– سنسعى تعديل قانون الإنتخابي مجدداً
أعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل أن العهد اللبناني الجديد برئاسة العماد ميشال عون مصر على الإنجاز، ولن يدع أي شيء يقف حائلا دون ذلك. وفي حوار مع «الشرق الأوسط» قال إن فريقه السياسي وضع خلفه كل «المناكفات» وقرر فتح صفحة جديدة، لكنه هدد بفضح كل من يعرقل في المرحلة المقبلة.
وكرر باسيل، أن «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه سيرشح مسلمين في مقاعد مختلفة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، نافيا بشدة ما يقال عن أن مشاريع قوانين الانتخاب المختلفة التي طرحت كانت كلها تهدف لتأمين وصوله إلى البرلمان، معتبرا أنه ضحى شخصيا في هذا القانون لأن الصوت التفضيلي على مستوى الدائرة كان أفضل له بكثير من حصره في القضاء كما أقر في القانون الجديد.
وأكد باسيل التزامه بـ«الاتفاق السياسي» فيما خص قانون الانتخاب الحالي، لكن لدورة واحدة، مؤكدا أنه سيعمل على تعديل القانون بعد الانتخابات المقبلة، معلنا أن الهدف الأساسي هو الوصول إلى الدولة المدنية، رغم اعترافه بصعوبة شديدة في تحقيق هذا الخيار.
وفيما يأتي نص الحوار:
* ما عنوان المرحلة المقبلة لبنانيا؟
– المرحلة المقبلة، يجب أن تكون مرحلة إنجاز، نحن قبلنا بتمديد تقني (لولاية البرلمان) من أجل الإصلاح السياسي الفعلي، ولم نقبل بتمديد سياسي. لبنان اليوم على مسار ميثاقي استقلالي. اللبنانيون لأول مرة في تاريخهم الحديث ينتخبون رئيسا للجمهورية بإرادتهم ومن دون تدخل، ويؤلفون حكومة ويعدون قانونا للانتخاب من دون تدخلات خارجية. إنها مرحلة لبنانية بامتياز، نريد أن نحولها إلى تفاهمات وإلى اقتصاد وطني منتج ومزدهر، كما فعلنا في الشق السياسي، وهو الأصعب.
* ماذا بعد ورقة بعبدا؟
– تنفيذها، لأن الكلام سهل. لا أحد يقول إنه لا يريد الكهرباء ومحاربة الفساد. الورقة ليست لمصلحة فريق دون غيره. هذه الورقة لكل الناس.
الورقة تطوي مرحلة، وتفتح مرحلة أخرى بعد إقرار قانون الانتخاب. نحن نمر بمرحلة تنفيذ ما اتفقنا عليه خلال النقاش على تفاصيل قانون الانتخاب. نحن نريد أن نذهب في اتجاه الدولة المدنية، وعلينا أن نحدد أي وجهة سوف نأخذ. علينا أن نقرر ماذا نغلب، حقوق الطوائف أو الشعب. نحن نريد الدولة المدنية التي تكلمت الورقة عنها، كما تكلمت أيضا عن تثبيت التساوي بين اللبنانيين من أجل الانطلاق نحو إلغاء الطائفية السياسية.
الشق الثاني من الورقة هو إصلاحي اقتصادي، وقد تم فيها تحديد ركائز العملية الاقتصادية. نحن نعطي أهمية كبرى للموضوع الاقتصادي، وكذلك محاربة الفساد وإصلاح الدولة.
* كيف التنفيذ؟ وعلى عاتق من؟
– رئيس الجمهورية هو من سيتابع، فهذه ورقته، والحكومة سوف تنفذ. هناك عمل متكامل ومؤسساتي سوف يتم في هذا المجال. والمهم في نهاية المطاف هو تحقيق الإنجاز الذي سيكون من مصلحة الجميع.
