أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


عون، يحفرون دربه للهدم، وهو يحفر للبناء.. (أمين أبوراشد)

قالها صريحةً فخامة الرئيس ميشال عون: “منذ اليوم الأول لوصولي الى بعبدا لا يريدون لي أن أحكُم”. جاء ذلك، في تعليقٍ له على القوى المشبوهة التي امتطت ظهر الحراك الشعبي المطلبي بعد اليوم الثالث من انطلاقته، وهي نفسها هذه القوى التي كانت وما زالت تنفُث سمومها السياسية والمذهبية بوجه عهد حليف المقاومة.

ما اعتدنا الإختباء خلف إصبعنا ونعترف، أن مهلة السنتين ونصف من الفراغ الرئاسي، حاول خصوم ميشال عون والمقاومة استغلال كل حدثٍ إقليمي أو دولي، وراهنوا على كل تغييرٍ توهَّموا أنه سيحصل لقلب المُعادلة ومنع وصوله الى بعبدا، واستمر وحده السيد حسن نصرالله في رفضِ أي رئيسٍ مفروضٍ على لبنان، الى أن بلغ به إعلان التحدِّي وكررها مراراً: أول حرفين من إسم الرئيس: ميشال عون، ليس إصراراً على الشخص بذاته بل على المواصفات الوطنية التي كان وما زال يحملها ميشال عون.

الحفرة التي يحفرونها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما بقيت أداة حرتقة وعرقلة وهرطقة إلا واستخدموها فيها، ربما لأنهم راهنوا على جنون الجنرال، الذي كان يسكن ميشال عون يوم كان في الرابية قائداً للتيار الوطني الحر ويحمل خلفية قائدٍ عسكري للجيش اللبناني، لكنه بالحكمة التي أدار فيها الأمور منذ كان في “بيت الشعب”، مروراً بسنوات المنفى التي ما توانى خلالها عن اعتلاء المنابر الدولية مُطالباً بالسيادة، هي نفسها التي ما زالت تكبح إنفعاله في المواجهة طالما أن السيادة بخير، هو الذي شارك مباشرة في تحقيق أحد انتصارات الوطن في المواجهات الخطيرة مع الإرهاب، الخارجي منه والداخلي، ولو أن “دواعش” الداخل أخطر من مرتزقة الخارج.

ربما أخطأ ميشال عون التقدير، أن بإمكانه تحقيق الحُلم سريعاً ببناء دولة عادلة عزيزة كريمة يستحقها وطن السيادة، لكن أين له أن يبني، من خلال الشراكة السياسية المفروضة عليه مع بعض رموز الفساد والنهب والعمالة في الحكومتين الأولى والثانية من عهده؟ وربما يكون الرئيس عون قد نال استقلاله عنهم الآن، من خلال الشراكة مع شخصية وطنية أكاديمية يُمثِّلها الدكتور حسان دياب، ليس لأنه من خارج نادي السياسة، بل لأنه من خارج أندية الإرتهان الرخيص لبعض القوى الدولية والإقليمية، التي هزمها حليف العهد السيد نصرالله سياسياً مرتين: الأولى عندما أصرَّ على أن أول حرفين من إسم الرئيس، هما ميشال عون، والثانية عندما انتفض بعد 17 تشرين بوجه العملاء والأدوات الرخيصة من خصوم ميشال عون وقال: ممنوع سقوط هذا العهد، وبدا السيد نصرالله وكأنه يُترجِم لهم بنداً من “وثيقة مار مخايل” يرتبط بالتحالف الإستراتيجي بين حزب الله والتيار الوطني الحر. 

حفروا حفرة لميشال عون، وما زالوا يحفرون.. بالعمالة مقابل ريالات يحفرون، بتهريب الثروات الى الخارج يحفرون، بالمذهبية والزواربية يحفرون ولكن، حسابات حقل ألغامهم لم تُطابق حسابات البيدر، وبضعة آلافٍ أنزلوها الى الساحات باتت بضع مئاتٍ لتغدو بضع عشراتٍ من الفتيان يشترون طيشهم وغباءهم لإقفال الطرقات ورشق الحجارة والإعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، لقاء بدلِ أتعابٍ لا يوازي ثمن غداء.

هل انتهى الحفَّارون من تعميق الحُفرة أمام قيام الدولة الحقيقية وتعميق جروح الشعب اللبناني؟ لا لم ينتهوا بعد، وهُم مستمرُّون ربما حتى نهاية عهد الرئيس عون، لأن لا مكان لهم في الحياة السياسية خاصة في السلطة التنفيذية ما دام ميشال عون في قصر بعبدا، ولأن ميشال عون يطلب نصاعة الكفّ في صُنع القرار وتطهير الدولة من الفساد، فإن معظمهم حُكماً باقون خارج دائرة القرار، ودولة ميشال عون ستقوم على رُكام مزارعهم، وإذا كانوا يعتقدون أنهم يحفرون أمامه كل الطُرُق لمنعه من بناء دولة، فلا بأس، ها هو على سبيل المثال لا الحصر، أطلق عملية الحفر لتحقيق الحلم وإعلن لبنان دولةً نفطية عبر بئر الغاز من خيرات لبنان التي انطلق العمل في حفرها، رغم كل عراقيلهم ورغم حُفَرِهِم التي وقعوا فيها، وما على الشعب اللبناني سوى أن يحكُم بما يمليه عليه العقل والضمير… …