملة عسكرية في ربيع العام 2015، وأنهاها بعملية تفاوضية، بعد ضغوط ميدانية تخللها الكثير من الكر والفر ومن محاولات التسوية والتفاوض ، ولاحقا انتهى الامر بتسوية قادتها الدولة السورية و أفضت الى خروج المسلحين التكفيريين من منطقتي مضايا والزبداني الواقعتين غرب العاصمة السورية دمشق والمحاذيتين للأراضي اللبنانية الى ريف أدلب، مقابل خروج اغلب اصحاب الحالات الانسانية والصحية و عدد من العائلات من منطقتي كفريا والفوعة المحاصرتين في الريف الادلبي.
سيكون لهذه الخطوة بالطبع نتائج تستدعي من الدولة اللبنانية القيام باجراءآت ميدانية و عسكرية، فوحداتها العسكرية اصبحت على تماس مباشر مع وحدات الجيش العربي السوري المنتشرة في ارياف دمشق الغربية والشمالية الغربية وامتدادا الى جنوب القلمون الغربي ، ويمكن تحديد بعض النقاط الاساسية على الشكل التالي :
– بعد إنسحاب المقاومة من الحدود الممتدة على الجبال الشرقية، ، باتت الدولة هي المسؤولة عن الإنجاز الذي تحقق، و الذي لايمكن الحفاظ عليه من الناحية العسكرية الا من خلال إعادة تفعيل التنسيق مع الجيش العربي السوري، برأي المرجع العسكري والاستراتيجي المذكور اعلاه .
– بعد ان تسلمت الوحدات العسكرية اللبنانية تلك المواقع الحدودية، من الطبيعي ان يتم تنفيذ انتشار عسكري متماسك يهدف الى اقفال الحدود في تلك المنطقة بطريقة فعالة ، وعدم السماح بتسرب التكفيريين فشرقا او غربا ، ومنع تحويل لبنان ممراً ومقراً لاستهداف سوريا او لاستهداف الامن اللبناني الداخلي ، وذلك تطبيقا واحتراما للمعاهدات والقوانين الدولية الضامنة حماية الأمن القومي للدول المجاورة، خصوصا معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية .
– لاريب أن وقف العمليات العسكرية في المناطق الحدودية، بالإضافة الى عودة سلطة الدولة السورية الى اغلب المناطق الحدودية الشرقية مع لبنان ، يضع الحكومة اللبنانية أمام مسؤولياتها في قضية بدء إعادة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلادهم، وتخفيف عبء النزوح السوري عن كاهل المواطن اللبناني ، وهذا يدخل ايضا في دائرة ضرورة التنسيق المتبادل مع الدولتين .
– يبقى التحدي الامني والعسكري الاكبر على الدولة اللبنانية في السلسلة الشرقية، والمتمثل بالبؤرتين الارهابيتين ، لمسلحي “جبهة النصرة- تنظيم القاعدة في بلاد الشام، ولتنظيم “داعش” الإرهابي ، والمنتشرتين ما بين جرود عرسال ورأس بعلبك وجرود القاع ، على قسم من الاراضي اللبنانية وعلى قسم صغير من الاراضي السورية ، وحيث المقاومة – ولمحاذير و حساسيات مذهبية – لم تقدم على مهاجمتهما ومحاولة تحريرها اسوة بالمناطق التي دعمت الجيش العربي السوري في ذلك داخل سوريا ، تكون مسؤولية الدولة اللبنانية في ذلك كمن خلال استصدار قرار سياسي مدعوما بغطاء وطني واسع يكلف الجيش اللبناني انجاز هذه المهمة الوطنية الملحة لاكمال سيطرته على كامل اراضيه ، خصوصا – برأي مصادر سياسية سورية – بعد فشل المحور المعادي للمقاومة في محاولة محاصرة دمشق من الريف الغربي، أي جبال الزبداني وبلودان وسواها .
أضف الى ذلك، وبعد ان أصبحت اليوم بلدة طفيل بعُهدة الحكومة اللبنانية، بعد بدء المقاومة إخلاء مواقعها العسكرية وتسليمها للجيش اللبناني في جرود بلدة بريتال وصولاً إلى جرود بلدة النبي شيت والخريبة وسرعين ، فقد جاءت دعوة الامين العام لحزب الله حسن السيّد نصر الله في خطابه الأخير أهالي بلدة الطفيل اللبنانية ذات الغالبية السنية للعودة إلى بلدتهم، لتسقط مقولة التقسيم الديموغرافي، والتي كانت بمثابة سلاح لخصوم المقاومة يستغلها بعض الساسة اللبنانيين وغير اللبنانيين لتوجيه سِهامهم إليها ، فالبلدة التي أخلاها سكّانها قبل 3 سنوات بعد سيطرة جبهة النصرة على كامل بقعتها الجغرافيا، عادت الى حضن الدولة اللبنانية التي يستوجب عليها تأمين الامن و الحماية والرعاية وكافة متطلبات الحياة لتلك البلدة اللبنانية ، والتي تحتاج وبشكل اساسي وضروري الى طريق يصلها مباشرة عبر الاراضي اللبنانية حسب ما تقتضيه الجغرافيا والسيادة .
-موقع المرده-