موسيقيات وموسيقيون يغنون فوق الآثار التي دمرها داعش في مدينة تدمر، وذلك في رسالة هدفها بعث النور في مدينة تاريخية وشّحها داعش بالظلام.
فوق أنقاض واجهة المسرح الروماني في مدينة تدمر الاثرية، تجلس الشابة أنجل ديوب لتغني “راجعين يا هوى، راجعين” بعد يومين على استعادة الجيش السوري السيطرة على المدينة من تنظيم داعش.
إلى جانب أنجل، يعزف موسيقيون آخرون على آلات القانون والعود والكمان والدف، ومن بعيد تسمع أصوات انفجارات بعضها نانت عن تفجير ألغام وأخرى لغارات ما زالت تستهدف مواقع التنظيم خارج المدينة.
وتقول انجل، التي لم تتجاوز الخامسة عشرة من العمر، لوكالة فرانس برس ،”قليل من الدمار لا يعيقنا عن المجيء والعزف والغناء على هذا المسرح رغم ما لحق به”.
وتضيف الفتاة، إحدى أعضاء فرقة “شام” الموسيقية، “أتمنى أن أغني وأعزف في كل مكان يخرج منه داعش الذي يكره الغناء ويحرّم العزف”.
فوق حجارة سقطت من واجهة المسرح الروماني، تغني أنجل الاغنية تلو الاخرى ويعلو صوتها مع أغنية “راجعين يا هوى”.
وتقول “غنينا راجعين لأننا سنعود أقوى مما كنّا لنعمّر سوريا”، مضيفة “كلّ منا يعيد إعمارها بطريقته، ونحن نريد إعمارها بالموسيقى والغناء”.
عند أحد أطراف المسرح الروماني تعزف ميساء النقري على آلة العود وتدعو الموجودين إلى التجمع حولها والغناء معها. تناديهم للصعود إلى المسرح وسط الحجارة الأثرية المتناثرة حولها.
وتقول المرأة وهي في الثلاثنيات من عمرها لفرانس برس “أراد تنظيم داعش أن يحرمنا من هذا المسرح، وأن يمنع عنا الغناء، وأردتُ أن أتحداه، وها أنا أتغلّب عليه”.
تدعو النقري، بمعطفها الجلدي الاسود وشعرها الاجعد المصبوغ باللون الاحمر الداكن، الموسيقيين الآخرين للانضمام إليها والعزف سوية، وتقول “داعش فكرة ظلامية، والموسيقى نور”، مضيفة “نحن هنا لنوصل صوت المرأة السورية المتحدرة من زنوبيا ملكة تدمر”، في إشارة إلى ملكة تدمر الشهيرة التي شهدت المدينة في ظل حكمها أوج ازدهارها في القرن الثالث بعد الميلاد.
وورد إسم مدينة تدمر للمرة الاولى في مخطوطات مملكة ماري في الالفية الثانية قبل الميلاد بحسب موقع اليونسكو، عندما كانت واحة لعبور القوافل وإحدى محطات طريق الحرير بعد سقوطها تحت سيطرة الرومان في النصف الاول من القرن الاول الميلادي، وإعلانها ولاية رومانية.
وأصبحت تدمر مدينة مزدهرة على الطريق التي تربط بلاد فارس بالهند والصين والامبراطورية الرومانية بفضل تجارة التوابل والعطور والحرير والعاج من الشرق والتماثيل وصناعة الزجاج الفينيقية.
وقبل بدء الأزمة السورية في العام 2011 كان أكثر من 150 الف سائح يقصدون “عروس البادية” الواقعة في قلب بادية الشام.
واستعاد الجيش السوري الخميس مدينة تدمر في محافظة حمص بعد طرد تنظيم داعش.
وكان داعش قد احتل المدينة مجدداً في 11 كانون الاول/ديسمبر بعد ستة أشهر على طرده منها المرة الاولى من قبل الجيش السوري.
وسيطر داعش على المدينة المرة الاولى في الفترة الممتدة من أيار/مايو 2015 حتى آذار/مارس 2016.
وأقدم التنظيم خلال الفترة الاولى على تدمير معبدي بعل شمسين وبل وقوس النصر وقطعاً أثرية في متحف المدينة.
ودمر مطلع 2016 التترابيلون الاثري والحق أضراراً بواجهة المسرح الروماني، الأمر الذي اعتبرته الأمم المتحدة “جريمة حرب”.
-فرانس برس-