كشف له خطاياه ووبّخه بقسوة من ثم بكى الاثنان..
(aleteia.org/ar) نزولًا عند إلحاح زوجته المتألّمة على فراش الموت قصد ألبيرتو ديل فانتي من بولونيا وهو ماسوني من الدرجة 33 بادري بيو في سان جيوفاني روتوندو. برغم استهزائه بالراهب بيو قائلًا إن عجز العلم فما الذي يستطيع فعله هذا الرّاهب المسكين قرر ديل فانتي تجريب حظّه وكأنه يلعب ورقة يانصيب على حد تعبيره.
عقب وصوله إلى الدّير ومشاركته في الذّبيحة الإلهية وقف في صف الإعتراف منتظرًا دوره وغيرعالم بما قد يفعله أو يقوله.
فجأة وجد نفسه وجهًا لوجه مع بادري بيو.
“لم أركع، وقفت أمام بادري بيو وسألته إن كنت أستطيع أن أحدثه لبرهة.”
صرخ الرّاهب بقسوة:”لا تضيع وقتي أيها الشاب، لماذا أتيت إلى هنا؟ ألتجرّب حظّك كمن يلعب اليانصيب؟ إن كنت تريد الاعتراف فاجث على ركبتيك أو انصرف ودعني أعرّف هؤلاء المساكين الذين ينتظرون دورهم.”
تفاجأ ديل فانتي باستخدام الرّاهب القديس التّعبير عينه الذي كان قد قاله لزوجته فامتلأ اضطرابًا وجثا على ركبتيه رغم عدم اقتناعه بما يفعل وعدم جهوزيته للاعتراف أو حتّى قول أي كلمة.
“لم أقو على تذكّر خطاياي التي لم أكن أدرك أنّي اقترفتها أصلًا.”
لكن ما لبث أن ركع ديل فانتي حتّى تغيّرت نبرة بادري بيو وأصبح يتحدّث بلطف وحنان أبوي.
“بدأ بادري بيو يسرد لي جميع أخطاء حياتي السابقة عن طريق أسئلة… آه كم كانت كثيرة!”
مطأطأ الرّأس أصغى المحامي الماسوني إلى أسئلة بادري بيو مجيبًا بنعم على جميعها.”
“تسمّرت في مكاني مصدومًا ومضطربًا، خصوصًا عند سماعي سؤاله الأخير…”
“ألا تخجل من نفسك،” قال الرّاهب الكبوشي بقساوة غير متوقّعة:” أنسيت تلك المرأة التي تركتها تسافر إلى أمريكا منذ وقت طويل؟؟؟
كانت تحمل ابنك… وأنت أيها البائس تخليّت عن الأم والإبن معًا!!”
أمام صحّة كلام بادري بيو إنعقد لسان ديل فانتي وأجهش بالبكاء.
“فجأة وضع بادري بيو يده بهدوء على كتفي فيما كنت متكئًا على مصلّى مغطيًا وجهي بيديّ. اقترب منّي هامسًا:”يا بنيّ لقد افتداك يسوع بدمه.”
“عندما سمعت هذه الكلمات شعرت وكأن سكينًا حادًا مزّق قلبي. رفعت وجهي الغارق بالدموع مردّدًا له:”سامحني يا أبت! سامحني! سامحني…”
عندها انهمرت الدموع من عينيّ الرّاهب الكبوشي الذي سارع إلى معانقة ديل فانتي.
“في تلك اللّحظة اجتاحني شعور بسلام عذب جدًا. ثم تحوّل ألمي إلى فرح لا يوصف ولا يُصدّق فقلت له:” أبت أنا كلّي لك، إفعل بي ما تشاء.”
عندها همس بادري بيو في أذني:”ساعدني بمساعدة الآخرين…. بلّغ تحياتي إلى زوجتك.”
غادر ديل فانتي سان جيوفاني روتوندو وفي قلبه سلام لم يشهده سابقًا…
“عدت إلى منزلي لأُدرك أن زوجتي قد شفيت!”
تشيزاري فيستا
أمّا المحامي الشّهير تشيزاري فيستا، فلم يخف رغبته كماسوني بمحاربة الكنيسة أثناء لقائه الأول مع بادري بيو.
فيستا الذي وصل إلى سان جيوفاني روتوندو بدافع الفضول لا أكثر جلس قبالة الراهب الكبوشي.
“ماذا، أنت هنا؟ أنت الماسوني هنا لمقابلتي؟” قال بادري بيو لحظة رؤيته زائره الجديد.
“نعم أبتي،” قال تشيزاري.
“ما هي نواياك كماسوني؟”
“أن أحارب الكنيسة من وجهة نظر سياسية.” أجاب فيستا.
عندها ابتسم بادري بيو وأمسك بيد زائره بلطف وأخبره مثل الإبن الضال. ما كانت إلّا ساعات قليلة حتّى وجد فيستا نفسه جاثيًا على ركبتيه أمام بادري بيو للإعتراف. كانت تلك المرّة الاولى التي يتقدّم فيها فيستا من سرّ الإعتراف منذ نحو 25 عامًا. وفي صباح اليوم التالي تناول فيستا الماسوني السّابق القربان المقدّس.
أمضى فيستا عدّة أيام برفقة الراهب القديس بهدف تقوية إيمانه وروحه. هذا وطلب بادري بيو من فيستا التريّث قليلًا قبل الإعلان عن هذا التّحوّل الجذري في حياته.
إلّا أنّه سرعان ما تصدّر اسم فيستا عناوين الصّحف في هجوم إعلامي شرس.
كيف لا وقد شوهد فيستا ضمن رحلة حج إلى لورد من تنظيم رئيس أساقفة ميلانو اشيل راتي (البابا بيوس السادس لاحقًا.)
زيارة فيستا إلى لورد تحولّت إلى حديث الصحف حيث عنونت صحيفة أفانتي الإشتراكية آنذاك:”ماسوني في لورد.” لم يكن قد ترك الماسونية ما دفع بالرّجل إلى توضيح ما حصل معه على أنّه معجزة روحيّة في لورد فهناك لا يتم شفاء الجسد وحسب بل النّفس أيضًا.
عندها تلقّى رسالة تشجيع من بادري بيو ورد فيها:”لا تخجل أبدًا بالمسيح وتعاليمه. لقد حان وقت القتال بانفتاح. فليعطك واهب كل النّعم القوة التي تحتاجها.”
منذ قراءته تلك الرّسالة بدأ فيستا الإعلان عن إيمانه بالمسيح مخلّص العالم قاطعًا كل العلاقات مع الماسونية عام 1921. الرجل مثل أمام البابا بندكتس الخامس عشر وأخبره عن التحوّل الكبير الذي حصل معه بفضل بادري بيو.