أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


سليم عون: هدفان يصبو اليهما التيار.. وننتظر اجوبة الجميع حول قانون الانتخابات لنبني على الشيء مقتضاه

 كيف ستكون النتيجة لو اخرجنا الطائفية بالكامل بالقانون فقط وبقي اقتراعنا طائفياً لا بل مذهبيا؟
اقام مركز البحث العلمي في ازهر البقاع ندوة قانونية حول قانون الانتخابات النيابية، برعاية سماحة مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، وفي ما يلي كلمة المهندس سليم عون عن موقف التيار الوطني الحر من قانون الانتخاب :
ابدأ مداخلتي بشكر وتحية، شكر لمركز البحث العلمي في ازهر البقاع الذي اتاح لي فرصة المشاركة في هذه الندوة وفي هذا الصرح الديني الكريم بالذات، وتحية لكم اخوتي واخواتي المشاركين من محاضرين ومناقشين. سأحاول قدر المستطاع وبالوقت المتاح، شرح موقف التيار الوطني الحر من مسألة قانون الانتخابات النيابية، هذا القانون الذي انتظرناه 27 عاما وما زلنا ننتظر.
ايها الحفل الكريم،
نظام الجمهورية اللبنانية هو نظام برلماني، اذن تكوين السلطات يبدأ من مجلس النواب، ومجلس النواب هو الممثل الوحيد للشعب، هذا الشعب الذي هو مصدر السلطات. ومجلس النواب هذا، هو وليد انتخابات تجرى وفق احكام القانون، قانون الانتخابات النيابية. من هنا اهمية قانون الانتخابات النيابية، اذ هو المدماك الاول في تأسيس السلطات، ومن ثم في حسن عملها ومراقبتها. هذا بالاضافة الى ان لا استقرار بدون قانون انتخابات يريح كافة مكونات الشعب اللبناني ويؤمن الشراكة الوطنية الحقيقية وفق ميثاقنا ودستورنا، ولا بداية لاي اصلاح من دون هذا القانون ايضا، فهو اذن الممر الالزامي لبناء الدولة والحفاظ على الوطن.

salim-aoun

ايها الحضور الكريم،
لا بد هنا من ان استشهد بخطاب قسم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اذ جاء فيه: “إن أول خطوة نحو الاستقرار المنشود هي في الاستقرار السياسي، وذلك لا يمكن أن يتأمن إلا باحترام  الميثاق والدستور والقوانين من خلال الشراكة الوطنية التي هي جوهر نظامنا وفرادة كياننا. وفي هذا السياق تأتي ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية، وتطويرها وفقاً للحاجة من خلال توافق وطني. ذلك أنّها، في جزء منها، دستور، وفي جزء آخر، تعهدات وطنية ملزمة، ولا يمكن بالتالي أن يصار إلى تطبيقها بصورة مجتزأة، فينال منها الشحوب والوهن، ولا يستوي في ظلّها نظام أو حكم، ولا تنهض عنها شرعية لأي سلطة. فرادةُ لبنان هي بمجتمعه التعددي المتوازن، وهذه الفرادة تقضي بأن نعيش روح الدستور، من خلال المناصفة الفعلية، وأولى موجباتها إقرار قانون انتخابي يؤمّن عدالة التمثيل، قبل موعد الانتخابات القادمة.”
ايها الحفل الكريم،
هدفان يصبو التيار الوطني الحر الى تحقيقهما من خلال قانون الانتخابات النيابية، الهدف الاول وهو عام ينطبق على كافة الدول التي تعتمد النظام البرلماني وهو صحة التمثيل وعدالته والهدف الثاني وهو خاص بلبنان وبتكوينه وبرسالته وهوتطبيق الميثاق والدستور واحترام الشراكة الحقيقية بين جميع مكوناته.
وللوصول الى هدفينا، علينا توصيف مشكلتنا بشكل صحيح كي نستطيع مداواتها، فشكوانا من سائر القوانين الانتخابية السابقة يمكن تحديدها بشقين:
الشق الاول وهو ان بعض المذاهب والطوائف تختار نوابها بالكامل وتتقاسم مع آخرين مقاعد نيابية لمذاهب وطوائف اخرى، والشق الثاني هو انه داخل بعض المذاهب والطوائف هناك احتكارا للتمثيل بشكل آحادي او ثنائي. من هنا اعطينا في التيار الوطني الحر الاولوية لقانون اللقاء الارثوذكسي في النظام الطائفي واعطينا الاولوية للنسبية الكاملة في النظام اللاطائفي. لقد وجدنا في قانون اللقاء الارثوذكسي حلا كاملا لهاتين المشكلتين، حيث انه لن يعود هناك من طغيان او تداخل سلبي بين المذاهب والطوائف ولن يعود هناك اي احتكار لاي فريق سياسي على مذهب اوطائفة، فبقانون اللقاء الارثوذكسي ينتقل الصراع الى داخل كل مذهب وطائفة وينتهي بين المذاهب والطوائف، وتتحقق المناصفة بشكل كامل. ولا صحة في قول اننا ايدنا هذا القانون لاننا طائفيون او ان هذا القانون يعزز الطائفية، فهذه دائرة كسروان- الفتوح اليوم وهي دائرة مارونية بالكامل ونوابها الخمس موارنة واعضاء في تكتل التغيير والاصلاح و فخامة الرئيس كان احدهم، فهل سمع احدكم عن اي نائب منهم موقفا او كلاما طائفيا، لا بل بالعكس كل مواقفهم وخياراتهم كانت وطنية وبعض منافسيهم الذي كان خطابه السياسي طائفيا لم يستطع الوصول الى الندوة البرلمانية.
اما النسبية الكاملة، فوجدنا فيها ايضا الحل المناسب مع العلم بانها لا تؤمن المناصفة الفعلية ولا تحل المشكلتين الآنفتي الذكر بشكل كامل بل بشكل جزئي، وارتضينا تجاوز ذلك والتضحية لتسهيل الحل والوصول الى قانون جديد. مع الاشارة الى انه حتى بالنسبية الكاملة، يكبر الخلل في المناصفة او يصغر حسب حجم الدوائر، ففي الدائرة المتوسطة يكون هذا الخلل صغيرا الى حد يبقى مقبولا، لكنه يتزايد تدريجيا كلما كبرت الدوائر.

