أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


شجرة “خرضوات” المطار، روعتُها في بشاعتها!

– لأننا ننفر من البشاعة، دعونا نعترف… (أمين أبوراشد – الثبات)

***

رفضنا فكرة الشجرة الميلادية التي رفعتها شركة طيران الشرق الأوسط في إحدى صالات مطار بيروت، وزيَّنتها بقطع من خردة الطائرات وحقائب السفر، وحمَّلنا رئيس الشركة محمد الحوت قبل سواه مسألة هذه البشاعة، ولكن، إذا كانت الشركة قد حاولت إيصال رسالة توعية وتحفيز لإعادة تدوير النفايات والحفاظ على “أخضر لبنان”، فإن فكرة الشجرة على بشاعتها، لا تعني أن ننسى الرسالة التي شاءت “الميدل إيست” إيصالها وفشِلت، لأننا نحن أيضاً فشلنا في تماسك أعصابنا، ولجأ البعض منا الى سلاح “يا غيرة الدين”، واستخدموا إيمانهم بطفل المغارة وسيدتنا مريم العذراء، في اعتبار أن هذه الشجرة تمسّ الذات الإلهية، علماً بأن شجرة الميلاد تدخل بيوت المسلمين كما المسيحيين، وعيد الميلاد المجيد لم يعُد بالنسبة للكثيرين من المسيحيين، ذكرى ذلك الطفل الذي وُلِدَ في مزودٍ حقير، بقدر ما أن الميلاد بات يرمز الى “سانتا كلوز” والهدايا والموائد، والبذخ المٌبالغ فيه ولا يُشبه تواضع السيد المسيح بشيء!

أُزِيلت تلك الشجرة من المطار نتيجة ردود الفعل السلبية، والناس على حق، لأن أبشع ما في هذه الشجرة، أن المُسافر يرى فيها بقايا طائرات مُحطَّمة وحقائب مسافرين ماتوا وتناثرت حقائبهم مع حُطام الطائرة، وهي رسالة سلبية لمن يستعد لركوب الطائرة مُغادراً، أو لمن نزل من الطائرة وصولاً بالسلامة، ولا ضرورة لقراءة حُطام أو مجموعة “خرضوات” متناثرة على شجرة تستقبل وتودِّع المسافرين لإيصال رسالة بيئية إليهم، خاصة أن مطامر النفايات تطوِّق مطار بيروت.

ومع إنزال شجرة “الرسالة الفاشلة”، ليتنا ننجح جميعنا في ضبط أعصابنا لقراءات هادئة، وإذا كان صاحب فكرة هذه الشجرة قد فشِل في التعبير وعاشت فكرته بضع ساعات، فإن مهندساً أراد منذ سنوات إيصال رسالة على مستديرة الصالومي وعاشت فكرته سنوات حتى ضاق الناس ذرعاً منها رغم رسالته الهادفة.

المستديرة الخضراء التي كانت على الصالومي وتمَّت إزالتها بداعي توسعة االطريق، كانت قبل سنوات مستديرة من الإسمنت تحتضن حوالي خمس أو ست سيارات غارقة في الإسمنت، وأراد المهندس صاحب الفكرة إيصال رسالة، أن بيروت باتت كُتل إسمنتية وسيارات، في دعوةٍ منه الى الحفاظ على ما بقي من مساحاتٍ خضراء في بيروت، وبعد بضع سنوات، قامت قيامة من وصلته الفكرة ومن لم تصِله، وأعلن غالبية سكان منطقة سن الفيل رفضهم لهذه “الفكرة البشعة” لتزيين مستديرة الصالومي.

ومن المعترضين، سيدة تسكن بناية تُشرف على مستديرة الصالومي، قالت في إتصال مع إحدى الإذاعات:
“نحن اختنقنا من البنايات المتلاصقة والسيارات التي تملأ شوارع بيروت، ونهرب الى بيوتنا لنرتاح من الزحمة، ولا نخرج الى الشرفة كي لا نرى المشهدية التي هربنا منها، فنصطدم بهذا المنظر البشع لسيارات طمروها بالإسمنت في وسط المستديرة، …أزيلوا هذه البشاعة من أمامنا، وازرعوا الأخضر مكانها إذا أردتم الحفاظ على البيئة”.

ولأننا ننفر من البشاعة، دعونا نعترف أنها حقيقة بعضنا، كلما اقتلعنا أو أحرقنا شجرة من بلادنا، وكلما رمينا نفاياتنا عشوائياً ولوَّثنا البرّ والبحر، وقبل تحميل الدولة مسؤولية معالجة النفايات، فلنتوقَّف عن رمي المهملات من سياراتنا، وكأن الشارع ليس لنا، ودعونا في الختام، نتحلَّى بالأخلاق في القيادة وفي التعاطي مع بعضنا، لأن أخلاق البعض في الشارع اللبناني أقذر من النفايات…

لقراءة الخبر من المصدر (إضغط هنا)