النقطة الأهم هي التحقيق والمحاسبة
اذا لم تصل الدولة الى نتيجة وتحاكم المسؤولين يعني أنه لا يوجد أمل ببناء دولة
تعاطي الدول مع الحادثة فرصة يجب ان يستغلها اللبنانيون
هناك أزمة نظام وكيان وأحيانا الفساد والإهمال تكون نتائجه تراكمية أو مدمرة
أشار الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، إلى أنه “نحن أمام فاجعة كبرى بالمعنى الإنساني والوطني وبكل المعايير. هناك أكثر من 150 شهيدا، الأغلبية من اللبنانيين وعدد ملفت من السوريين وجنسيات مختلفة، آلاف الجرحى وعشرات المفقودين وعشرات آلاف العائلات التي خرجت من منازلها التي تأثرت بفعل الإنفجار، وآلاف الذين تأثرت أرزاقهم وحالة الخوف الشديد التي دخلت الى قلوب الملايين، المباني التي اهتزت حيث ظن الناس أن هناك زلزال ضخم أو أن هناك إنفجار في حييهم”.
ولفت نصرالله إلى أننا “امام حادث لهم نتائج إنسانية كبيرة وتداعيات إجتماعية وصحية وإقتصادية. عمليا مرفأ بيروت دمر بشكل كامل، وإعادة بنائه والتداعيات الإقتصادية لهذا الأمر تزيد من الأزمة الإقتصادية والمالية في البلد.
أتقدم أولا بمشاعر المواساة والعزاء لكل عوائل شواهد”، موضحاً أن “لبنان عادة مؤثر طائفيا لكن هذا الإنفجار كان عابرا للطوائف والمناطق، والأذى لحق بكل الأحياء والمناطق. بيروت مدينة كل اللبنانيين. وأسأل لأهالي الشهداء الصبر والتحمل والشفاء العاجل لكل الجرحى والمصابين وأن يلهم الجميع الصبر وقدرة على الصمود والتحمل”.
كما شدد نصرالله على أننا “أمام هذا النوع من الأحداث الإستثنائية في تاريخ لبنان المعاصر، تحتاج الى تعاطي استثائي على المستوى النفسي، السياسي، الإعلامي… كل التعاطي يجب أن يكون كبيرا نتيجة عظمة هذه الحادثة. اللسان يعجز عن التعبير عن المشاعر إتجاه الأهل والأحباء والتعبير عن التعاطف والألم والحزن والأسى والتضامن والوقوف الى جانب بعضنا البعض”، منوهاً بأن “أمام هول الحادثة وتداعياتها كان هناك مشاهد عديدة. أولا المشهد الشعبي الى جانب الدولة، الأجهزة الصحية الدفاع المدني والإنقاذ.
الجميع نزل على الأرض ولكن الملفت هو الحضور الشعبي السريع للكثير من الهيئات والمؤسسات المدنية الشعبية لمساعدة أجهزة الدولة لأن هذا الموضوع أكبر من إمكانيات الدولة، بالاضافة الى المستشفيات والأطباء والممرضين والتبرع بالدم. هذا التضامن إستمر لرفع الأنقاض والتنظيف، ولا زلنا نشهد حضور الكثير من المتطوعين والبلديات والمؤسسات الدينية. وهناك وعائلات أعلنت عن تقديم منازل لإيواء من فقدوا منازلهم. رغم كل الأزمات رأينا مستوى من التعاطف والتضامن”.
وأكد نصرالله أن “هذا دليل الضمير والحياة والروح والأخلاق والحس الوطني والإنساني لدى شعبنا. حزب الله من اللحظة الأولى حضرت مؤسساته وناسه وهيئاته وإتحادات البلديات الممثلين نحن فيه ولم يقصروا، والحزب بكل امكاناته وأفراده وقدراته البشرية والمادية بتصرف الدولة والحكمة والوزارات وكل شعبنا وأهلنا الذين لحق بهم الأذى. أؤكد على مشروع الإيواء وأتمنى أخذه بالجدية المطلوبة، كل عائلة فقدت مسكنها وتحتاج الى وقت لترميم او تجهيز هذا المكسن وتحتاج الى بديل مؤقت نحن مستعدون بالكامل لمساعدة هذه العائلات من خلال هذا المشروع. ولا يجوز أن تكون هناك أي عائلة في الشارع أو تشعر أنها عبء على أحد”.
بالتوازي، أشار نصرالله إلى أن “المشهد الثاني كان مشهدا خارجيا أي مواقف الدول والحكومات والمرجعيات الدينية مسيحية وإسلامية وقوى سياسية وحركات مقاومة، نخب وإعلام وأحزاب. شهدنا مستوى كبير من التعاطف والإعلان عن الإستعداد لتقديم مساعدات، خصوصا أن أميركا كانت تتكلم بوضوح عن حصار وليتها تحاصر فريقا وليس شعبا وبلدا”، منوهاً بأن “الدول التي أرسلت مساعدات جميعها مشكورة، كما أتت وفود من دول عديدة أبرزها زيارة الرئيس الفرنسي وننظر بإيجابية الى كل مساعدة وزيارة الى لبنان، خصوصا أذا مانت تأتي في إطار الدعوة الى لم الشمل والتعاون بين الأفرقاء. نحن نريد التركيز على الجانب الإيجابي، وأن ننظر الى هذا النوع من الزيارات الى جوانبها الإيجابية.هذا يفتح فرصة امام لبنان دولة وشعبا للمساعدة أو فتح الباب للخروج من حالة الحصار والشدة”.
