أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


العلويون في طرابلس يحذرون: “لسنا في جيب أحد” (بقلم حسان الحسن)

بات مؤكداً أن منطقة جبل محسن في طرابلس ذات غالبية السكان العلويين، لم تعد كسابق عهدها؛ أي ككتلة ناخبة وازنة تصبّ غالبية أصواتها لمصلحة فريق أو اتجاه سياسي معيَّن، خصوصاً أنها تُركت لقدَرها وغُيِّب صوتها عمداً عن البرلمان، والأنكى من ذلك أن قرار إلغاء الحضور العلوي في المجلس النيابي جاء بعد مصالحة عقدها الرئيس سعد الحريري مع النائب السابق علي عيد في طرابلس عام 2008 في دارة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، اعترف بها الأول لثاني بدوره كمرجعية أولى في “الجبل”، وذلك لطيّ صفحة العنف الدامي بين الطرابلسيين.

بعد اعتراف الحريري ذاك بأشهر قليلة، واستضافته الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد على إحدى الموائد الرمضانية في قريطم، جاء موعد الانتخابات النيابية في العام 2009، يومها نفض يده من المصالحة وعاد إلى نهجه الأحادي والإلغائي، رافضاً إيصال صوت “الجبل” إلى الندوة البرلمانية، متبنياً ترشيح دمى انتخابية في يده، يقتصر تمثيلها على مئات أصوات العلويين في طرابلس وعكار في الحد الأقصى، بذريعة واهية، ونبش سجلات جولات الإقتتال بين باب التبانة وجبل محسن، الأمر الذي جعل أبناء الجبل يشعرون وكأنهم جالية غريبة في مدينتهم.

الطامة الكبرى كانت عند اندلاع الحرب على سورية، فاقتصّ “المستقبل” وزبانيته من “أبناء جبل محسن” على توجُّههم السياسي وانتمائهم الديني، يوم أشعل مجدداً فتيل جولات الاقتتال بين “الجبل” و”التبانة”، ولمع آنداك نجم المسوؤل العسكري في “تيار الحريري” العقيد المتقاعد عميد حمود، في تمويل المسلحين، ومدّهم لوجتسياً، حسب اعتراف أمراء المحاور الذين سيقوا إلى المحكمة العسكرية، ولم يتم حتى الآن التحقيق الجدي مع حمود، بسبب الغطاء السياسي “الأزرق” الذي يحظى به.

إلى ذلك، تعرّض أهالي “الجبل” لشتى أنواع الاعتداءات، وأقسى أنواع الإهانات، ثم جاءت التسوية التي أفضت إلى ولادة حكومة الرئيس تمام سلام، فإذا بأحد رموز الاقتتال في عاصمة الشمال اللواء أشرف ريفي تُسند إليه وزارة العدل، وأُخرج رفعت عيد من المدينة، ما رفع أيضاً منسوب الإحباط والخيبة لدى العلويين في طرابلس، لاسيما أن عيد كان في طور التحقيق في الجريمة، ولم يصدر في حقه حكم قضائي مبرَم آنذاك.

استمر الإجحاف بحق “جبل محسن”، بعد تغييبهم بالكامل عن المجلس البلدي والمجالس الاختيارية، ومصادرة قرارهم مجدداً من بعض الأفرقاء السياسيين اللاعبين على الساحة الطرابلسية.

واليوم، مع اقتراب الاستحقاق النيابي، لم يتغير سلوك غالبية الأفرقاء الطرابلسيين تجاه المكوّن العلوي، خصوصاً حلفاء المقاومة في عاصمة الشمال، رغم ثقل الصوت العلوي في هذا الاستحقاق، حيث يحاولون وضع هذا الصوت في “الجَيب”، من دون الوقوف على آراء المرجعيات العلوية، ما يسهم أكثر فأكثر في تشتُّت أصواتهم في الانتخابات المقبلة، لاسيما بوجود طفرة في المرشحين عن المقعد العلوي في الفيحاء؛ في ضوء الغياب القسري للمرجعية العلوية عن المدينة.

وتعقيباً على ذلك، يؤكد مرجع علوي طرابلسي أن أبناء الطائفة ليسوا في “جَيب” أي جهة على الإطلاق، وسيكون لهم موقف، سيفاجئ الجميع، في حال استمرار سياسة التهميش المجحفة في حقهم، من الحلفاء قبل الخصوم، مطالباً حلفاء خط المقاومة بتدارُك تفاقم الأخطاء وتراكمها قبل فوات الأوان، ومشدداً على ضرورة تمثيل جبل محسن بمرشح يجسد الوجدان العلوي، لرفع الغبن اللاحق بأبناء الطائفة منذ العام 2005، والكف عن الإمعان في تغييب الصوت العلوي الحقيقي عن المجلس النيابي.

في المحصلة، لاريب أن تشتت الصوت العلوي في طرابلس يصب في مصلحة الفريق المعادي لمحور المقاومة، ما قد يمكِّن خصومه من اختراق أهم قلاعه في الشمال، وبالتالي مصادرة صوته مجدداً.

-الثبات-