عَ مدار الساعة


ماكرون يوبّخ، السفلة ينصاعون وعون ينتصر (شربل عبدالله)

يا سياسيّي لبنان، هل كان ضروريّاً أن يأتيكم رئيس دولة أجنبية بالقوّة لتجتمعوا على الطاولة نفسها؟ هل تفرحون بأن تملي دولة أخرى أوامرها عليكم لتنفّذوا؟

ما أسخفكم، لا بل ما أسفلكم.

دعيتم مراراً وتكراراً إلى طاولة الحوار في بعبدا فتكبّرتم، وقررتم خوض معركة شرسة ضد رئيس الجمهورية العماد عون.

فما كان من الرئيس ماكرون إلّا أن أتاكم بالجزمة وفرض عليكم كلّ ما طالب به الرئيس عون… فقبلتم “متل الشاطرين” رغم الإمتعاض الواضح على وجوهكم ومرارة الخسارة المنطبعة في نفوسكم.

نعتّم الرئيس بالتابع والخاضع لدول أجنبية، فظهرتم أنتم غير قادرين على إتخاد قرارات والتصرف إلا بأوامر خارجية. لم تخسروا كرامتكم فحسب، بل أيضاً ما تبقّى من رجولتكم الناقصة وأخلاقكم الباهتة.

قدّمت إليكم فرصة الإصلاح والتكفير عن ذنوبكم محتفظين بكرامتكم (أو ما يوازيها)، فكشّرتم عن أنيابكم الزائفة وتصرفتم كالهمج تنفيذاً لأجندات خارجية، وانقضيتم على العهد بكامل أسلحتكم وشعاراتكم وأموالكم وإعلامكم البائس، غير الشريف… ومع ذلك لم تتمكنوا من الإطاحة بالرئيس الجبّار، بل زدتم إصراره وعناده لإكتشاف الحقيقة ومحاربة فسادكم.

فأتتكم الضربة القاضية على يد من استنجدتم به وذللتم أنفسكم أمامه مطالبين بقيامه بإحتلال البلاد وإزاحة عون من مركزه، على يد الرئيس الفرنسي ماكرون.

سقطت مطالبكم الوسخة أمامه :

  • فوجد فكرة الإنتخابات المبكرة غير ضرورية لفرض الإصلاحات، فالسلطة الحالية حصلت على ثقتها من الشعب، ولا أحد يحقّ له إسقاطها قبل إنتهاء مدة حكمها.
  • شدّد بمطالبة عون بالتدقيق الجنائي، فسارعتم لتوقيع العقود التي عرقلتم إنجازها لأشهر عديدة.
  • نسف الثورة غير المنظمة والضائعة واعتبرها مجرد مظاهرات بائسة لمحاولة إسقاط الرئيس وتشويه سمعة التيار الوطني الحرّ.
  • رفض مواجهة حزب الله بالقوة واعتبره شريكاً في الوطن يمثّل فئة كبيرة من الشعب اللبناني.

سقطت إتهاماتكم الباطلة ضد رئيس الجمهورية، وأتت صرخة أهالي بلدة جاج و مطالبة الشعب للرئيس الفرنسي بدعم نظيره اللبناني في محاربة الفساد “شحمة على فطيرة”، فأكدت للرئيس ماكرون صحة خياره بدعم العماد عون والتأكيد على مطالبه.

“لا تطالبوني بأن أسلب منكم حرّيتكم وأنتدبكم”، هكذا ردّ ماكرون قبلاً على مطلب الأنتداب، ولكن هل تعلّم السياسيّون الفاشلون والتابعون درسهم؟ الواضح هو العكس. فلم يخطر لهم الإحتفاظ بحرّيتهم، بل راحوا ينتظرون أوامر دولةٍ أو أخرى، يسمّون مرشّح دولةٍ أو أخرى في محاولة ل”نكاية” فريق السلطة وباعوا وسائلهم الإعلامية الرخيصة لنشر الأحقاد والفتن، فما ارتدّت هذه الخطوة إلّا عليهم وكلّفتهم المصداقية والإحترام.

الرئيس عون سئم ألعابكم الطفولية وتصرّفاتكم الغبيّة، فمن اعتاد الحرية، الشرف والكرامة لا ينزل لمستوى من باع نفسه لدول خارجية وأصبحت قراراته مرتهنة لمصالح تناقض مصلحة وطنه. لعلّ هؤلاء لا يعرفون ما فعلوا، فمن يفتقر للوطنية يجرَّد من قيمه وأخلاقه ويصبح مجرّد بيدق في لعبة شطرنج أكبر منه. والبيادق تقدّم كتضحيات لا معنى لها في لعبة إقليمية عالمية.

يا سياسيّي لبنان، يا من لا يستحقّون كلمة من الشعب الحرّ، إلزموا حدودكم ولا تعترضوا طريق من يطالب بوطن سيّد، حرّ ومستقلّ؛ فإن عدتم الكرّة، عدنا بقوّة جارفة ناقمة لا تعرف الرحمة والتساهل مع المجرمين.

اعتدلو للحقيقة الساطعة كالشمس، فهي تحرّركم.