أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


شعار “ايه ويلله النازحين يطلعو برّا” غائب عن مطالب المتظاهرين- نسيم بو سمرا

الشعب مصدر نجاح كل قضية فاذا انقلب عليكم تخسرون كل شيى حققتموه حتى الآن

***

حين تنزع بعض الاحزاب ثيابها الحزبية وتستبدل علمها وراياتها بالعلم اللبناني والشعارات الوطنية، وتلتحق بالحراك الشعبي الشريف بمطالبه الاجتماعية المحقة، فاعرفوا ان بداية تسييس الحراك وحرفه عن مساره، اقترب وبالتالي ينتهي بأهدافه وشعاراته التي تنادي بالعيش الكريم وخفض الضرائب وتحسين الخدمات الاجتماعية وصون الكرامة الانسانية، اما الانحراف الابرز لانتفاضة الجياع كما أطلق عليها في اليومين الاولين، لتتحول التظاهرات نحو مظاهر البذخ والحفلات المكلفة والنقل المباشر لهذه التظاهرات والمكلف جدا، من خلال ثلاث محطات محلية ومحطتين عربيتين 24 على 24 ؛ فيتمثل بقطع الطرقات بشكل ذكّر الشعب اللبناني بالحرب اللبنانية التي لم تمحى بعد آذارها من الذاكرة الجماعية كما النفوس، وبخاصة حين يعتدي عناصر هذه الاحزاب على المواطنين بالطرقات، معيدين اللبنانيين الى زمن الميليشيات حيث كان التشليح والبهدلة على هذه الحواجز عنوان المرحلة.

الحراك الشعبي الذي لا يمكن لأحد ان يتنكر له، وهو مظهر من مظاهر الضابط لأداء السلطة ومنع تسلطها وتذكيرها دائماً بأخذ مصلحة مواطنيها كأولوية في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، هو مبارك، في حال التزم بشعاراته التي نزل الناس من أجلها، اما الخيانة فتتمثل في استغلال وجع الناس وركوب موجة مطالبها، لتحقيق مآرب دنيئة، لبعض الجهات المصادرة للحراك وحرفه عن أهدافه الأولى، وعلى المتظاهرين الذين أطلقوا الاحتجاجات، ونزلوا بمطالب اجتماعية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وحققوا جزءا كبيرا من مبتغاهم بورقة الانقاذ الاقتصادية التي تبنتها الحكومة، ان ينبذوا الميليشيات من صفوفهم، وان يفتحوا الطرقات، فهم يقفلونها على انفسهم، والشعب هو مصدر نجاح كل قضية، فاذا انقلب عليهم سيخسرون كل شيى حققوه حتى الآن.

فقد حقق الشباب المتظاهر، من خلال المقررات التي أصدرها مجلس الوزراء في بعبدا وتحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، خرقا في الحياة الوطنية بتسريع الاصلاح ودفع معركة محاربة الفساد، الى الأمام، غير ان أهم ما حققه الحراك الشعبي هو ان الشباب المتظاهر تحرر من أحزابه وتبعيته لأمراء الحرب وزعماء الطوائف، فكسر حاجز الخوف وتمرد على الاقطاع السياسي في عقر داره في مختلف المناطق اللبنانية، اما الاهم الاهم ان تحرك الشباب يدل الى انه لم يفقد أمله بوطنه، وما زال يناضل لتحسين وضعه، مع العلم الا أفق لهذه الاحتجاجات من دون ترحيل النازحين السوريين الى وطنهم، وهو أساسي لانقاذ اقتصادنا، وقد غاب عن مطالب المتظاهرين للأسف.

غير ان هناك مشكلة في بعض الشعارات التي تطرح في ساحات الاعتصام مثل ترداد المتظاهرين شعارات معيبة تقول: “جبران برّا واللاجئين جوّا”، وبات واضحا استئثار باسيل والعهد بمعظم الشتائب المعيبة، ولكن كرامات الناس ليست مباحة، وتاريخ هذين الرجلين القائدين لا غبرة عليه، فيما كنا نتوقع سماع المتظاهرين يرددون شعار “ايه ويلله النازحين يطلعو برّا” ،كما توزع عبوات مياه مكتوب عليها: من سوريا الى بيروت، ثورة وحدة، الامضاء اللاجئين السوريين.

