أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


التوطين بالوقائع: فلسطينيون يتملكون بإقرارات كُتّاب العدل وما من محاسبة…

– (هادي فولادكار – موقع النشرة)

***

فيما تُجمع القوى السياسية في لبنان، ولو ظاهرياً، على رفض توطين الفلسطينيين في لبنان، تمكّن عدد من الكتاب العدول من توطينهم بطريقة غير مباشرة وغير قانونيّة، عبر اعطائهم حق تملك المنازل. ورغم منع القوانين اللبنانية لهذا التملك، بهدف التمسّك بحقّ العودة، فإن عدداً من الاقرارات قد كتبت عند كُتّاب العدل لإعطاء الفلسطينيين هذا الحق غير المشروع في القوانين اللبنانية.
وكانت منذ فترة قد كشفت بعض وسائل الاعلام هذا الأمر عبر نشر فقط صورة اقرار كتب لدى كاتب عدل. الا ان شيئاً لم يتغير ولم يُحاسب أحد. فما هي تفاصيل هذه الظاهرة؟ وكيف تتم العملية؟ وما هي مظاهر مخالفة القوانين في الموضوع؟.

عندما يسمح القانون

أولى الحالات التي حصلت عليها “النشرة”، هي تنظيم كاتب عدل عقد بيع ممسوح سُجل لديه بعدد 3621/2008 تبيّن من ظاهره بأن مشتري القسم رقم 13 من العقار رقم 2835 من منطقة عين عنوب العقارية هو السيد محمد خليل المصطفى الحسين، من الجنسية اللبنانية، والشاهد على العقد المذكور هي السيدة مريم ابراهيم ذياب، من التابعية الفلسطينية. وبعد قيام الحسين بتسجيل القسم المذكور أعلاه على إسمه لدى أمانة السجل العقاري، واستصدار سند تمليك بإسمه، قام بتاريخ 26/10/2010 بتنظيم إقرار وتعهد لدى ذات الكاتب العدل لمصلحة السيدة مريم ابراهيم ذياب، من التابعية الفلسطينية وابنها سُجِّل لديه برقم 20753/2010، وجاء فيه ما يلي:

“أنا الموقع أدناه محمد خليل المصطفى الحسين، أصرح طائعاً مختاراً وأنا بأكمل الأوصاف المعتبرة شرعاً وقانوناً بما يلي:
أقرّ انني أملك الشقة السكنية-القسم رقم الثالث عشر من العقار رقم2835 من منطقة عين عنوب العقارية بموجب سند تمليك قسم خاص، وأن هذه الشقة تعود للسيدة مريم ابراهيم ذياب، الفلسطنية تولد 1962 ملف رقم 65 بيان احصائي رقم 8963 والدتها منيبه، غير أنه تم تسجيلها على اسمي بسبب عدم سماح القانون اللبناني بتملك المواطنين الفلسطينيين.

وانني اتعهد بتسجيل هذه الشقة على اسم السيدة مريم ابراهيم ذياب و/أو إسم إبنها السيد ماهر محمد أسعد الفلسطيني -تولد 1985- ملف رقم 65 بيان احصائي رقم 8963 عندما تسمح القوانين اللبنانية بذلك أو على اسم من يريدان في حال أرادا بيعها.

كما اتعهد بعدم ترتيب أي حق عيني على القسم المذكور أعلاه سواء كان رهناً أو تأميناً أو بيعاً أو من أي نوع كان طالما القسم على إسمي.
هذان الاقرار والتعهد نهائيين لا رجوع عنهما ملزمين لي ولورثتي من بعدي، صالحين للتنفيذ مباشرة لدى كافة المحاكم المختصة، وفي حال وفاتي تنتقل ملكية هذا القسم حكماً إلى السيدة مريم ابراهيم ذياب و/أو إسم إبنها السيد ماهر محمد أسعد أو على اسم من يريدان في حال ارادا بيعها”.

يُستخلص من كل ما تقدم، أن السيديْن ماهر محمد أسعد ومريم ابراهيم ذياب، من أجل خلق مُبرِّر غير قانوني قاما بداية باستعمال شخص لبناني مستعار وهو محمد خليل المصطفى الحسين، وذلك من خلال تنظيم عقد بيع ممسوح بإسمه ومن ثم بعد اتمام عملية التسجيل لدى الدوائر العقارية عاد هذا الشخص المستعار نفسه (أي محمد خليل المصطفى الحسين) ونظم إقراراً وتعهداً لدى ذات الكاتب العدل، لمصلحة السيديْن ماهر محمد أسعد ومريم ابراهيم ذياب، وهما من التابعية الفلسطينية، بهدف التستّر على ملكيتهما الفعلية للقسم رقم 13 المذكور، وجاء كل ذلك بشكل مخالف لأحكام القانون وأحكام الدستور لجهة رفض التوطين.

الإقرار والتعهد أقر المدعى عليه الثاني محمد خليل المصطفى الحسين صراحةً بأن ملكيته هي غير حقيقية ومستعارة لمصلحة شخص فلسطيني، ومن ثم قام بتقرير واقعة بشكل مباشر بانه في حال وفاته تنتقل الملكية الى المدعى عليها الفلسطينية او ابنها، وجاء في تصريحه “أن هذه الشقة تعود للسيدة مريم ابراهيم ذياب، الفلسطينية تولد 1962 ملف رقم 65 بيان احصائي رقم 8963 والدتها منيبه، غير أنه تم تسجيلها على اسمي بسبب عدم سماح القانون اللبناني بتملك المواطنين الفلسطينيين”.

