حسان الحسن –
بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية دحر الإرهاب في سوريا، وتكريس ذلك من خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى قاعدة حميميم في اللاذقية، ولقائه نظيره السوري بشار الأسد، تم الاعلان عن بدء عودة القوات الروسية الى بلدها، مع الإحتفاظ بإبقاء قواعد عسكرية في الجارة الأقرب، مع تأكيد بوتين على عودة القوات المنسحبة إليها، إذا دعت الحاجة الى ذلك.
وفي السياق عينه، علم موقع “المرده” أن الفصائل العراقية المنضوية تحت لواء محور المقاومة، ستبدأ بالإنسحاب الى بلدها في توقيت قريبٍ، قد يكون نهاية السنة الراهنة، بعد إنجازها المهمات الموكلة إليها، وإلحاق الهزيمة بتنظيم “داعش” الإرهابي وسواه ، حيث قدمت دعما مهما للجيش العربي السوري.
لا ريب أن هذه الإنسحابات تدفع الى السؤال: “هل إنتهت الحرب في سوريا، وما مصير أدلب، وجوبر، وريف حماه، ودرعا، وسواها”؟
للإجابة عن ذلك، تقول مصادر ميدانية: “من المؤكد أن المعارك لم تنته بعد، وأن لدى المجموعات الإرهابية، تحديداً “داعش”، خلايا نائمة يمكنها تنفيذ إعمال إرهابية واستهداف الأمكان الآمنة، اما بشأن “جبهة النصرة” الإرهابية التي تتخذ من أدلب مقراً لها، فتعتبر المصادر أنه يبدو ان تركيا قد كُلفت من الروس والايرانيين بتفكيك “هيئة تحرير الشام” في المدينة المذكورة، ولكن من المبكر الحديث عن بدء عملية تطهير أدلب من المجموعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة”.
وترى المصادر أنه حتى الساعة، لا يبدو أن تركيا في صدد الدخول في حرب مع جبهة “النصرة” التي حظيت بدعمها ورعايتها، وشكلت المعبر الرئيسي لمسلحيها مع العديد من المجموعات الاخرى الى الأراضي السورية، ومن خلال هذا الدعم التركي وسواه، خصوصاً القطري أيضاً، اصبح عدد المسلحين التكفيريين الذين يدورون في فلك “الجبهة” في محافظة أدلب نحو 15 ألف مسلح، وبالتالي لم يعد بالأمر السهل مكافحتهم والإجهاز عليهم او فرض اي مشروع عسكري او ميداني عليهم .
في موضوع عملية عسكرية تركية في ادلب بمواجهة جبهة النصرة ، هذا اذا ارادت اصلا تنفيذها، تفيد المصادر ان لعملية من هذا النوع تداعيات وصعوبات ليست سهلة ، وتتمثل بما يلي:
– هناك صعوبة في مهاجمة هذا العدد الضخم من المسلحين في أدلب، والذين يتمتعون بخبرات قتالية لا يستهان بها.
– لا شك ان اغلب هؤلاء المسلحين في ادلب لديهم العزم على المواجهة والقتال، خاصة الاجانب منهم .
– تعتبر ادلب منطقة معقدة جغرافياً، وهي متصلة بالمناطق والمحافظات الخاضعة لسلطة الدولة السورية وحلفائهاعبر العديد من الطرق الرئيسية والمحاور الواسعة والمتفرعة، ويتطلب تطهيرها من الإرهاب عملية عسكرية سورية- روسية- تركية مشتركة، مع تأمين تغطية جوية روسية واسعة.
وفي شأن جوبر التي يسيطر عليها تنظيم “فيلق الرحمن” القريب من “النصرة”، يبدو أن الدولة السورية تتجنب إستخدام القوة المفرطة لإستعادة المنطقة المذكورة، خصوصاً أن غالبية المسلحين من أهاليها، وقد يلاقون المصير عينه، الذي لاقوه قبلهم “مسلحو حلب” وسواها، أي الخروج من المدينة، بأقل ضرر ممكن، كذلك فأن استعمال “القوة”، قد يفتح الباب امام استجرار التدخل الخارجي، والعودة مجداً الى “معزوفة” إستخدام الإسلحة المحظورة، على حد قول المصادر .
بالإنتقال الى درعا، فقد أجريت مفاوضات بين الجانبين السوري والأردني بوساطة روسية لإعادة فتح الطريق الدولي بين سوريا والأردن الذي يمر في درعا، وتوقفت نتيجة خلافات تقنية في الظاهر، وضغوط سياسية في المضمون من دولة إقليمية فاعلة، على حد قول مصدر سوري، لا يستبعد في الوقت نفسه إستئناف المفاوضات وفرض نظام “خفض التوتر” في المنطقة، بعد إيجاد حلٍ لما يسمى “بجيش خالد أبن الوليد” الموالي “لداعش “.
ومن الميدان الى السياسة، و تحديداً عن فشل جولة “جنيف 8” التفاوضية بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة، برعاية الامم المتحدة، حيث إنحاز الوسيط الدولي ستيفان ديمستورا لفريق المعارضة، بعدما طرح وثيقة قدمتها للنقاش على طاولة التفاوض، وأغفل وثيقةً أخرى كانت طرحها الوفد الحكومي من قبل، عندها أعترض الأخير، منتقداً أداء ديمستورا وإنحيازه، بعد تبنيه وثيقة وفد “الرياض” التي تدعو الى تنحي الرئيس بشار الاسد، وعدم إشراك معارضة الداخل في العملية السياسية، خلافا للقرار الدولي 2254 الذي أوصىى جميع الأطراف في سوريا باتخاذ تدابير لبناء الثقة .
وتبقى نقاط الخلاف الاساسية بين الجانبين المذكورين حول تحديد الأولويات ، حيث يشدد الوفد الحكومي من جهة على ضرورة مكافحة الإرهاب أولاُ واعتبار الموضوع اولوية يجب اعتمادها في اية مفاوضات، فان وفد المعارضة من جهة اخرى يطالب بصياغة دستور جديد ثم إجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية ، متخطيا مبدأ فرض الامن بداية وضرورة إبعاد الارهاب للوصول الى ارضية آمنة، قادرة على تأمين الامكانية للحوار في كافة المواضيع، ومنها موضوع الدستور والانتخابات والاصلاحات السياسية .
-موقع المرده-