وأفاد نصرالله بأن “المشهد الثالث هو المشهد السياسي اللبناني الداخلي والخارجي: في العالم. عندما تحصل فاجعة كبرى الجميع يجمد صراعاته ونزاعاته وحساباته الخاصة ويترفع عن ذلك ويتعاطى من منطلق أخلاقي وإنساني لتجاوز الفاجعة وبعدها تعود لفتح الدفاتر. إلا أن ما حصل في هذا الموضوع في لبنان للأسف الشديد، منذ الساعة الأولى للفاجعة خرجب بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية وبعض القوى السياسية عبر وسائل التواصل وتصريحات مسؤوليها، وحسموا الرواية مسبقا أن الذي إنفجر في العتبر في المرفأ عبارة عن مخزن لصواريخ حزب الله، وعندما قالت جهات رسمية أنه لا يوجد سلاح أو قنابل بل نيترات تستخدم لأهداف زراعية أو صناعة متفجرة قيل أنها لحزب الله وهو يخزنها لـ 6 سنوات، بمعزل أن التفجير حصل في المرفأ هو حادث عرضي وأن هناك شيء أدى له مثل حريق أو حادث مدبر سواء أن هانك من قام بعملية تفجير أو طيران قصف صاروخ. بالنسبة لهؤلاء لم يعنيهم هذا الأمر المهم أن المخزن للحزب. لماذا؟ لكي يقول للشعب اللبناني وأهل بيروت وضواحيها أن الذي دمر بيوتكم وأملاككم وقتل أولادكم هو حزب الله وهو يتحمل المسؤولية”.
ولفت كذلك إلى أن “في هذا الأمر ظلم وتجني وذلك يحتاج الى نقاش. نحن جزء من المقتولين والمجروحين، لدينا شهداء وجرحى. ولدينا مشاعر صادقة ومخلصة إتجاه ما حصل، وفي الوقت نفسه نحمل آلام المظلومية. هناك مظلومية اتهامية دون تحقيق. بعض وسائل الإعلام من الصباح ولغاية الآن مصرة على أن المخزن للحزب والمتفجرات والنيرتات للحزب. هذا طبعا تجن كبير جدا”. وأفاد بأنه “إستخدموا طريقة إكذب حتى يصدق الناس. من الممكن أن يكون البعض قد صدق هذه المحطات التي لديها تاريخ في الكذب وقلب الحقائق. البعض قال أن هذا الأمر لا يستحق الوقوف عنده، ولكن احتراما للعقول والرأي العام أنفي نفيا قاطعا مطلقا أن لا شيء يعود لنا في المرفأ والتحقيق سيثبت ذلك”.
وفي السياق، شدد نصرالله على أن “البعض ذهبوا الى موجة أخرى عندما رأوا أن أغلب التعليقات والمعطيات، حتى ترامب في البيت الأبيض سار مع جو القنبلة، لكن أميركا تراجعت عن هذا الموضوع وأغلب الصحافة الأجنبية أيضا، وبقيت بعض المحطات المحلية والعربية. أي وسيلة حريصة على شيء من مصداقيتها عندما ترى أن هناك كذبا واضحا تنسحب وتبحث عن عنوان آخر. البعض انتقل الى مستوى آخر من الكلام وهو أن الحزب يتحمل المسؤولية لأنه يتحكم بالمرفأ وهذا أيضا كذب، نحن لا ندير ولا نسيطر ولا نتحكم بالمرفأ ولا نعرف ماذا يوجد فيه. نعرف مرفأ حيفا أكثر من مرفأ بيروت. مرفأ بيروت ليس مسؤوليتنا بل مرفأ حيفا لأنه جزء من الإستراتيجية الدفاعية عن لبنان”.
ونوه بان “التحقيقات جارية والحقائق ستظهر سريعا والتحقيق الجنائي والأمني يمكن أن يحدد الموجودات في المخزن وطبيعة المواد وكيف حصلت عملية التفجير، وهذا الأمر لا يحتاج الى وقتا طويلا، وعندما تظهر الحقائق أتمنى من الرأي العام في مختلف المناطق أن يحاكم وجدانيا هذه المحطات وأن يحكم عليها من خلال مشاهدته لها لاحقا. عندما يصبح لديكم علم أن هذه محطات ليس لها مصداقية إعلامية عليكم أن تقاطعوها وهذا أهم عقاب لها”. ولفت إلى أنه “في المشهد السياسي أيضا رأ]نا إستغلالا سياسيا للحادثة، من لديه مشكلة مع العهد والحكومة وقوى سياسية أخرى وأيضا معنا. أنا لا أريد الدخول في سجال مع أحد، أخلاقيا ووطنيا وإنسانيا اللحظة لست لحظة حسابات بل تضامن وتعاطف ولملمة جراح ورفع الأنقاض وحسم مصير المفقودين ومعالجة الجرحى وسماعدة الناس للعودة الى بيوتها. لأيام البلد يحتاج الى هدوء وتعاطف وبعدها نحكي بالسياسية وحقائقنا قوية. في هذه اللحظة لا أريد أن أساجل أحد. الأولوية للتعاطف والتضامن والتعاون للعوبر من الألم والمأساة وضوع الأمور على السكة”.
