- – ١٠ مليار دولار كمساهمات أميركية للمنظمات غير الحكومية في لبنان التي ينضوي معظم الناشطين في صفوفها تحت راية قوى 14 آذار***
غريب أمر ذاكرة اللبنانيين بشكل عام، والاعلام في لبنان بشكل خاص، الذي يتبارز على شاشاته يوميا بفتح ملفات الفساد في إدارات الدولة ومؤسسساتها وصناديقها، وهي التي سيشملها بكل الاحوال التدقيق الجنائي التشريحي في حسابات مصرف لبنان، فيما لا أحد يعير الفساد المستشري في القطاع الخاص اي اهتمام يذكر، وبالأخص بما يتعلق بالمنظمات غير الحكومية NGO’S التي تسمي نفسها، حقوقية غير ربحية (a local non profit non-partisan lebanese human rights organization ) وبخاصة ان تمويل هذه الجمعيات، معظمه يأتي من خارج الحدود، من حكومات دول وأجهزة استخبارات، وتجمل هذه الجمعيات صورتها وتخفي أهدافها الحقيقية تحت عناوين براقة مثل: الدفاع عن حقوق الانسان ونشر الديمقراطية، مثل المركز اللبناني لحقوق الأنسان CLDH : lebanese center for human rights الذي تأسس في لبنان في العام 2006 وهو يمثل استمرارية جمعية SOLIDA سوليدا- دعم اللبنلنيين المعتقلين تعسفيا، الناشطة منذ العام 1996 على مسائل الاخفاء القصري والاعتقال التعسفي، وهي تعمل اليوم على مشاكل التمييز والعنصرية وحقوق اللاجئين، وهي اختصاصات نعرف انها تجذب الأموال للجمعيات في لبنان، وجمعية CLDH هي من تلك الجمعيات التي تستغل النازحين واللاجئين منذ العام 2011، لتمويل ذاتها بأموال اقل ما يقال فيها انها مشبوهة، وتستخدم في النتيجة لأغراض سياسية بحتة، فيما الجمعية الوحيدة التي عملت بصدق وشفافية على ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، وكان قرارها كما تمويلها مستقل، غير تابع لأحد في الخارج، ووصلت الى نتيجة في هذا الشأن، هي (SOLIDE) Support of Lebanese in Detention and Exile ، وكان يترأسها المناضل الراحل غازي عاد.
إن ملف الفساد في لبنان وبعدما فتح على مصراعيه، لا يجب ان ينحصر بالمؤسسات العامة، فالمؤسسات الخاصة في لبنان وبخاصة غير الربحية منها كمنظمات حقوق الأنسان، هي الأكثر فسادا في لبنان، وعلى الدولة اذا ارادت الحفاظ على سيادتها ان تضع حدا لهذا الفلتان وتنظم هذا القطاع وتراقب أعماله كما مصادر تمويله.
توحي المنظمات “غير الحكومية” في لبنان، بأنها جمعيات من المجتمع المدني المحلي لإخفاء فسادها السياسي والمالي عن الناشطين المحليين في الجمعيات والمنصّات الأهلية وعن الشباب والغاضبين ضد منظومة فساد النظام والطبقة السياسية، في حين ان نشاط المنظمات “غير الحكومية” المحموم، يقوم على إيهام الغاضبين من الفساد والانهيار، بأنها مستقلة تسعى إلى التغيير، مع العلم انه من الواضح انها تستخدم كأدوات سياسية تابعة لحكومات غربية، وهي اكثر من ان تعد وتحصى، وانكشفت اهدافها بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، وبعدما اوكلت الدول الغربية “المساعدات” وتوزيعها إلى ناشطين تابعين لها، بذريعة الحرص على إيصالها إلى المنكوبين في حادثة تفجير المرفأ من دون وسيط حكومي مشبوه، فسادت الفوضى العارمة التي يحاول الجيش اللبناني الحدّ من استفحالها، ما يدل على أن اختيار منظمات بعينها هو رافعة إضافية لها، ولا علاقة له بمصلحة المنكوبين، أملاً بتعزيز نفوذ الغرب في صدارة الحراك الشعبي ضد فساد الطبقة السياسية، حتى لو أدى ذلك الى انهيار النظام السياسي والاقتصادي برمته.
أما أكثر ما يدين هذه الجمعيات ويلغي إمكانية الشك عندنا، فهي شهادة السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، خلال وصفه للوضع في لبنان إثر الاحتجاجات الشعبية، أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي، التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، في جلسة بعنوان “ما هو التالي للبنان؟ دراسة تداعيات الاحتجاجات الحالية”، دعا فيها إلى توظيف هذه الاحتجاجات من أجل تحريض الشعب والجيش اللبنانيين على حزب الله في محاولة ابتزاز واضحة بربط الدعم الأميركي للجيش والدعم الدولي لاقتصاد لبنان، بعزل الحزب ورفض سياساته داخل الحكومة، وخصوصاً المتعلقة بخيار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي أو لجهة التحالف مع محور المقاومة في المنطقة. كما نبّه فيلتمان إلى عدم التخلي الأميركي من لبنان لأن روسيا وإيران وربما الصين ستملأ هذا الفراغ، وسوف تسيطر روسيا كلياً على شرق وجنوب البحر المتوسط.
إذا حاول فيلتمان تحريض الشعب والجيش اللبنانيين على حزب الله في محاولة ابتزاز واضحة بربط الدعم الأميركي للجيش والدعم الدولي لاقتصاد لبنان، بعزل الحزب ورفض سياساته داخل الحكومة، وخصوصاً المتعلقة بخيار المقاومة، كما كشف فيلتمان ايضا، ان الادارات الاميركية المتعاقبة بعد انتصار لبنان بتموز ٢٠٠٦، ولغاية العام ٢٠١٩، قدمت ١٠ مليار دولار كمساهمات للمنظمات غير الحكومية في لبنان والتي ينضوي معظم الناشطين في صفوفها تحت راية قوى 14 آذار.