* وما الذي سيضمن عدم تأثر التنفيذ بالمناكفات السياسية التي شهدناها في الفترة الماضية في أكثر من ملف؟
– أتمنى ألا يكون هناك مناكفات. من الذي سيربح بالمناكفات؟ هناك انتخابات برلمانية مقبلة، والناس تريد أن تعمل وتنجز، ومن سيعرقل فسيفضح نفسه ويظهر بأنه هو من لا يريد الإصلاح والإنجاز. إذا أتينا بالكهرباء على مدار الساعة، فهل هذا يعني أن فريقنا السياسي هو من ربح؟ وهل هذا معناه أننا سنربح الانتخابات؟ أنا كنت وزير الاتصالات الذي خفض فاتورة الهاتف الجوال بعد سنوات من الأسعار العالية، فوفرت على المواطن، وزدت من مداخيل الدولة في الوقت نفسه. ومع هذا فقد رسبت في الانتخابات النيابية في العام نفسه. بدلا من أن يخاف كل فريق من الآخر، فليذهب كل منا إلى وزارته للعمل المنتج الذي يفيد الناس والدولة. البلاد لم تعد تحتمل هذا الترف السياسي. نحن مع المجتمع المدني بكل مطالبه. نحن أساس المجتمع المدني، وكنا نعمل دائما من أجله، فلا يصح أن نصبح متهمين بأننا نقف ضد المجتمع المدني.
الطوائف لا تستطيع أن تحمي الفاسدين. الوزراء الآن لا يحميهم أي أحد إلا عملهم، وحق الناس. أنا محبط لأننا في موضوع الكهرباء عملنا طويلا ولم نتمكن من تحقيق الإنجازات التي كنا نسعى إليها ونأمل فيها، فكانوا يعملون كل يوم حكاية جديدة للعرقلة فقط. والأمر نفسه كان في قطاعات أخرى، وكانت النتيجة عرقلة عمل الدولة وحرمان الناس من أبسط حقوقهم، وبقاء البلد من دون نهضة اقتصادية.
الآن هناك فرصة حقيقية. انتخبنا رئيسا للجمهورية، وسننتخب مجلسا للنواب، ولدينا حكومة جديدة… السلطة يعاد تكوينها في لبنان، وقيمة الورقة (التي قدمها رئيس الجمهورية) أنها رسمت خريطة طريق.
* وكيف ذلك؟
– حددت المواضيع بدقة، فتحدثت عن الكهرباء والمياه والنفط… برنامج متكامل. لقد حددت الورقة ما الذي يجب أن نقوم به، ولم تكتف بسرد العموميات فقط. الورقة خطة عمل للمرحلة المقبلة وتحتاج إلى تطبيق. ولعل أهم ما في هذه الورقة، هو أن هناك رئيس جمهورية يقول إنه مهتم بقضايا الناس اليومية، ويعمل على التفاصيل.
* إلى أين ستأخذنا لو طبقت؟
– إذا طبقناها ينهض البلد ويعود الناس إلى العمل والإنتاج.
* الرئيس عون قال إن الناس فقدت الثقة بالدولة كلها
– معه حق. أنا كنت أقول إنه إذا لم نتمكن من إعادة الكهرباء على مدار الساعة، فالناس من حقها أن تشكو.
* هل قطعنا مرحلة العصي؟
– نحن نقول إننا أمام مرحلة جديدة. ونتمنى ألا يعرقل أحد بعد اليوم.
* ماذا لو لمستم عرقلة؟
– إذا تمت العرقلة، فسنتكلم بشكل واضح. أنا لا أريد أن أنظر إلى الوراء، بل إلى الأمام. أنا لا أريد أن أقول إننا سنقوم بتنفيذ كل ما نريد، كما نراه. هناك وزارات ليست معنا بوصفها فريقا سياسيا، وعليها جزء أساسي من المسؤولية في التنفيذ.
نحن نقول إنه على كل وزير أن يقوم بدوره بشفافية مطلقة. وإذا لم يقم بذلك فلن نسكت، ورئيس الجمهورية لن يسكت. وإلا فإن البلد سوف يذهب إلى الهاوية. نحن البديل، لكننا نريد من الناس أن تعطينا الأكثرية في مجلس النواب لنكون البديل، وإذا لم يعطونا إياها بسبب الوضع الطائفي، فنحن مجبرون على أن نعمل مع الآخرين، ولهذا نأمل في أن يعطوا الذين يشبهوننا. نريد من الناس أن تصدق أن العهد الجديد سوف يعطي الفارق، ونعمل من أجل ذلك.
* ماذا عن قانون الانتخاب… لقد أقر في البرلمان، وطالبتم في اليوم التالي بتعديله؟
– القانون فيه أخطاء، ولا بد من تصحيحها. أنا ملتزم بالاتفاق السياسي (حول القانون) وأطالب بتعديله، لكن ليس بهذه الدورة (الانتخابات المقبلة).
