توصّل التيار الحر الى قناعة تقضي برفضه بعد اليوم تلقي الضربات الموجعة نيابة عن أي طرف
جملتان “مفيدتان” في المؤتمر الأخير لرئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، حول رفض التوقيع الشيعي الثالث، ووضع حياد لبنان على طاولة الحوار، استوقفتا المتابعين لأنهما كفيلتان بقلب الامور رأساً على عقب بالنسبة الى علاقة التيار الوطني الحر مع الثنائي الشيعي، او على الأقل الانتقال الى المرحلة الوسطية او الرمادية بانتظار جلاء الصورة.
تفسيرات كثيرة أعطيت لخطاب باسيل، قد يُثبت أحدها صوابيته مع الأيام، الا ان المؤكد ان خطاب باسيل كان عالي السقف وبدا موزعاً باتجاه الداخل والخارج. في الشق الأول طَرَحَ ترسيم الحدود البرية والبحرية، كما طَرَحَ الملف الأكثر سخونة بالنسبة الى الفريق الشيعي المتعلق بالمداورة في الوزارات والحياد، لتصل أصداء الرسائل الى الخارج في محاولة يضعها أخصام باسيل في إطار الهروب من الاستهداف الأميركي لحلفاء حزب الله بلائحة العقوبات.
موقف باسيل يُفسّرهُ أخرون في اطار تمرد باسيل وتوصّل التيار الحر الى قناعة تقضي برفضه بعد اليوم تلقي الضربات الموجعة نيابة عن أي طرف. فالتيار دفع ثمن خيارات سياسية مكلفة من رصيده، وتعرض رئيسه منذ ١٧ تشرين لحملة مركزة، زادت وطأتُها شِدّة بعد تفجير مرفأ بيروت وتضرر منطقة مسيحية حيوية، مما حتّم مراجعة شاملة للموقف من الأحداث.
يعترف العونيون في مجالسهم الخاصة بخسارتهم الشعبية، لكنهم يرفضون الحديث عن إنقلاب على الثنائي الشيعي، معتبرين ان هناك قراراً بملاقاة المبادرة الفرنسية في منتصف الطريق إتُّخِذَ منذ فترة، وان موقف المداورة مبدئي لا علاقة له بالتفاهمات، بل يصبُ في اطار التمايز عن الحلفاء في العديد من الملفات، رافضين في الوقت ذاته عزل أي مكون طائفي وفتح الباب أمام توترات داخلية.
خارج فلك التيار، تبدو القراءة مختلفة ومتناقضة، ثمة من يقول ان باسيل قرأ الرسالة الأميركية جيداً بتحييده عن الدفعة الأولى من العقوبات، التي شملت حلفاء حزب الله واعطته الفرصة الأخيرة. وثمة من يعتبر ان حزب الله في مرحلة إرباك وتحسس في الداخل، فهو لم يستطع حماية حكومة حسان دياب وبدأ يفقد السيطرة، وبالتالي قد لا يكون قادراً على حماية باسيل في المستقبل.
في المقلب الاخر، هناك من يقول ان رئيس تكتل لبنان القوي صار متمايزاً جداً، فهو مؤخراً بات يُقدّم اوراق اعتماد لدى الأميركيين في العديد من النقاط الساخنة، وان حزب الله الذي أعدّ استقبالاً حميماً للقيادي الفلسطيني اسماعيل هنية، صار في مكان أخر بعد ان أربك حليفه العوني، الذي اضطر الى الرد بتلقف دعوة البطريرك بشارة الراعي الى الحياد، والغمز من قناة الفصائل الفلسطينية واستقبال هنية.
المصدر: www.lebanonfiles