حسان الحسن-
لاريب أن النزوح السوري الى لبنان، أسهم ويسهم في تفاقم الأزمة الإقتصادية التي يعانيها هذا البلد، فقد بغلت كلفة هذا الامر نحو 20 مليار دولار اميركي، ووصل النقص في حاجات البلديات، إلى 350 مليون دولار حتى العام 2015 فقط، حسب البنك الدولي، ولا تغطي المساهمات الدولية إلا نحو 50% من كلفة النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني والموازنة والبنية التحتية والأمن وإحتياجات السلطات المحلية.
وفي الوقت عينه تشكل هذه الأزمة مصدر أرباح وفيرة، لبعض الجهات و”الجمعيات” المحلية وغير المحلية، التي تعنى بمتابعة أوضاع النازحين، ومادةً دسمةً للمزايدة السياسية بين الأفرقاء اللبنانيين، المنقسمين حول إتخاذ قرار “العودة المرتجاة”، ما إذا كانت آمنة أم طوعية. وفي ضوء هذا الإنقسام، ان أزمة النزوح آيلة الى مزيدٍ من التعقيدات والتدهور، وسترتب إنعكاسات خطيرةٍ على الإقتصاد اللبناني، ولا حل لها، إلا بإتخاذ موقف وطني جامع وحاسم منها، لما تشكل من تهديدٍ جديٍ لأمن البلد الإقتصادي والإجتماعي، كذلك المس بتركيبته الديموغرافية، بحسب ما يؤكد باحث في الشؤون الإقتصادية.
ويثني الباحث في دردشة مع موقع “المرده” على دور الأمن العام اللبناني، الذي أسهم بعودة نحو 180 ألف نازح الى بلادهم، لافتا الى ان وزارة الإقتصاد تكافح بعض المخالفات الناجمة عن النزوح، كإقفال المحال والمؤسسات التجارية وسواها، غير المرخصة والمخالفة للقوانين، التي يديرها نازحون، ولكن كل ذلك أشبه “بالمسكنات الموضعية”، على حد تعبير الباحث، محذرا من نشوء إقتصاد بدليل في لبنان، ويؤدي الى إستنزافه مالياً وإجتماعيا، كذلك يهدد مصالح اللبنانيين، وفرص أعمالهم، نتيجة فوضى النزوح، وإدخال هذه الأزمة في “البزارات السياسية”، في وقتٍ يتطلب حلها، موقفاً جامعاً على المستوى الوطني، يختم الباحث.
وفي السياق، توكد مصادر سياسية قريبة من دمشق بدورها، أن العقبة الأساسية التي تحول دون إتمام عودة النازحين الى ديارهم، هو الإنقسام في الموقف الرسمي اللبناني، في شأن قرار العودة، في ما إذا كانت طوعية أم آمنة، نتيجة ضغوط دولية وإقليمية على السلطة اللبنانية. ففي الحالة الأولى، أي العودة الطوعية، تجزم المصادر أن “العودة” ستكون بعيدة المنال، في ضوء استمرار الأغراء والتخويف والضغط الدولي، لعدم تحقيق هذه العودة، كونها تؤكد إنتصار الدولة السورية .
أما في الحالة الثانية، أي العودة الآمنة، فهنا يتطلب الأمر، إتخاذ قرار من الحكومة اللبنانية بذلك، ثم إبلاغ السلطات السورية لتأمين الظروف الملائمة لهذه العودة، وتؤكد المصادر أن هذه السلطات لاتزال تنتظر قراراً من الحكومة اللبنانية، للتنيسق في شأن جدولة العودة.
وتأكيد على كلام المصادر المذكور آنفا، يلفت مرجع معني بالعلاقات اللبنانية- السورية الى أن الأمانة العامة للمجلس الأعلى اللبناني- السوري، سعت الى إيجاد حلٍ ملائمٍ لأزمة النزوح السوري الى لبنان ما بين العامين 2013 و2014، ووضع جدول زمني لإعادة النازحين الى سوريا، وتم التواصل مع الجهات الرسمية في لبنان وسوريا، وفي مقدمهم رئيسا الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، والحكومة نجيب ميقاتي في حينه، وبالتنسيق أيضاً مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وجرى التوصل الى اتفاق يفضي الى تأليف لجنة مشتركة لبنانية – سورية، تشارك فيها الدوائر المعنية في شؤون النازحين في الأمم المتحدة، لتضع برنامجاً مرحلياً لبدء عودة النازحين الى بلادهم. ولكن بعد التوافق على أسماء أعضاء اللجنة، أبلغ الجانب اللبناني “الأمانة العامة”، أنه غير قادر على إصدار القرار المناسب في شأن تأليف هذه اللجنة، وتمنى التمهّل آنذاك، وحتى الساعة لم تبصر هذه اللجنة النور.
-موقع المرده-