أين الحراك من باصات السلفية التي تصدحُ بالمذهبية.. ( أمين أبوراشد )
على قدر ما أشرح صدرنا العلم اللبناني الذي تظلَّل تحته الحراك المطلبي، على قدر ما تبيَّن أن مَن يُديرون هذا الحراك وبعض من يُشاركون فيه، يحملونه ستاراً لما يضمرون، وهُم يحملون ضمناً كل الأعلام الأميركية والسعودية والفلسطينية والسورية، إضافة الى أعلام الأحزاب اللبنانية التي تُحرِّك هذا الحراك بالتمويل والخدمات اللوجستية، بما فيها أجور قُطَّاع الطُرق وبُناة الحواجز الإسمنتية، لتقطيع أوصال الوطن وقطع طريق الحُكم على فخامة الآدمي الإصلاحي الرئيس ميشال عون، حليف المقاومة وحامل سيف اجتثاث الفساد والفاسدين.
أين هذا الحراك اليوم من الباصات القادمة من طرابلس ومناطق البقاع المعروفة بأصوليتها السُنِّية السلفية، تصدحُ بالمذهبية أمام المبنى الذي يسكنه الرئيس المُكلَّف الدكتور حسان دياب، وتُطالبه بالإعتذار عن تشكيل الحكومة، وتُطالب دار الفتوى بتسمية البديل عنه، وأين هو مفهوم الديموقراطية عند “أتباع دولة الخلافة” هؤلاء، عندما يدوسون كل شعارات العلمانية الكاذبة وينتهون وينهون معهم الحراك المطلبي ويخطفونه الى ما تحت عباءة المُفتي؟!
لا لجنة قيادية نشأت من هذا الحراك، ولا أسماء مطروحة منه لرؤساء حكومة مُحتملين ولا وزراء، ولا الرئيس الحريري الذي أسقطوه يريد تشكيل حكومة، ولا يعترفون بنتائج الإستشارات النيابية المُلزِمة، وبات حسان دياب بنظرهم فاسداً لأنه سبق أن كان في السلطة بصفة وزير، أما السنيورة وكل من تخرَّج من المدرسة الحريرية التي نهبت البلد فهُم أتقياء أبرياء من دم هذا الصِدِّيق.
مشكلة أهل “السُنَّة والجماعة” في لبنان – وهذا هو الإسم المُحَبَّب لديهم – أنهم منذ زمن عبد الناصر وهُم ينتمون الى كل ما هو سُنِّي خارج لبنان، وهُم الذين سعُوا ويسعُون لتوطين الفلسطيني بهدف إحداث توازن ديموغرافي مع الشيعة، وهُم بعد الوهًن الذي أصاب مصر ارتدُّوا الى المملكة السعودية الوهَّابية، وكل انتماء تحت ستار العروبة المُزيَّفة هو حلالٌ لهم وكل ما هو لبناني متنوِّع هو حرام!
كفى..، نقولها مخلصةً للمواطن السُنِّي العادي، كفى استزلاماً لِمَن يدَّعون تمثيل السُنَّة في لبنان، وكفى انتحاراً في زواريب المذهبية، من عكار الى طرابلس الى طريق الجديدة وكورنيش المزرعة، صعوداً الى الإقليم ومروراً بالبقاعين الأوسط والغربي وانتهاء بعرسال، وكفى تحميل الدولة مسؤولية الفقر في هذه المناطق لأنكم بِعتُم إنتماءاتكم لمن باعوكم وعوداً من قادة السُنَّة وهي أكذب من وعود “عرقوب”!
وبناء عليه، وحيث أنه من الحرام أن يدفع سُنَّة لبنان أثمان هزائم السُنَّة في الإقليم، من سوريا الى العراق الى اليمن، الى ليبيا السًنِّية الخالصة، التي يتحضَّر السُنِّي العُثماني الأخواني رجَب طيَّب أردوغان لمواجهة السُنِّي المصري عبد الفتاح السيسي على أرضها لتصفية حسابات سُنِّية – سُنِّية، كفى انتحاراً في كل ميدان انتحار من الربيع العربي السُنِّي الأرعن الذي دمَّر أهل السُنَّة قبل سواهم!
ختاماً، إذا كان الشارع السُنِّي في لبنان، يرغب بربيعٍ لبناني سُنِّي، فإن نتائجه في لبنان ذا الثمانية عشر طائفة، ممنوعةٌ فيه الأحلام الربيعية الإنتحارية المجنونة لِنُصرة أهل السُنَّة، الذين لا يدرون ماذا يُريدون، والشعب اللبناني الذي انتفض من أجل كل الحقوق المطلبية، ليس مستعداً لنحر الوطن والإنتحار في الزواريب المذهبية التي لغاية الآن لا يرغب الدخول فيها، علَّكم أيها الشركاء السُنَّة في لبنان تهتدون، وتُغادرون الزواريب لمُلاقاة اللبنانيين في ساحة الوطن قبل أن يفوت الأوان…