وأوضح أن “النقطة الأهم هي التحقيق والمحاسبة. هذه حادثة ضخمة وخطيرة. اولا هناك تحقيق يجب أن يحصل، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب طالبوا بتحقيق حقيقي وجدي وقوي، وكل من تثبت مسؤوليته عن هذه الحادثة سواء مدبرا أو مهملا أو فاسدا أو مقصرا، سيحاسب كائنا من كان. ما يتطلع اليه اللبناينون الآن هو العمل والجهد. نعم يجب أن يحصل تحقيق كامل وعادل ونزيه وأن يحاكم ويعاقب وينزل أشد أنواع العقاب العادل بحق من يحمل المسؤولية”. وأفاد بأنه “نحن من الأصوات العالية التي تتطالب بهذا الأمر. لا يجب حماية أو تغطية أحد أو أن تخفى الحقائق عن أحد. لعدم لحظ الحسابات والتوازنات الطائفية والمذهبية، المقصر يجب أني حاسب على أساس مكا قام به وليس على أساسه مذهبه أو ديني أو على قاعدة 6 و6 مكرر”.
بالتوازي، أكد نصرالله أنه “كما ان الحادثة استثنائية الدولة كيف تتعاطى مع الحادثة هو تعاطي مصيري. الموضوع موضوع الدولة أي السلطة التنفيذية، القضاء، الجيش وحتى مجلس النواب. الجميع لديه مسؤوليه اتجاه المحاكمة والمحاسبة. هذه فاجعة لا يجوز أن تطيّف وتمذهب وتسيس، حادثة وطنية بإمتياز كيف تتعاطى معها الدولة له ناتج مصيري هو أن الشعب على ضوء التعاطي مع هذه الحادثة يمكن أن يحسم اذا هناك دولة في لبنان أو لا، اذا في أمل ببناء دولة أم لا”، لافتاً إلى أنه “إذا لم تستطع الدولة أو الطبقة السياسية الوصول الى نتيجة وتحاكم المسؤولين في هذا الملف، هذا يعني أن الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة لا يوجد أمل ببنائها”.
وأوضح نصرالله أن “كل الدعوات لمحاربة الفساد التي كانت تصطدم بقاض غير نزيه أو وضع الملفات في الدرج، هذه القضية “شو” حتى إن كانت نتيجة طيران أو عمل مدبر، هذه المواد في المرفأ منذ 6 سنوات بالتالي هناك جزء من الموضوع تقصير وفساد”، لافتاً إلى أن “الموضوع بهذا الحجم حتى لا يقال أنها فاجعة. هذه حادثة لا يمكن أن تنسى أو أن يسمح بالتغافل عنها، يجب أن تعرف الحقيقة ويحاكم من هو مسؤول عنها بدون أي حمايات. غير ذلك هناك أزمة نظام وكيان، لذلك أدعو المسؤولين في الدولة الى أقصى الجدية والعزم سواء في متابعة التحقيق أو المحاكمة وتحميل المسؤوليات وإنزال العقاب بكل مسؤول لإعطاء أمل للشعب بأن هناك دولة أو أن تقوم دولة على قاعدة الحقيقة والإنصاف. أحيانا الفساد والإهمال تكون نتائجه تراكمية أو مدمرة مثل الحادثة التي حصلت خلال ثواني”.
وأشار نصرالله إلى أن “أيام الفاجعة والمأساة والتضحيات التي قدمت وأعباء اضافية على الإقتصاد. من رحم المأساة تولد فرص داخلية واقليمية ودولية. التعاطي الدولي هو فرصة يجب أن يستغلها اللبنانيون ويجب أن نبحث عن الفرص التي ولدتها هذه المأساة”، موضحاً أن “الذين فتحوا معركة معنا ومع محور المقاومة، انطلاقا من هذه الحادثة أقول لكم لن تصلوا إلى نتيجة. ولجمهور الحزب أقول، الوضع الدولي والاقليمي مختلف والمقاومة وضعها مختلف. لا داعي للقلق هؤلاء يبحثون عن سراب ويخيبون وأقول لهم، كما خبتم ستخيبون ولن تصلوا الى نتيجة. هذه المقاومة بمصداقيتها وصدقيتها وأدائها وسلوكها، هذه المقاومة بقوتها وموقعها الوطني والاقليمي أعظم من أن ينالها بعض الظالمين الكاذبين المزورين للحقائق، الدافعين الى الحرب الأهلية. يمكن أن نعبر هذه المرحلة ونخرج منها أقوى وأشد”.