ولكن الابرز هو أسلوب التفكير لدى بعض اللبنانيين، فاذا لم يكتشف المتظاهرون بعد ان مشكلتهم الاقتصادية التي من المفترض انها محركهم الاساسي لينزلوا ويتظاهروا في الساحات وليقطعوا الطرقات، التأثير الأكبر لحدوثها، يعود الى استنزاف النازحين السوريين لمواردنا وضغطهم على البنى التحتية والفوقية، فهذه مشكلة عليهم معالجتها والا لا نتيجة من هذا التحرك ولا اي تحرك لا يضع أولوية ترحيل النازحين السوريين من لبنان بأسرع وقت ممكن.

أمّا أخطر ما يحصل اليوم في الشارع فهو انقلاب المعايير لدى المحتجين، فكما لا يمكن أن يكون الرجل امرأة وبالعكس كذلك لا يمكن أن يصبح الأزعر آدمي، كما لا يمكن ان يُتهم المناضل صاحب القضية الذي ضحى طوال 30 سنة نيابة عن كل اللبنانيين، فضرب وسجن ونفي وخسر مستقبله، وما زال حتى اليوم يحارب الفساد ويتصدى للفاسدين، أن يوضع في سلة واحدة مع الفاسدين أنفسهم الذين ظلموه في عهد الوصاية والتسلط، فسجنوه وضربوه، فبذلك يقدم خدمة لهؤلاء ويشل قدرة الاصلاحيين على محاربة الفساد، ومع العلم ان المطالب الحياتية للشباب المتظاهرين اليوم هي مطالبنا وهم بحراكهم هذا يساعدوننا على تحقيقها لنا ولهم، ووجعهم وجعنا لاننا نشعر به مثلهم ونعاني معهم، ولكن لن نرضى بحرف الحراك عن مساره من قبل الزعران، ولن نقبل بأن تمس كراماتنا، باتهامنا بالفساد، لنتساوى بذلك مع الفاسدين الذين نتصدى لفسادهم أمس واليوم وغداً.

في الختام، نخشى مما بدأ يتكشف بعد دخول التظاهرات الشعبية يومها السابع، ان بعض المحركين لهذه التظاهرات مما يسمى بالمجتمع المدني وحزب سبعة المدعومون أميركيا بواسطة المنظمات الحقوقية، ان يكون هدف استغلال الوضع الاقتصادي الصعب، بتأزيمه أكثر فأكثر، تركيع السلطة، وإسقاط العهد، وذلك بسبب إصرار الرئيس العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل في الداخل وعلى المنابر الدولية والعربية على رفض تجنيس النازحين السوريين وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، والذي تضغط الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيقه، وثانيا يكمن الهدف بشل البلد اقتصاديا، من خلال تقطيع أوصاله الى معاقبة لبنان الرسمي وعلى رأسه الرئيس عون على تصديه للعدو الاسرائيلي ورفضه اعتبار حزب الله منظمة ارهابية، ورفض السير بالعقوبات عليه، اما ثالثا فعناد لبنان بعدم قبوله الشروط الاسرائيلية وورفضه التنازل عن حقوقه البحرية من خلال اصراره على ترسيم الحدود البحرية والبرية مع الكيان الاسرائيلي، دفاعا عن حقوقه في الغاز في منطقته الاقتصادية الخالصة، ومن هنا تتكشف خيوط المؤامرة من خلال عزل المناطق اللبنانية عن بعضها البعض بقطع الطرقات، وابتعاد الحراك عن اهدافه المطلبية الاساسية، ليأخذ توجها سياسيا واضحا باستهداف العهد، فظهرت الهوية الحقيقية لمنظمي هذا الحراك وانكشف وجههم الحقيقي كما اهدافهم، ولو انهم وضعوا جانبا راياتهم الحزبية وأخفوا ولاءهم الحقيقي للخارج، وراء العلم اللبناني والمطالب الشعبية الشريف والمحقة.