المرشح يجب أن تكون لديه شعبية كافية، والقانون الجديد يسمح له بالفوز بالحد الأدنى من الأصوات التفضيلية، وهذا عيب في القانون يجب تصحيحه. أما في هذه الدورة فهناك أشياء تقنية يجب تصحيحها.
* كيف تطالبون بالدولة المدنية، وحقوق الطوائف في الوقت نفسه، ألستم كمن يطلب الشيء ونقيضه؟
– هي نقلة، يجب أن نتدرج فيها، بمواكبة ثقافية وتربوية وتغيير قوانين. لا تستطيع أن تقوم بقانون انتخاب عصري، في حين الزواج المدني ممنوع. نحن مع الدولة المدنية الشاملة، وللانتقال إليها، يجب أن تطمئن الطوائف لحاضرها ومستقبلها.
فكيف للمواطن أن يطمئن لدولة غير موجودة ولا تحميه. أنا مدرك أن الأمر ليس سهلا، لكننا نستطيع بالعمل الجاد وتدريجيا.
يمكننا مثلا أن نبدأ بزواج مدني اختياري، ومن ثم بقانون زواج مدني إجباري في وقت لاحق. نحافظ على الطوائف بحضورها وثقافتها وبالتربية والمدارس، فهذا جزء من تنوع لبنان وجماله، لكن الدولة يجب أن تكون لديها علاقة منفصلة مع الناس.
* هناك مخاوف لدى المسيحيين تتعلق بالديموغرافيا، فكيف تستطيع أن تحفظ حقوقهم في دولة مدنية؟
– أحسن حماية هي الدولة المدنية، بسبب هذه العوامل تحديدا. فنحن نخرج من نغمة العدد والتناغم والتفاهم. في الوضع القائم حاليا لا يمكن أن تطبق بالتأكيد. وإذا لم نستطع تطبيقها، فالناس – وأنا أولهم – سيذهبون باتجاه المطالبة بمزيد من التحصين للحقوق الطائفية.
* تقول إنك في القانون النسبي ستخسر مقاعد، في حين أنت تطالب الناس بإعطائك الأكثرية، فكيف ذلك؟
– أنا أريد الأكثرية الإصلاحية، لا أكثرية التيار الوطني الحر. إلا إذا استطعنا تأليف «لائحة الأوادم» من كل الطوائف والأحزاب.
* هل ارتسمت صورة التحالفات لديكم؟
– كلا، لأنها مفتوحة على كل الاحتمالات. لدينا تحالفات أساسية واضحة سنحاول أن نحافظ عليها في الانتخابات. ومن فوائد النسبية أنها تعطيك المرونة، فتستطيع أن تتحالف، أو أن تنزل إلى الانتخابات وحيدا.
* وتحالفكم مع «القوات»؟
– هو يخضع لاعتبارين، الأول مصلحة كل فريق انتخابيا وشعبيا، وبالنسبة إلينا أن نبقى محافظين على وحدة المجتمع واستقراره والوحدة التي تعطي القوة في تحقيق الأهداف.
نحن يهمنا أن تتمكن القوة الكبرى من ترجمة قوتها الحقيقية، كما أن النسبية تسمح للقوى الصغرى أن تتمثل، لكن بحجمها الحقيقي. لا يمكن أن نعود إلى الأحجام المنتفخة، مخلفات (قانون) لا بد من أن تذهب معه.
* هل ستكون ترشيحاتكم مقتصرة على المقاعد المسيحية، أو ستحاولون القفز فوقها؟
– بالتأكيد لن تقتصر على المقاعد المسيحية. التيار (الوطني الحر) يريد أن يثبت حضوره على مستوى لبنان. إنها مناسبة لأن نثبت فيها حضورنا، وأن نحضر فيها لمراحل لاحقة، يكون فيها التمثيل السياسي أوسع من السابق.
* سيكون لديكم مرشحون مسلمون؟
– نعم بالتأكيد.
* في كل الدوائر؟
– الأمر يتوقف على المصلحة الانتخابية.
* تحالفكم مع تيار المستقبل هل سيترجم في الانتخابات؟
– نعم.
* كيف… بلوائح مشتركة أم تعاون؟
– سنرى لاحقا كيف يمكن أن يترجم.