حسان الحسن-
لا ريب أن الآحادية السلطوية لدى الشارع “السني” في لبنان سقطت، رغم كل المكابرة التي أظهرها فريق “المستقبل”، ومحاولة طمس الحقيقة والواقع الجديد، من خلال بذله أقصى جهده لإقصاء ممثلي أهل السنة المؤيدين لخط المقاومة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية الراهنة، ولكن باءت كل جهود الفريق الأزرق، وسواه بالفشل، فقد أثبت جمهور المقاومة لدى الشارع المذكوره، حضوره الشعبي في البلد في الإنتخابات النيابية الأخيرة، عقب النتائج التي حققها، ثم إنتزاعه حق المشاركة في الحكم، التي ترجمت عملياً، عبر مشاركة ممثل اللقاء التشاوري في الحكومة العتيدة، التي نالت ثقة غالبية أعضاء البرلمان، وتسليم مختلف القوى بهذا الحق، والرضوخ لهذا الواقع.
وبالتأكيد أن للواقع الإقليمي تأثير على مجريات الوضع الداخلي، خصوصاً بعد فشل مراهنة فريق الرئيس سعد الدين الحريري وحلفائه على سقوط الدولة السورية، كذلك عدم نجاح مؤتمر وارسو، من بلوغ غايته، التي نظمته الولايات المتحدة أخيراً لتضييق الخناق على طهران، بعد الرفض الأوروبي للإنسحاب من الإتفاق النووي مع إيران، التي زار وزير خارجيتها محمد جواد ظريف لبنان بدوره، ناقلاً الى المعنين إستعداد القيادة الإيرانية وعزمها على دعم لبنان في مجالات التسليح، والطاقة، والمساعدة على العودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم، ما يعزز حضور فريق المقاومة على المستوى الداخلي، وأحقية خياراته.
في المقابل جاءت زيارة المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا لبيروت، في محاولة لإستنهاض فريقه، ومحاولة تعزيز حضور بلاده ودورها الإقليمي فيها، بعد سلسلة الخيبات التي منيت بها في المنطقة، خصوصاً في سورية واليمن. فكانت زيارة الأخير أقرب الى الفولكلور في الشكل والذلّ في المضمون، لجهة استماتة البعض المعيبة في لبنان على هبة أو وديعة أو مبادرة ماليّة سعوديّة، إلا أنّ الأمر انتهى بفتاتٍ هو السماح بعودة الرعايا السعوديّين الى لبنان، الذين عادوا الى زيارته أصلاً قبل القرار بكثير، على حد قول شخصية سياسية مسيحية.
والتي أضافت: “ما كان ينقص هو تمنين السعوديّين لنا بعدم خطف رئيس الحكومة من جديد، أو بعدم دعوته بصفته مواطناً سعوديّاً الى السفارة السعوديّة، ليلقى مصيراً “خاشقجيّا”، على حد تعبيرها.
وتابعت: “في الوقت عينه جاء ظريف حاملاً عروضاً تصبّ في مصلحة لبنان، اقتصاديّاً، وعسكريّاً، خصوصاً ما يتصل بملف الكهرباء، بالإضافة الى اقتراحات لاتفاقات مشتركة تحمل فائدة كبيرة للبلد، وذلك من ضمن آليّات تطمئن المتوجّسين من “العقوبات الترامبيّة”، وتحمي البلد من تأثيرها”، تختم الشخصية المذكورة.
بالعودة الى الوضع الداخلي، من خلال ما ورد أعلاه، بات الرئيس سعد الدين الحريري أمام خيارين، كلاهما مر، إذا حاول إستعادة دوره السابق، أي الإستئثار في الحكم، وإختصار التمثيل السني بشخصه، وفريقه، والعودة الى الآحادية، عندها سيضطر الى إستعادة الخطاب المذهبي المبتذل، بالتالي التحريض على دمشق وطهران وحزب الله، وذلك لم يعد يجدي نفعاً، بل سيستفز شركاؤه في الحكم أيضاً، وفي مقدهم التيار الوطني الحر، أو الرضوخ للأمر الواقع، عندها تستكمل الثنائية في الشارع السني شق طريقها، وتعزيز حضورها، بالتالي تراجع الفريق الأزرق تدريجيا.
بعد حدوث هذه التطورات الداخلية والإقليمية، قد يعاني “زعيم المستقبل” حالة إرباك وتضعضع، تدفعه الى إعتماد خطاب زئبقي، على الأقل في المدى المنظور، والآتي لناظره قريب.
-الثبات-