أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


“بحصة الحريري”، تسنُد خابية مكسورة أصلاً!

إنقراض تدريجي لِ 14 آذار، وما يجمع مكوناته مصالح وإسترزاق (أمين أبوراشد)

***

لا نرى موجباً أن يستمر الرئيس سعد الحريري في أجواء “الأكشن” التي يضعنا فيها، منذ “إستُقِيل” في الرياض، مروراً بالصدمة الإيجابية التي حاول إحدَاثها، ثم التريُّث، فالعودة عن الإستقالة، ثم التصريح لوكالة “فرانس24” أنه سيحتفظ لنفسه بما حصل في السعودية، وسط غربلة أسماء “المُتَّهمين بالمؤامرة” في بيت الوسط، من أهل البيت والحلفاء، وانتهاء بموعد “بقّ البحصة” الذي لا ننتظره على أحرّ من الجمر، لأن بحصة الحريري لا تسنُد سوى خابية العلاقة الغريبة العجيبة مع القوات اللبنانية، وهذه الخابية “مشعورة” بالأساس، وقد تسرَّب منها المزيج، وانفصل كما الزيت عن الماء، بحيث ذهبت جماعة (الله، لبنان، حكيم وبس) تتهيَّب ما سوف بنطق به “زكريا”، وجماعة (الله، حريري، طريق الجديدة) بدأت حملاتها الإستباقية على مواقع التواصل مع منكِّهات مذهبية، أضاف إليها تصريح مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان نكهة خاصة أمس الثلاثاء، عندما طالب بوجوب إئتلاف أهل السنَّة لمواجهة الأخطار الآتية على لبنان!

مع تقديرنا لسماحة المفتي دريان، فإن هكذا تصريح، هو لزوم ما لا يلزم، لأن أهل السنَّة في لبنان بخير، وسيكونون كذلك بإذن الله، إلا إذا كان المفتي يُسوِّق لِـ “بحصة الحريري”، كي يكون لديها صداها في قعر القلوب السنِّية، متى “بقَّها” الحريري، خاصة إذا كان المتَّهم الرئيسي في الوشاية بالحريري هو قائد القوات أو رئيس الكتائب أو الإثنين معاً، لكن هذه الوشاية حصلت في أرض الحرمين الشريفين ولدى “ولي أمر” المسلمين وليست في الفاتيكان، لتتمذهب ردَّات الفعل الى هذا الحدّ!

أخطر ما في عملية “بقّ البحصة”، أن الحريري كان قرر مبدئياً أن يفعلها في برنامج “كلام الناس” مع الإعلامي مرسال غانم، وهي “بحصة كبيرة بالطبع” كما سبق وأعلن منذ يومين، وهنا تكمُن الكارثة الإعلامية لتداعيات هذه البحصة، لأن غانم يٌجيد العمل من “الحبّة قِبّة” ويحترف “بروباغندا التهييج”، وهو بحاجة لهذه الإستضافة للحريري وبِحصَتَهُ من على منبره، لإستعادة وهجه الذي إنطفأ بعد حركة “فرعنة الإصبع الوسطاني”، التي كانت لها ارتداداتها السلبية على تاريخه الإعلامي وهيبة إطلالته لدى البعض، وسيحاول غانم أن يجعل من الحريري “يبقّ البحصة” وكل ما حولها من حصى صغيرة، ليضرب غانم ضربته، ويُثبت أنه يبقى السبَّاق على الساحة الإعلامية، علماً بأن آخر همومه ما سوف يتشظَّى ويُصيب أعصاب الناس في الشارعين “القواتي” و “المستقبلي”، لذلك، من الأفضل للحريري عدم “بق البحصة” من على طاولة غانم، وأن يكتفي ببيان صادر عن مكتبه الإعلامي.

نعم، ليت الحريري لا يُبالغ كثيراً في سيناريو “بقّ” البحصة، وتحديداً من على منبر “كلام الناس”، لأن الإجماع اللبناني حوله خلال محنته، والدور الكبير الذي قام به فخامة الرئيس عون ودولة الرئيس بري لإنقاذ “رئيس حكومة لبنان”، ثم الإجماع اللبناني الحالي في التضامن مع القدس والقِمَّة الروحية التي سوف تجتمع في بكركي لهذه الغاية، ما يُحتّم على الحريري تهدئة إندفاعته وعدم تجييش الشارع السنِّي، والإكتفاء بقطع العلاقات مع مَن قال عنهم أنهم كانوا يدَّعُون أنهم يُهاجمون “حزب الله” ثم تبيَّن أنهم يستهدفونه!

على أية حال، هذه العلاقة القائمة منذ العام 2005 تحت شعار “لبنان أولاً”، وهذا الإنقراض التدريجي لوجود ما كان يُسمَّى 14 آذار، هو نتيجة حتمية لفريق سياسي لا تجمع بين مكوِّناته سوى المصالح الإنتخابية والإسترزاق من “بيت الحريري”، وبإعلان النائب بهية الحريري، خلال محنة إبن شقيقها، أنها سوف تكسُر أرجل البعض عن منازل آل الحريري ومكاتبهم، فإن أشرف ريفي رجله مكسورة من زمان، وفارس سعيد إنسحب “تكتيكياً” من على عتبة الدار، وفؤاد السنيورة مقدور عليه لأنه من أهل البيت، ويبقى الدكتور سمير جعجع والنائب سامي الجميل من الأسماء المحتملة في قفص الإتهام، عسى أن يكون “بق البحصة” آخر حلقات مسلسل “أكشن سعد الحريري” وبأقل قدر من الأضرار المذهبية على الشارعين الشعبيين، مع حسم مُسبق لنتائج الإنتخابات، بحيث لا مكان للقوات والكتائب في الدوائر ذات الأغلبية السنية، من عكار الى طرابلس وصولاً الى بيروت والبقاع الغربي ومحيط زحلة.

وإذا كان النائب سليمان فرنجية قد قطف من بيت الوسط ثمار الطلاق “المستقبلي” مع القوات اللبنانية والكتائب، فإنه قطفها على “قّد حجمه” الزغرتاوي بإعلان تحالفه مع “المستقبل”، لكن الثمن الأكبر الذي سوف يدفعه الطرف المسيحي القواتي- الكتائبي سيكون في منطقة الجبل، لأن وليد جنبلاط بالمرصاد لمن حاول أن يغدُر بالشيخ سعد، وقد يقطف التيار الوطني الحر ما سوف تخسره القوات والكتائب في الشارع السنِّي، لأن للرئيس عون فضلاً لن ينساه الرئيس الحريري، وكرمال عين فخامة ميشال عون تكرم “مرجعيون العونيين”…