أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


التحالف الإنتخابي، ودمجُ القُطعان تحت أقدام الرِعيان!

– من عُمق العذابات الشعبية، الماضية والحاضرة والقادمة ( أمين أبوراشد )

***

ليس في التحالف الإنتخابي غير السياسي أي ضير، عندما يكون على مستوى حزب كالتيار الوطني الحر، مع مرشَّح مُستقل سياسياً بمستوى الوزير زياد بارود، وهذا التحالف – إن حصل – في دائرة كسروان جبيل، فلأن للتيار امتداده الشعبي كحزب، وللوزير بارود قيمته الوطنية لما يحمل من رمزية شبابية عصامية رائدة، وكفاءة علمية عالية، وسمعة سياسية نظيفة تؤهله لأن يكون واجب الوجود في المجلس النيابي القادم سواء تحالف مع التيار الوطني الحر، أم قرر أن يكون مستقلاً.

أما أن يقوم تحالفٌ إنتخابي غير سياسي، بين فرنجية- حرب- طوق، لمحاربة التيار وتطويقه، فإن للبنانيين تاريخ مع الباكاوات والمشايخ من زمن العثمانيين، وكل ألقاب “الدم الأزرق” في لبنان، هي متوارثة أباً عن جد، يوم كان الجدّ بأمرة “الدولة العثمانية العليَّة”، وموثوقاً به في جباية الضرائب من طبقة الفلاحين ومَن يُضرِب منهم عن دفع الضريبة يُضرَب، لا بل يتمّ التنكيل به وبعائلته وبأرزاقه حتى ينصاع لأوامر “المقاطعجيي”.

وكما تتوارث طبقة “الدم الأزرق” الباكاوية والمشيخة والعز الإقطاعي، تتوارث أيضاُ رقاب الفلاحين منذ بدايات القرن السابع عشر وحتى يومنا هذا.

في منتصف القرن الماضي، كان هناك زعيم من آل المرعبي مقيم في بيروت، وعندما كان يزور قريته العكارية، كان يتمّ تأهيل الطريق الترابية المؤدية لمنزله وإزالة الحصى منها وردم الحُفر، كي لا ينزعج خاطر سيارة الزعيم، وعندما تتوقف أمام دارته يُسارع بعض الرجال الى حمل الزعيم من السيارة كي لا يمشي خطوات نحو باب المنزل و”يتغبَّر” حذاؤه!

مشكلة الشعب اللبناني مع الإقطاع العائلي ما زالت موجودة في بعض المناطق التي تميل بالفطرة الى أن يكون لديها زعيم، ولا يستطيع أي حزب سياسي مهما كانت برامجه واعية وواعدة، أن تنتزع ولاء بعض أبناء مدينة زحلة على سبيل المثال لـ “البيت السكافي”، ولا بعض أبناء الشوف لـ “البيت الجنبلاطي”، وبعض أبناء كسروان لبيوت آل الخازن وحبيش وزوين والبون، ولا يستطيع أحدٌ أن يمنع سيدات زغرتا من التنافس على صنع أطيب كبّة زغرتاوية في ولائم آل فرنجية أو معوض، ومن تنال شهادة من البيك أن “كبكبتها” و”تقريصها” و”حشوتها” أفضل من سواها فهي محظية ومحظوظة ونالت رضا “كبار القوم” وباتت مقصودة من “الصغار” للتوسُّط لدى أهل الدار في كل الأمور الخدماتية!

من عُمق العذابات الشعبية، الماضية والحاضرة والقادمة نقول:
لا داعي للعجب من تدنِّي الخطاب السياسي عند بعض رموز الإقطاع حتى الدرك الأدنى، وطالما أننا نؤمن بوجوب أن تتلوث كرامتنا كي لا يتغبَّر حذاء الزعيم، وطالما أننا نسمح لوريثة إقطاع على حافة قبرها أن تُعيِّر مهندساً عصامياً ووزيراُ يعمل 20 ساعة في اليوم، أن والده كان يعمل أجيراً لدى والدها، وطالما أن الزعامة في فكر هذه “الطبقة العفِنة” ليست للكفاءات العلمية ولأهل الكفاح والنضال، بل هي حكرٌ على البيك إبن البيك حتى ولو كان لا يحمل الشهادة المتوسطة، فاستعدوا يا أهل الكرامة لإلتقاط ما بقي لكم منها، مِن على أدراج قصور الزعماء التي بُنيت بعرق الفلاحين ودمائهم ومستقبل أبنائهم.. والسلام !