هذه ليست أقوال لاهوته لكنها أقوال طبيعته الإنسانية التي لا تشاء أن تموت
☦ من ثِمار آبائنا القديسين ☦
نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟
اضطِراب نفسُ الرّبّ يسوع ينزع اضطِراب نفوسنا؛ آلامه هي سرّ راحتنا الأبديّة.
لقد انطلق السّيد المسيح بإرادته ومسرّته ليحمل خطايانا، وكان لزامًا وسط مسرّته أن تضطرب نفسه بسبب هَول خطايانا.
لقد حمل ضعفاتنا فيه ليهبنا روح القوّة. اضطِراب نفسه هو حزن مقدّس يولد فرحًا في قلوب البشرية المؤمنة، ومسرّة للآب من أجل مصالحته مع البشرية، وتهليلًا للسمائيين.
اضطربت نفس الرّب وهو يدخل طريق الصليب الضيّق حتى نشاركه آلامه وندخل معه إلى أمجاده السماوية. آلامه هي مجرد ساعة قد حلّت وستعبر، لتحتل الأبدية التي لا يحدّها زمن ما. يرى البعض أن الفعل هنا في اليونانية يحمل معنى الاضطراب أكثر منه الخوف.
جاء حديثه مع الآب يكشف عن مسرّته بالصليب، إذ يقول: “لأجل هذا أتيتُ إلى هذه الساعة“، ولكي يحملنا إلى حياة التسليم والتواضع يصرخ: “أيها الآب نجّني من هذه الساعة”.
هذه ليست أقوال لاهوته لكنها أقوال طبيعته الإنسانية التي لا تشاء أن تموت، وتتمسك بهذه الحياة الحاضرة، موضحًا بذلك أنه لم يكُن خارج الآلام الإنسانية، لأنه كما أن الجوع ليس زللًا ولا النوم، فكذلك ولا الإرتياح إلى الحياة الحاضرة زلل، وللسّيد المسيح جسد نقي من الخطايا، وليس جسد متخلص من الضرورات الطبيعية، لذا اقتضت الحكمة أن يكون له جسد.
☦ القدّيس يوحنّا الذّهبي الفم (٣٤٧-٤٠٧) ☦
المصدر: مجموعة † آبائيـات †