أما في دائرة الكاتب العدل في الشويفات، وهي ثاني الحالات، فبموجب عقد البيع الممسوح رقم 12204/2009، اشترت ظاهرياً اللبنانية حكمت عز الدين الشامي القسم رقم 11/B من العقار رقم 1428 بشامون، وبموجب الإقرار لدى الكاتب العدل في الشويفات، ظهرت حقيقة مشتري هذا العقار وهي الفلسطينية دينا سمير جرمان، وبالطريقة عينها التي جرى فيها الاقرار الأول.

أشغال شاقة!

في السياق القانوني، وتبعاً لكل ما تقدّم، يظهر جليّا مخالفة القانون. فتنص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من المرسوم رقم 11614 تاريخ 04/01/1969 (المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية) على أنه لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين. وتنص المادة 16 من المرسوم المذكور أعلاه، على أنه يُعدّ باطلاً بطلاناً مطلقاً وبحكم غير الموجود، كل عقد أو عمل يجري خلافاً لأحكام هذا القانون ويُعاقب من أقدموا عليه واشتركوا فيه أو تدخلوا بأي وجه من الوجوه ومن قاموا بتصديقه أو تسجيله، مع علمهم بأمره، بالأشغال الشاقة الموقتة، وتطبق هذه الأحكام على كل عمل قانوني أُبرِم عن طريق شخص مستعار تجنباً لتطبيق أحكام هذا القانون. يُعدّ باطلاً كل بند يرمي إلى ضمان تنفيذ مثل هذا العمل الباطل أو إلى الإلزام بالتعويض في حالة عدم تنفيذه. وتنص المادة 15 من المرسوم المذكور أعلاه، على أن يُعاقب كل من يُقدِّم إفادة أو بياناً أو تصريحاً مخالفاً للحقيقة للعقوبات المنصوص عليها بالمادة 16، وتصادر دون مقابل العقارات التي تم تملكها بالاستناد إلى الإفادة أو البيان أو التصريح الكاذب.

لناحية الجرائم المرتكبة من قِبل كُتّاب العدل، نصت الفقرة 2 من المادة 1 من المرسوم رقم 11614 الصادر بتاريخ 4/1/1969 والمعدلة بموجب القانون رقم 296 تاريخ 3/4/2001 على أنه “لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها أو لأي شخص اذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين”. ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 15 من المرسوم المذكور على أنه “يعاقب كل من يقدم افادة أو بياناً او تصريحاً مخالفاً للحقيقة بالعقوبات المنصوص عليها بالمادة 16 من هذا القانون وتصادر دون مقابل العقارات التي تملكها بالاستناد إلى الإفادة او التصريح أو البيان الكاذب. يقضي بالمصادرة بالحكم الذي بالحكم يقضي بالادانة بالجرم المذكور وتوضع إشارة على العقارات المذكورة عند الادعاء بهذا الجرم.”

كما نصت المادة 16 من ذات المرسوم المذكور على أنه “يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً وبحكم غير الموجود كل عقد أو عمل يجري خلافاً لأحكام هذا القانون وللنصوص التي تصدر من أجل تعيين أصول تطبيقه، ويعاقب من أقدموا عليه أو اشتركوا أو تدخلوا فيه بأي وجه من الوجوه ومن قاموا بتصديقه أو تسجيله، مع علمهم بأمره بالإشغال الشاقة المؤقته وبغرامة تتراوح بين قيمة الحق العيني وثلاثة أضعافه. وتطبق هذه الأحكام على كل عمل قانوني أبرم عن طريق شخص مستعار وتجنباً لتطبيق أحكام هذا القانون. ويُعدّ باطلاً كل بند يرمي إلى ضمان تنفيذ مثل هذا العمل الباطل أو الى الالزام بالتعويض في حال عدم تنفيذه”.

الملايين للخزينة

في حالتنا الحاضرة، وفي حال تمّ تطبيق القانون على الكاتب العدل، فإن الدولة اللبنانية ستنعم بمصادرة شقة قيمتها لا تقل حاليا عن 000 200$ إضافة إلى فرض غرامة عليه قيمتها 000 600$ أي ما مجموعه 000 800$. وفي الحالة الأخرى، في حال تمّ تطبيق القانون على الكاتب العدل في الشويفات، فإن الدولة اللبنانية ستنعم بمصادرة شقة قيمتها لا تقل حاليا عن 000 150$ إضافة إلى فرض غرامة عليه قيمتها 000 450$ أي ما مجموعه 000 600$. أي ما مجموعه مليون وأربعمئة ألف دولار أميركي.

لكن اللافت في الأمر، أنه عندما بدأت تشاع أخبار هذا الملف في الاعلام، هبّ مجلس كتاب العدل في لبنان ليستنكر التعرض لكتاب العدل. وأسف من “التطاول عليه إعلاميا حيث لا يجوز التشكيك بالقيم التي يتحلى بها المجلس كونه الهيئة التمثيلية لجميع كُتّاب العدل واذا ما كان من غاية “في نفس يعقوب” بالتشهير بالمجلس أو باسم أحد من الزملاء”.

لكن هذا المجلس، لم يعمل على محاسبة المتورطين في هذا الملف، أو على الأقل التقدم بإخبار لدى وزارة العدل أو لدى النيابة العامة للقيام بما هو مطلوب. واكتفى المجلس فقط باستنكار الموضوع. فحبّذا لو يقوم المجلس بمحاسبة الذين عملوا على تشويه سمعة المهنة وليس الاعلام الذي يعمل دائماً لتحصين عملهم.

هذا الملف تضعه “النشرة” في يد وزير العدل سليم جريصاتي لاجراء المقتضى. فهل ستتحرك النيابات العامة لتطبيق القانون ومصادرة هذه العقارات والكشف على سجلات كُتّاب العدل للكشف على سائر عمليات تملّك الفلسطينيين المشابهة التي قاما بها؟