الحريري يُصادر الميثاقية ويحصر التمثيل السُنِّي بعائلة ( أمين أبوراشد )
كان الأجدى بالرئيس سعد الحريري أن يحفظ عن ظهر قلب قول المرحوم والده، أن لا أحد أكبر من البلد، فإذا به يتوهَّم أنه يختصر هذا البلد، الى أن داهمه الحراك في عُقر داره ببيت الوسط مساء أمس رافضاً عودته الى رئاسة الحكومة.
وإذا كان الشيخ سعد قد تناسى مقولة والده، فإن أحداثاً كثيرة حصلت لشخصيات وزعامات سنِّية على هامش فوضى الشارع، وكان عليه أن يقرأها، بدءاً من بلوغ المتظاهرين بيوت الميقاتي والصفدي والخطيب وريفي وكرامي والسنيورة، وانتهاءً بطرد الأخير من حَرَم الجامعة الأميركية.
وصلت الأمور بالرئيس الحريري الى مُصادرة الميثاقية، وحصر التمثيل السُنِّي بالعائلة، واستند الى دعم دار الفتوى التي اختصرت دور المجلس النيابي وقررت تسمية الحريري ولا أحد سواه، وإذا كانت القوى السياسية الكبرى قد استوعبت من باب الإحترام، هذه المُخالفة الدستورية التي ارتكبها المفتي دريان، وارتضت بالحريري مُرشَّحاً دون سواه، فإن هذه القوى وفي طليعتها حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، لا تعني مواقفها المسؤولة أن ينتشي الحريري الى هذا الحدّ ويعتبر نفسه أكبر من البلد.
هذا التأجيل في الإستشارات النيابية بناء لرغبة الحريري، وافق عليه فخامة الرئيس ميشال عون لِمرَّتين بهدف تسهيل مهمة تشكيل الحكومة، تكليفاً وتأليفاً، واستمرّ الحريري في الدَّلَع والتمسُّك بشروطه التعجيزية، ما أوصله ليلة أمس الى الحقيقة المُرَّة، أن الشارع الذي حاول الحريري مُجاراته بتقديم استقالته دون الرجوع الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب بصفتهما شريكيّ التسوية الرئاسية، هذا الشارع قالها نهائية لسعد الحريري: لن تعود الى السراي!
الجحود الذي بات مُلازماً لسلوك سعد الحريري، بِحَقِّ فخامة الرئيس عون الذي أقام الدنيا ولم يُقعِدها عندما أستُقِيل الحريري من السعودية واعتُقِل، تظهَّر هذا الجحود مجدداً من خلال هذا البيان الحاقِد الذي أصدره تيار المستقبل أمس مُهاجماً فيه فخامة الرئيس والتيار الوطني الحر، وحَكم فيه على النوايا أن التيار سيضع أصواته في الإستشارات بتصرُّف فخامة الرئيس، وأن هذا الأمر مخالفة دستورية، فإن الردود من رئاسة الجمهورية ومن قيادة التيار الوطني الحر ومن القيادات السياسية والشعبية على الحريري، كانت كافية لمراجعة حساباته خلال الإثنين وسبعين ساعة التي منحها إياها فخامة الرئيس كفرصة أخيرة، ليعود الى رُشده، أو أن يتنحَّى ويبتعد عن ساحة الأسماء المُتداولة لتشكيل الحكومة.
حكومة تكنوقراط برئاسته وهو مَن يختار أسماءها؟!، وأية ميثاقية هذه بتجاهل كل الأطراف المعنيَّة بهذا الميثاق، والميثاقية مع احترامنا لدار الفتوى، تعني التمثيل السُنِّي وليس تقزيم السًنَّة وحصرِهم بآل الحريري، وتحديداً بالشيخ سعد، الذي لم يكُن أداؤه أفضل من كل الحكومات الحريرية التي عاثت بالبلد فساداً وإفقاراً، لتصل الأمور بسعد الحريري أن يحلم بتشكيل حكومة على مزاج ارتباطاته الخارجية، ويُطِيح بحقوق لبنان في ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي، والمساومة على مئات الكيلومترات البحرية من منابع النفط والغاز في المنطقة اللبنانية البحرية الخالصة، إضافة الى التمسُّك بالنازحين وإبقائهم في لبنان بصِفَته شريكاً علنياً في مؤامرة صفقة القرن!