عَ مدار الساعة


للمرة الأولى: شعب مقابل منظومة!(مقدمة اخبار OTV/الجمعة 12 حزيران 2020)

-في المواجهة بين الشعب والمنظومة، الشعب هو الذي سيربح مهما طال الزمن

***

شعبٌ حيّ مقابل منظومة فساد.

تطلب الأمر مئة عام، حتى تصبح المواجهة في لبنان واضحة بهذا الشكل.

مئة عام، كبدتنا أثماناً باهظة، في الأرواح والممتلكات، وحتى في المعنويات.

مئة عام تخللتها أزمات سياسية، ومشكلات طائفية وتوترات مذهبية.

مئة عام طبعتها حروب الآخرين على أرضنا، ومعاركنا الداخلية، والتدخلات الإقليمية والدولية في شؤوننا، فضلاً عن مآسينا الاجتماعية، وصولاً إلى أزمتنا الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية غير المسبوقة.

شعبٌ حيّ مقابل منظومة فساد.

هذه هي المعادلة الواقعية في مئوية لبنان الكبير… معادلةُ مواجَهةٍ لا مفرَّ منها بعد اليوم.

مواجهة مصيرية بين شعب شبع ذلاً، ومنظومة لا تشبع من إذلال الشعب.

وإذا كان الشعب واحداً، على رغم تنوع الطوائف والمذاهب والمناطق والانتماءات السياسية… فالمنظومة أيضاً واحدة، لكنَّ جذورها متعددة طائفياً ومذهبياً وسياسياً وارتباطاتٍ خارجية، وكذلك فروعها،  التي تشمل الاقتصاد والمال والنقد والإعلام.

المواجهة صارت واضحة إذا، لكنها صعبة، تماماً كأي مواجهة. غير أنها ليست المرة الأولى في التاريخ، التي يواجه فيها لبنان صعوبات، واللبنانيون عثَرات، ولن تكون الأخيرة.

الصعوبات والعثرات قد لا تكون الأكبر، لكن الوجع هذه المرة هو الأكبر، لأن ما يحدث إنما يمس الناس في معيشتهم، ويسبب لهم قلقاً جدياً على المصير، في ضوء التداخل بين الوقائع السيئة، والشائعات الاكثر سوءاً من الوقائع.

اللبنانيون سبق وقاوموا الاحتلال فدحروه، وناضلوا ضد الوصاية، فأبعدوها.

اللبنانيون سبق وعاشوا سنوات في الملاجئ، محتمين من القذائف العشوائية، والقنص الذي لا يرحم، والقتل على الهوية.

أما اليوم، فالخطر الجاثم لا تنفع معه ملاجئ، ولا يحمي منه اختباء، ولا يتغلب عليه إلا المواجهة.

الخطر اليوم هو تلاعب المنظومة بسعر صرف الدولار. وهذا التلاعب، إنما يهدف إلى دفع الناس إلى الشارع، استثماراً سياسياً للتعبير الصادق عن الوجع الكبير، وفي بنك الأهداف سلسلة احتمالات، بينها إسقاط خطة التعافي المالي الحكومية، وإسقاط التعيينات الأساسية، وإسقاط  عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإسقاط مبدأ التدقيق المالي، وصولاً إلى محاولة إسقاط الحكومة وربما أكثر.

إنها المواجهة الحتمية إذاً بين الشعب والمنظومة.

غير أنَّ في أي مواجهة، مهما كانت صعبة، ثمة فرصة. فرصة لفرض التصحيح، ومنع عودة عقارب الفساد إلى الوراء.

 ففي المواجهة بين الشعب والمنظومة، الشعب هو الذي سيربح مهما طال الزمن.

فالشعب الحر قوي، أما المنظومة المنظمة فضعيفة، وضعفها يزداد كل يوم أكثر.

في المواجهة بين الشعب الحي ومنظومة الفساد، الشعب إلى الحياة، والمنظومة إلى الموت.

وأول من رفع شعار “كلن يعني كلن” هو رأس الدولة، كما قال رأس الكنيسة من بعبدا اليوم.