تسارعت التطورات الميدانية في البادية السورية بشكل واضح، خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، لتصبح الشغل الشاغل لدول عظمى، ما دفع الجيش العربي السوري لبدء تحركه المكثف بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء.
بدأ الجيش بالتوجه شرقاً لقطع الطريق على أحلام ومشاريع أميركية، ظهرت جلية ميدانياً عبر تحرك «مريب» جنوباً سرعان ما تطور إلى عمل مسلح لميليشيات مدعومة أميركياً تقدمت من الحدود الأردنية واضعة نصب عينيها دير الزور والحدود العراقية.
مصدر ميداني، تحدث لـ«الوطن» عن وصول تعزيزات عسكرية ضخمة، سورية وروسية بالإضافة لمجموعات من الأصدقاء، إلى مناطق في البادية السورية، في تمهيد ميداني، لن يطول حتى يتحول إلى عملية عسكرية كاملة والهدف منها الوصول إلى دير الزور، لإنهاء معاناة أهلها، وصولا إلى الحدود العراقية، موضحاً أن ما يحصل من تقدم ميداني في الوقت الراهن ليس سوى عمليات عسكرية محدودة.
يوم الجمعة الماضي قال رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودسكي: إن المهمة الجديدة للقوات الروسية في سورية، بعد الاتفاق على إقامة «مناطق تخفيف التصعيد» ستتركز على تقديم الدعم «للجيش السوري استعداداً لعملية عسكرية بالمنطقة الشرقية من تدمر لفك الحصار عن دير الزور»، مؤكداً أن القوات الفضائية الروسية ستدعم الجيش العربي السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية.
كلام رودسكي جاء بعد توصل الدول الضامنة في محادثات «أستانا 4» الأسبوع الماضي إلى اتفاق حول المبادرة الروسية يقضي بإقامة «مناطق لتخفيف التصعيد» في سورية، حيث أعربت دمشق عن تأييدها للمبادرة للحفاظ على الشعب السوري ووقف سفك دمائه.
الجيش العربي السوري، وبدعم جوي روسي وبالتعاون مع الحلفاء، سيطر خلال الأيام الماضية، على مساحات جديدة في شرق وشمال وجنوب مدينة تدمر، كان أهمها باتجاه مناجم خنيفيس، بالإضافة لـجبل الأبتر وعدد من التلال والجروف الجبلية الإستراتيجية المحيطة به والتي كانت أحد أهم مواقع ونقاط الإسناد الناري لتنظيم داعش الإرهابي.
وفي وقت سابق، كان الجيش سيطر على جبل المستديرة وحقل جزل النفطي غرب مدينة تدمر بريف حمص الشرق، ومنطقة الوادي الأحمر «التي تقع شرق ما يعرف بمنطقة صوامع الحبوب» وقصر الحلابات وهيئة تطوير الأغنام ومحطة كهرباء جنوب تدمر وعلى الطريق الممتدة من مدينة تدمر باتجاه قرية الصوانة على الاتجاه الجنوبي الغربي لمدينة تدمر.
محور إستراتيجي آخر، لا يقل أهمية عسكرية بالنسبة للمعركة، ألا وهو محور بادية الشام (شرق محطة تشرين الحرارية في ريف دمشق وصولاً إلى بادية درعا)، حيث دفع الجيش العربي السوري بمزيد من التعزيزات إلى المنطقة بهدف منع الميليشيات التي دخلت من الأردن من التوسع شمالاً وغرباً وفي نفس الوقت لدعم العملية العسكرية المرتقبة انطلاقاً من تدمر، وفق المصدر الميداني.
محاور التقدم لن تكون محددة على طول الخط الواصل بين ريف دمشق الشرقي والذي يؤدي إلى سلمية مروراً بتدمر وريف حمص الشمالي الشرقي، حيث تمكن الجيش والقوات الرديفة من إحراز تقدم مهم بناحية جب الجراح (شمال شرق حمص) باستعادة السيطرة الكاملة على مرتفع الرجم العالي الواقع شمال سلسلة جبال الشومرية، في الوقت الذي تتعرض فيه المنطقة الملاصقة لنقاط سيطرة داعش (في الشرق) وجبهة النصرة (في الغرب) بريف السلمية لمحاولات هجوم متكررة من عناصر التنظيمين.
الولايات المتحدة الأميركية ووفق تقارير إعلامية، نشرت مؤخراً، تسعى إلى إقامة «منطقة آمنة» في جزء واسع من محافظة درعا والقنيطرة تنفصل تدريجياً عن الدولة السورية، إضافة إلى تشكيل جيب «إستراتيجي» معاد يفصل العراق عن سورية من خلال السيطرة على المعابر بين البلدين؛ وهذا يتطلب سيطرة للميليشيات المسلحة على كامل المنطقة الممتدة من الحدود الأردنية وصولا إلى المنطقة الشرقية.
إذاً فإن التحرك العسكري (المزمع حصوله)، والذي سبقه إعلان روسي عنه (بمثابة الهدف الميداني الأعلى أهمية في الوقت الراهن)، تزامن مع تحرك ميداني للولايات المتحدة وأتباعها من الجنوب (الحدود الأردنية) بالتوازي مع تحركها في القامشلي (تحرك آلياتها بشكل علني)، ترافق مع تطور سياسي أفضى إلى اتفاق وقعت عليه الدول الضامنة في أستانا لإقامة «مناطق تخفيف التصعيد»، كل ذلك يعطي صورة عن التطورات الميدانية في الأيام والأسابيع القادمة والتي ستكون للمنطقة الشرقية والبادية السورية النصيب الأكبر، كما هو متوقع.
– الوطن-