حسان الحسن-
لم يشهد التاريخ الحديث ان تعرضت دولة لحرب كونية اشتركت فيها ضدها مجموعة كبيرة من الدول الاقليمية والغربية من التي تتمتع بقدرات مالية وعسكرية ومخابراتية ضخمة ، وصمدت وقاومت على مدى تجاوز الخمس سنوات ونيف كما تعرضت له سورية، وها هي الان في المقلب الاخر على الطريق للانتصار وتثبيت دعائم الدولة بعد ان فرضت نفسها بفضل عوامل عدة اجتمعت وتضافرت في منظومة متكاملة فرضت نفسها بشكل لافت.
فمنذ إندلاع الأزمة في الجارة الأقرب راهنت كل الدول والجهات الداعمة للمجموعات المسلحة على سقوط الحكم في دمشق في غضون أشهر، واستخدموا الوسائل المتاحة لديهم كافةً لتحقيق هذه الغاية، من تحريض مذهبي وشغب، ثم اللجوء الى الأعمال الارهابية، وفي سياقها استهداف الأمكان الآمنة بالسيارات المفخخة والانتحاريين، وصولاً الى المطالبة بإقامة مناطق عازلة، ومحاولة تطويق العاصمة وعزلها، غير أن كل أشكال الحرب على سورية لم تحقق مبتغاها لاسبابٍ عدة، هذه هي أبرزها بإيجاز:
أولاً- لم ينزلق الشعب السوري الى فخ الصراع المذهبي، الذي حاولت الجهات الشريكة في “الحرب” إيقاع السوريين فيه، ثم تهجير الاقليات، في محاولة لتكريس واقعٍ ديموغرافيٍ جديدٍ، يشكل منطلقاً لاقامة فدراليات مذهبية، غير أن النتائج جاءت معاكسة، فعلى سبيل المثال: نزح الجزء الأكبر من المواطنين في المناطق الساخنة في محافظتي “أدلب وحلب” في اتجاه الساحل السوري ذات “الغالبية العلوية”، حيث احتضنتهم الدولة والمنظمات الانسانية والاهالي.
ثانيا- فشل المسلحين في تطويق العاصمة وعزل المناطق عن بعضها: فقد حاولت المجموعات المسلحة تقطيع أوصال البلاد، وحصر نفوذ الحكومة في الساحل، كذلك إقامة حزام أمني بإدارة التكفيريين، لحماية الكيان الاسرائيلي يمتد من الغوطة الشرقية الى “درعا” – القنيطرة، ولم يكتب لها النجاح أيضاً.
ثالثا- تآكل المجموعات المسلحة: وفي هذا الصدد يسجل نجاحاً أمنياً نوعياً للجيش السوري الذي تمكن من تطويق المسلحين في بقع جغرافية واسعة، ومنعها من التمدد في اتجاه المناطق الآمنة، وهي الآن تأكل بعضها على خلفية “فرض النفوذ” داخل هذه البقع، كما هو واقع حال الأحياء الحلبية الشرقية.
رابعاً- تأقلم السوريين مع الوضعين الاقتصادي والمعيشي الراهن: لاشك ان للحرب الكونية على سورية، لاسيما في شقها الاقتصادي أثر سلبي كبير على حياة السوريين، ولكنها ليست المرة التي يشن فيها عدوان اقتصادي على بلدهم، فبعد مضي خمسة أعوام على بدء الازمة، اعتاد السوريين التعايش مع “الاقتصاد الحربي” الى حدٍ كبيرٍ.
خامساً- دور المقاومة اللبنانية: أدى حزب الله دورا مهما في دعم الدولة والجيش في سورية من خلال اشتراكه في الحرب ضد الارهاب في عملية استراتيجية، رأى فيها اولا رد الجميل والوفاء للجيش العربي السوري ولقيادته العليا في وقوفهم معه خلال كامل الحروب والاعتداءآت التي نفها العدو الاسرائيلي على لبنان وعلى شعبه ومقاومته .
واعتبر الحزب” ثانيا أن مشاركته فيها معركة استباقية لا بد منها لحماية لبنان والمقاومة من الارهاب التكفيري الذي لا شك انه يعمل من ضمن اجندة صهيونية لتفتيت المقاومة واضعافها ، فكان لوقوف المقاومة مع الجيش السوري وللتضحيات الكبيرة التي قدمتها في عملية اسموها ” الدفاع المقدس ” الدور المهم في تثبيت الانتصار والصمود في الجارة الأقرب.
سادساً- التدخل الروسي: بعدما استنفدت كل الوسائل الآيلة الى إسقاط الدولة السورية، لاسيما بعد التدخل الروسي المباشر على خط الأزمة، بدأت الدول الشريكة بالعدوان على سورية بالتراجع عن مواقفها في شأن اسقاط الحكم فيها.
سابعاً-المصالحات: لقد أسهمت وزارة المصالحة الوطنية بدعم من بدعم من مركز التنسيق الروسي في حميميم عدد كبير الجبهات المشتعلة على امتداد الجغرافيا السورية، الأمر الذي يؤدي في الوقت عينه الذي ضرب ثقة المسلحين بقادتهم ورعاتهم.
وأخيراً، … لا يعني بعض التراجع في مستوى الضغط الاقليمي والدولي ضد سورية من خلال الايحاء بان هذه الدول الشريكة في العدوان عليها، تنشد تسوية سياسية او انسحابا من الحرب ، بل على العكس فان هذه الدول سوف تحاول دائما تنفيذ اجندتها ومخططاتها لناحية تفتيت وتقسيم الجارة الأقرب، ومن هنا يجب التنبه دائما والبقاء بوضع الجهوزية التامة لما تخطط له تلك الدول والبقاء في الميدان وكأن المعركة ما زالت في بداياتها ، ومتابعة وتوسيع التنسيق مع الحلفاء الاقليميين والدوليين كروسيا والصين وايران ومع الحلفاء الاكقثر التصاقا والتزاما وتضحية بالميدان السوري كحزب الله الذي يجمعه الكثير من الاهداف الاستراتيجية والحوية مع دولة قوية صامدة في سورية، بحسب ما يشدد خبير عسكري واستراتيجي.
المصدر: (tayyar.org)