لا بديل للجميع عن استعادة الدولة السورية سلطتها على كامل جغرافيتها
حسان الحسن-
جاء إعلان الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان عن إتصالات مع المخابرات السورية، وقبلها بأيام خلت، ما صدر من كلام تركي عقب لقاء الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أواخر الشهر الفائت في موسكو، عن إمكان إعادة تفعيل إتفاق أضنة 1998، ليؤكد ما إعتبرته مصادر سياسية سورية أنه يؤشر الى تفعيل التنسيق الأمني بين دمشق وأنقرة، والذي قد يمهد الى بداية إعادة العلاقات السياسية بين الجانبين.
وفي الوقت عينه، تؤكد المصادر وجود تنسيق وإتصالات أمنية بين عددٍ كبيرٍ من الدول العربية والأوروبية مع المعنيين في سورية، لذا يعزز إعلان أردوغان عن التنسيق الامني فرضيةَ التمهيد لبداية عودة العلاقات السياسية على سواها، بحسب تعبيرهذه المصادر.
وعن إحتمال تفعيل إتفاق “أضنة” والمفاعيل التي قد تنتج عنه، تشير المصادر الى أنه يشكل إطاراً للتفاوض في شكلٍ عام، خصوصاً لإعادة التفاهمات المتعلقة بالشؤون الأمنية على الحدود السورية – التركية، بدفعٍ روسيٍ. وما قد يسهم في دفع الأتراك الى العودة للالتزام بالإتفاق المذكور، ما رشح من أجواء إيجابية ناجمة عن المفاوضات بين الحكومة السورية والأكراد، في الآونة الأخيرة.
ولا تستبعد المصادر إضفاء بعد التعديلات على هذا الإتفاق، ذلك بعد تقديم تنازلات من الطرفيّن السوري والتركي، كإعادة النظر بتعديل مساحة التوغل التركي الامني المسموح بها داخل الأراضي السورية من 5 كلم حسب احد بنود الاتفاقية المذكورة الى 10 كلم، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
كما ان تطبيق هذا الإتفاق، سيؤدي الى الإستغناء عن المنطقة الآمنة التي تسعى إليها أنقرة، لان تطبيقه يشكل “منطقة آمنة” بحد ذاتها، أي ترتيب الوضع الامني على الحدود المشتركة في صيغةٍ مشتركةٍ، وشروطٍ جديدة، تلائم الطرفيّن، وهو طريق لمباشرة التفاوض السوري – التركي، على حد قول المصادر. علماً أن التوغل التركي بلغ نحو 45 كلم في بعض مناطق الشمال السوري.
ولا بد من التقارب السوري – التركي في المرحلة المقبلة، من أجل إنهاء سيطرة “جبهة النصرة” الإرهابية، وملحقاتها على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، المحاذية لتركيا، فلا ريب ألا مصلحة تركية ببقاء منظمة مصنفة دولياً بأنها إرهابية منتشرة على حدودها، لأنها تشكل خطراً على أمنها القومي، خصوصا بعدما أضحت خارج قواعد الإستخدام والاستغلال من قبل اية جهة خارجية، وذلك بعد فشل الحرب الكونية على سورية والتي كانت تهدف الى إسقاط الدولة فيها.
وبعودة فتح معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن، بديهي أن تسعى أنقرة إلى إعادة فتح حدودها مع سورية، لأنه عندما أقدمت تركيا على إغلاق الحدود، كانت تعتبر ان الأخيرة ستسقط في غضون أشهر قليلة، ولم تأخذ في الحسبان أنها ستصمد تسعة أعوام، فاستمرار الوضع الراهن على ما هو عليه، يحرم تركيا من مبالغ كبيرة، من عائدات الرسوم الجمركية والترانزيت، خصوصا في ضوء التهديدات الأميركية بتدمير الإقتصاد التركي او بالضغط عليه بالحد الادنى .
كذلك تستبعد المصادر المذكورة إعلاه إقدام القوات التركية على مهاجمة الأكراد في عمق الأراضي السورية، لما لذلك من إرتدادات على الوضعين الأمني والاجتماعي في الداخل التركي، خصوصاً لدى الشارع الكردي، أضف الى ذلك وجود مظلة حماية أميركية للأكراد السوريين في المدى المنظور.
بعد عرض كل هذا الوقائع، يبقى الحل الأنجع لملء الفراغ الذي يخلفه إنسحاب الاحتلال الأميركي من الأراضي السورية، هو إنتشار الجيش السوري على كامل جغرافيا بلاده، فذلك يشكل ضمانة حقيقية لأمن الدول الجارة، خصوصا تركيا، وفقا للقوانين والأعراف التي تنظم العلاقات بين الدول.
-المرده-