ايها الحضور الكريم،
بعد تعذر الاتفاق على اي منهما، وبعد الاختلاف العميق على طبيعة القانون العتيد بين مؤيد للنظام الاكثري بالكامل والمؤيد للنظام النسبي بالكامل، وبعد ان بدأ هامش الوقت يضيق وتفاديا للتمديد او لاجراء الانتخابات على قانون الدوحة، وبعد ان قام عدة اطراف باقتراح صيغ تجمع بين النظامين الاكثري والنسبي، حاولنا تقريب المسافات والوصول الى حل وسط باعتماد قانون يدخل النسبية ويكون على معايير موحدة تؤمن صحة التمثيل والمناصفة فاقترحنا ثلاث صيغ نوقشت الواحدة تلو الاخرى وكنا على قاب قوسين او ادنى من اعتماد احداها والصيغ الثلاث هي:
الصيغة الاولى، مختلط بالعدد اي توزيع المقاعد بين اكثري ونسبي تحت معيار واحد وهو المقعد الذي طائفته تفوق الثلثين يكون أكثري، وتحت الثلثين يكون نسبي.
الصيغة الثانية، المختلط بالمراحل أي التأهيل في مرحلة أولى على أساس أن كل طائفة تنتخب نوابها بالأكثري في دوائر متوسطة تجمع كل الطوائف، والمرحلة الثانية تكون على أساس النسبية في نفس الدوائر.
والصيغة الثالثة، المختلط بالتصويت الذي هو one person limited vote ويعتمد دوائر متوسطة، وهو يجمع بين النسبية الوطنية والأكثرية المناطقية، وميزته عصريته وأنه يسمح لكل فريق أن يترشح للانتخابات بمفرده وينال ما يمثله فعلاً.
وفي كل هذه الصيغ كان مطلبنا وحدة المعايير، مع إصلاحات انتخابية تشمل خفض العدد من 128 نائباً الى 108 كما نص اتفاق الطائف، اوأقلّه تصحيح التوزيع، وكذلك مشاركة المرأة من خلال الزامية اللوائح المختلطة، ومشاركة المنتشرين اللبنانيين عبر تخصيص 6 مقاعد مخصصة لهم كمرحلة أولى، اضافة الى اعتماد الورقة المطبوعة سلفاً ورقابة مالية وإعلامية فاعلة وإصلاحات أخرى.
ايها الحفل الكريم،
مرة جديدة لم نتوصل الى اي اتفاق، لكننا لم نستسلم، بل ثابرنا وتابعنا مستفدين من كل النقاشات والملاحظات وحتى التحفظات التي ابداها كل من الاطراف السياسية المعنية، حتى توصلنا الى صيغة جديدة تقوم على الجمع بين المواطنة والطائفية، انسجاما مع ما كان مطروحا من حل على طاولة الحوار والذي كان قد حاز على اجماع كافة المتحاورين لجهة العمل بالتزامن على انشاء مجلس للشيوخ على اساس طائفي وانتخاب مجلس للنواب على اساس وطني. وبانتظار تطبيق ذلك، وبما اننا على ابواب انتخابات نيابية وامام مجلس نواب مدد لنفسه مرتين، ولعدم الوصول الى الفراغ اقترحنا الذهاب الى انتخاب مجلس باعتباره مجلسين مجتمعين، المجلسين المزمع الوصول اليهما اي مجلس نواب ومجلس شيوخ. وبعد ذلك يكون لدينا متسع من الوقت لفصلهما وتحديد قانونين انتخابيين منفصلين واحد لكل منهما.
وبما اننا قد تركنا بعض الخيارات المفتوحة للنقاش كي نتشارك جميعا في تقريرها كتحديد الدوائر الانتخابية وحصر الصوت التفضيلي بالقضاء ام بالدائرة، وقد حصل هذا النقاش، فاننا ننتظر اليوم اجوبة من الجميع حول هذه الصيغة، حتى نبني على الشيء مقتضاه، مع علمنا بانه من الصعب على اي طرف من الاطراف ان يرفضه او بالاصح ان يبرر رفضه، وذلك لسبب بسيط وهو ان هذه الصيغة تلبي كافة المطالب التي كانوا اثناء النقاشات قد طالبوا بها، وتبدد كل الهواجس التي كانوا قد ابدوها، لا بل هي وليدة هذة المطالب وهذه الهواجس.
وفي الختام، للذين ينتقدون الجزء الطائفي من هذا القانون ولا ينظرون الى الجزء الآخر منه والذي يمكننا ان نعتبره بداية الطريق نحو المواطنة، اقول: نحن اول من يريد الخروج من الطائفية لكننا لا نريد ان نزيل الطائفية من القانون وهي باقية في الممارسة، لا نريد ان نزيل الطائفية من النصوص وهي باقية في النفوس.
وانهي بسؤال، اتمنى على كل واحد منا ان يفكربه،
كيف ستكون النتيجة لو اخرجنا الطائفية بالكامل بالقانون فقط وبقي اقتراعنا طائفيا لا بل مذهبيا؟