حسان الحسن ـ
لا شك ان ما حدث ويحدث في محيط العاصمة السورية دمشق ان كان لناحية الضغوط الميدانية على حي القابون ومحيطه لناحية فصله عن حي برزة الى الشمال الغربي منه ، او لناحية مفاوضات التسوية الهادفة لإنسحاب المسلحين التكفيريين الذين يتبنون فكر “القاعدة”، خصوصاً “جبهة النصرة” و”فيلق الرحمن”، من الحيين المذكورين في محيط العاصمة تحديداً والتي تتضمن خروجهم مع عائلاتهم إلى مدينة إدلب، او إلى الغوطة الشرقية ، يصب ذلك في اطار توسيع حزام امن العاصمة السورية واستكمال الجيش العربي السوري تحريره لكافة مواقع سيطرة المسلحين .
من هنا ، أوقف الجيش السوري عملياته العسكرية في حي القابون موقتا، حتى تتبين نتائج هذه المفاوضات، والتي من المتوقع أن تنتهي خلال الأيام القليلة المقبلة، مع الاشارة الى ان الحي المذكور، والذي هو متاخم لمنطقة جوبر في الغوطة الشرقية، يعد من أكبر معاقل المسلحين التكفيريين، والذي يفصل بينه وبين القابون – برزة طريق دمشق- حمص الدولي المتصلة بالعاصمة دمشق من جهة ساحة العباسيين .
لا شك ان لاستعادة سيطرة الجيش السوري اكثر من اهمية، فمن الناحية المعنوية ، وفي 19 آذار الفائت، شن مسلحو التنظيمين المذكورين آنفا هجوماً على منطقتي “كراج البولمان” الواقع بين منطقتي جوبر و”العباسيين” ، وحينها تمكنوا في بادىء الامر من السيطرة على “الكراجات” وبعض كتل الأبنية المجاورة الواقعة شمال جوبر، واستطاعوا للوهلة الاولى إرباك المواطنين في العاصمة، خصوصاً بعد وصول القناصة التابعة للمسلحين الى أسطح المباني، و بالتالي إستهداف الآمنين في الأحياء المجاورة “للعباسيين”.
أما من الناحية الميدانية و العسكرية، سعى المسلحون حينها الى فك الحصار عن اماكن انتشارهم في القابون، ووصل القابون بجوبر، وامتلاك ميدان واسع، يضغط ويؤثر سلبا على مداخل العاصمة من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية، وايضا هدفوا الى السيطرة على بقعة حيوية تسمح لهم التحكم ناريا بطريق دمشق- حمص الدولي، والذي كان يحاول مؤخرا الجيش العربي السوري تفعيله بعد تأمين حزام امان كاف له، وهو غير مستخدم حاليا .
من جهة اخرى ، تلفت مصادر عليمة الى أن هناك اتفاق تسوية بشأن حي برزة الدمشقي يعمل عليه خلال الساعات المقبلة ، ويتضمن خروج المسلحين وذويهم إلى إدلب وجرابلس في شمال البلاد، على 8 مراحل ستتم تباعا، في حين رفض فصيل تابع لتنظيم “جيش الإسلام” الخروج من برزة، إلا أن أهالي الحي يطالبون مسلحي الفصيل بقبول التسوية، مشيرين إلى أن ذلك الفصيل من الغرباء القادمين من خارج الحي، وفقا لما ذكرت بعض وسائل الإعلام المطلعة على مسار مفاوضات التسوية المذكورة .
وتأتي هذه التطورات لناحية التسوية المذكورة لاسباب عدة واهمها، بالاضافة للتصدع الذي حصل في تماسك جبهة المسلحين بعد الاحداث والتصفيات المتبادلة بينها في الغوطة الشرقية، خاصة في بلداتها الغربية والجنوبية الغربية، يضاف اليها التقدم الهام للجيش العربي السوري في القابون وسيطرته على معظم الأنفاق في المنطقة وتمكنه من تطويق الحي و فصل الأحياء الثلاثة، برزة وتشرين والقابون، عن بعضها البعض، بعدما رفضت التنظيمات المسلحة في هذه الأحياء والتي تمثل “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام راهنا) و”فيلق الرحمن” لأية تسوية تتضمن خروجهم منها، بالاضافة ان القوات السوية تمكنت من تدمير أنفاق المسلحين بين جوبر والقابون، واستعادت كافة النقاط التي سيطر عليها المسلحون بعد خمسة أيام من بدء الهجوم المذكور آنفا .
من ناحية اخرى ، يتم العمل على تسوية تطال مسلحي هذين التنظيمين الموجودين في مخيم اليرموك جنوبي العاصمة، حيث يشهد أيضا خروجا لهم في إتجاه محافظة أدلب، بحسب المصادر المذكورة أعلاه، سبق ذلك خروج المسلحين من منطقتي الزبداني ومضايا غرب دمشق، وهكذا يستكمل الجيش السوري وحلفاؤه تعزيز طوق العاصمة، من خلال إبعاد مسلحي الفكر القاعدي الذين لم يشملهم “إتفاق الأحزمة الآمنة” في استانة وتجميعهم في أمكان محددة .
وعليه … تعتبر مصادر في المعارضة السورية، أن الحوادث الأمنية التي دارت في الاسابيع الفائتة بين جيش الاسلام من جهة وفيلق الرحمن وجبهة النصرة من جهة ثانية، تصب في شكل غير مباشر في خانة تعزيز “طوق العاصمة ، ويمكن ان تشكل – ودائما حسب المصادر السورية المعارضة – تقاطعا روسيا- سعوديا، لأن موسكو تسعى الى إبعاد مسلحي القاعدة عن العاصمة السورية، كذلك هناك مصلحة سعودية أن تكون الكلمة الفصل واليد الطولى لها في والغوطة والجنوب السوري، من خلال فرض تعزيز قوة جيش الاسلام ، والذي يعتبر أحد الأطراف الرئيسيين في مفاوضات استانة التي ترعاها روسيا وتركية والمدعوم من الرياض في هاتين المنطقتين على حساب المجموعات التي تعتبر انها خرجت من عباءتها واصبحت تحت العباءة التركية او القطرية ، الأمر الذي يريح موسكو، ويؤدي في الوقت عينه الى إخراج قطر من المعادلة.
-موقع المرده-