أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


لبنان عرّاب التلاقح الثقافي والحالم أبدًا (ريتا رزوق)


نعيش في عالم نائم علينا أن نوقظه.. وشجاعة الوجود نوجد ونعمل ونبحث، نخترع، نبدع..
ولكن أين من يفني ويحيي ويعيد؟!


تعدّدت الآراء في مفاهيم الحضارات والثقافة لأن الشعوب لا تقاس بكثرة أعدادها أو بحجم رقعتها الجغرافية إنما في منجزاتها لتلبية حاجات الإنسانية. والثقافة تعني تقويم عقل الإنسان وتفكيره، أما اليوم فهي قدرة الإنسان على استخدام وتوظيف معارفه ومهاراته في بناء حياة خيِّرة نيِّرة.

منذ القدم، تفاعلت الثقافة في تطوير حياة الشعوب ومنها انبثقت الحضارات نتيجة انفتاح بعضها على بعضها الآخر وعملت على اكتشاف أعماق الوجود الإنساني. لقد تجسّدت هذه الظاهرة لدى العرب منذ عصورهم القديمة وذلك بتفاعلهم مع الهند، فارس، وبلاد ما بين النهرين، بعدها مع السريان واليونان. ما كادت شمس الحضارة والعلم تغيب عن الشرق حتى بزغت في الغرب ثمّ ما كاد نورها أن سطع في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الذي عرفت فيه اوروبا ازدهارًا ساطعًا!

ها إننا في أيامنا هذه نشهد على ترعرع جيل جديد منذ أن يلفظ أنفاسه الأولى وكأنه يبزغ فجر الحياة ثائرًا وفي ذهنه تطوير بعض المعتقدات. كما وأنّ البعض الآخر ضرب عرض الحائط ببعض المفاهيم والسلوكيات. وهنا تبرز المعضلة” هل هناك أفضل من تطوير الأنماط ومواكبة العصر؟”

لا بدّ من بلورة بعض الخطوط محافظين على تراثنا وقيمنا الموروثة أبًّا عن جدّ، طبعًا يكمن ذلك في سبيل وحيد لا ثاني له وهو الحوار بين كافّة الأقطاب، العروق والحضارات!

وخير مثالٍ على ذلك حوار الحضارات بين المسيحيّة والإسلامية ولبنان رائدها، فهو يقرّب بين الشرق والغرب وثقافة التجديد هي أكبر تحدي لليأس، والتاريخ يشهد على ذلك بعيدًا عن إقصاء أي فئة أو أي حضارة!

فرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون أعرب عن ذلك بقوله “لبنان هو قلب لغرب جاف وعقل لشرق عاطفي”! من هنا سُلِّم ووكِّل تشكيل نادي الشرق لحوار الحضارات مركزه في أمّ الشرائع،بيروت وذلك بدعوة من المجلس العام للأمم المتحدة. كل هذه الدوافع حفزت إعادة ضخّ المياه في مجاريها تحت هالة الحوار، يبقى الأهم أن يكون التغيير نحو الإصلاح، نحو الأفضل في عهده! فالأجدى أن تتمازج الحضارات سويّةً من أجل تحقيق التلاقح الثقافي واعتبار الإختلاف عنصرًا للتكامل، التآلف بحلى الحوار ووسائله!

بالإضافة إلى التطور وسماته، أذكر القرية الكونية التي حوّلت دول العالم إلى قرية واحدة بفعل العولمة. ممّا أظهر مواقع التواصل الإجتماعي، الكمبيوتر والانترنت… لكن ما هو جدير بالذكر أنها تستخدم في بعض الأحيان للتدمير والخراب، وشنّ الحملات الإفتراضية والالكترونية على بعض الشخصيات المغايرة لرأي الأفراد. فحرية إبداء الرأي والتعبير من المقدّسات لكن ضمن حدود الآدابيات والأخلاق الحميدة والرفيعة ويبقى الأهم أن تساهم في تقديم الخير للبشرية لتحسينها والحرص على هذا الأمر!

نحن نعيش في عالم نائم علينا أن نوقظه بواسطة الحوار مع الآخرين، وما إيقاظ العالم سوى شجاعة الوجود بأن نوجد ونعمل ونبحث، نخترع، نبدع، نخلق!

ولكن أين من يفني ويحيي ويعيد؟!