– المبالغ غير قابلة للتحويل الى الخارج.. وتلبية الحاجات بالدولار بفتح إعتمادات للقمح والمحروقات والأدوية
***
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان “هدف مصرف لبنان الأول هو الحفاظ على الإستقرار بالليرة وامكاناتنا متوفرة لذلك”، وشدد على ان “حماية المودعين موضوع أساسي ونهائي”، مشيراً الى “اتخاذ اجراءات لذلك، فلا اقتطاع من الودائع ابداً، ولن يكون هناك اي اقتطاع، ومصرف لبنان لا يريد ذلك وليس له صلاحية ليقوم بذلك، لأن الودائع ملك للبنانيين”. ولفت الى ان “الآلية التي وضعناها هي لحماية المودع من خلال عدم تعثر أي مصرف”.
وأعلن ان “الإحتياطي في مصرف لبنان يقارب الـ38 مليار دولار، بما فيه اليوروبوند واستثمارات البنك المركزي، والقدرة النقدية لدى المصرف في الوقت الحاضر، والتي نستطيع استعمالها فوراً هي في حدود الـ30 مليار دولار.
كلام سلامة جاء في مؤتمر صحافي عقده في قاعة المؤتمرات في المبنى الرئيسي، في حضور رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود ونقيب الصحافيين وحشد من الصحافيين.
واستهل كلامه بالاعتذار عن عدم دعوة جميع الصحافيين، ثم قال: “استطعنا الحفاظ على الإستقرار في سعر صرف الليرة اللبنانية، إلا اننا مررنا بتحديات منها الحرب السورية، منذ بدايتها حولت ميزان المدفوعات من ميزان مدفوعات فيه فائض الى ميزان مدفوعات فيه عجز، تراجع النمو الإقتصادي من 5 بالمئة الى 2 بالمئة، وفي 2015 واجهنا العقوبات وكان لها التأثير على حركة الأموال الى لبنان وحركة العمل المصرفي. كما انه كان لدينا مشاكل داخلية، وكما نتذكر الفراغ في سدة الرئاسة مرتين، إضافة الى الصعوبات في تشكيل الحكومات في لبنان ما أدى الى فراغات كبيرة وطويلة وآخرها في العام 2018 لـ9 أشهر في وقت كنا فيه بأمس الحاجة الى الإصلاحات، كذلك التأخير في إجراء الإنتخابات النيابية، ثم أتت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية، وكان لها آثار سلبية، حيث شهدنا تراجعا في السيولة في الأسواق اللبنانية وارتفاعات في الفوائد، ولم ترتفع الفائدة إلا عندما تراجعت السيولة بمعدل 3 بالمئة، كل ذلك تزامن مع توسع أكبر في حجم القطاع العام، ووصلنا الى عجز مرتفع خلال العام 2018 وصل الى أكثر من 11 في المئة نسبة الناتج المحلي في الوقت الذي كان الإقتصاد بحاجة للتمويل لينمو، كذلك شهدنا تراجعا في التصنيف الإئتماني في لبنان”.
وأضاف: “نصف هذا الواقع لأنه ساهم في زعزعة الثقة في البلد، كل هذه الأمور إضافة الى الإشاعات وبث الأخبار، أثرت على معنويات الأسواق“.
وقال: “ان هدف مصرف لبنان هو المحافظة على الثقة بالليرة اللبنانية، وهذا أمر أساسي والليرة أداة لتأمين النمو الإقتصادي والإستقرار الإجتماعي، ونسب التضخم ترتفع والقدرة الشرائية تتراجع في حال تراجعت الليرة، النجاح هو في المحافظة على استقرار الليرة اللبنانية. ورأى ان هناك تراجع في الحركة الإقتصادية والنمو هو صفر، ما زاد في البطالة وأثر على فئات من الشعب اللبناني، ولمسنا ذلك من خلال التعثر في تسديد القروض السكنية بحيث ارتفع التعثر بشكل ملفت. طلبنا من المصارف ان يكونوا مرنين بهذا النوع من القروض، فاقتصادنا مدولر، أي ان الثقة بالليرة اللبنانية تسهم في استمرار تدفق الدولارات الى لبنان، وحيث لا يوجد دولار لا يوجد اقتصاد”.
ولفت الى ان “الهندسات المالية سمحت بتكوين احتياطات كبيرة دعمت الليرة ورفعت رسملة المصارف والتي ساعدت بتطبيق المعايير الدولية، ورفعت الملاءة في ظل خفض التصنيف الائتماني وتمويل الدولة، وهذه الهندسات تساعد في تأمين دولارات بأسعار فوائد مقبولة، ولا استعمال للمال العام فيها وبالعكس الدولة قبضت الضرائب”، كما لفت الى ان “من يطالب بإعادة أموال الهندسات فكلامه غير دقيق، وهذا يعني ان على الدولة ان تدفع 800 مليون دولار للمصارف ومصرف لبنان”.
وقال: “بعد الثورة الأخيرة دخلنا في ظروف استثنائية، فبين تموز الماضي واوائل ايلول ارتفعت موجودات مصرف لبنان ما يساوي المليوني دولار، إنما باوائل ايلول دخلنا بانتكاسة، هذا الأمر كان له ردات فعل لمسناها خلال التوجه الى سحب نقدي من صناديقنا في مصرف لبنان في ايلول وتشرين الأول والثاني، واللبنانيون ادخروا اموالاً نقدية بمنازلهم حيث تم سحب ما يوازي 3 مليار دولار. نقول ذلك، لنوضح ان الوضع استثنائي. لبنان يمر بمرحلة مطلوب فيها المحافظة على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وأزمة الصرافين هي نتيجة عرض وطلب ومصرف لبنان لا يتعاطى بالأوراق النقدية بالدولار، وعلى المواطن ان يعرف مصلحته”.
وأضاف: “ربما عند الصرافين هناك تمويل لبعض العمليات التجارية والإستيراد، وهذا الشيء بالفعل ظاهرة وستتراجع عندما يتراجع الطلب ومع ارتفاع الثقة”.
وشدد على ان “هدف مصرف لبنان الأول هو الحفاظ على الإستقرار وامكاناتنا متوفرة لذلك، وهدفنا حماية المودعين واتخذنا الإجراءات لذلك حتى لا يكون هناك خسائر يتحملها المودعون، ولن يكون هناك اقتطاع من الودائع، مصرف لبنان لا يريد ذلك وليس له صلاحية ليقوم بذلك، وضعنا الآلية لنحمي المودع من خلال عدم تعرض أي مصرف للتعثر، الخسائر تأتي عندما يتعثر المصرف وعندما نقول لن يكون هناك مصارف متعثرة، نكون حمينا كل الودائع في المصارف”.
واعلن ان “المصارف تستطيع ان تستلف من مصرف لبنان بفائدة 20 بالمئة حاجتها من السيولة من الدولار، لكن هذه المبالغ غير قابلة للتحويل الى الخارج، كما طلب مصرف لبنان من المصارف تلبية الضروريات وان تدرس كل التسهيلات التي خفضتها في 17 تشرين الماضي وان تنظر بها وتعيدها الى وضعها وتلبي الشبكات المرتجعة، كذلك طلبنا من المصارف ان تعطي اللبناني دينه بالليرة ولا تطلب منه الذهاب الى الصرافين”.
وأضاف: “هذه الأمور ستجتمع المصارف من أجلها ومن أجل اقرارها وتنفيذها فورا لأنها ضرورية لبقاء الحركة المطلوبة اقتصاديا ولتأمين الحاجات اللبنانية”.
وفي ما يتعلق بأسعار الدولار والصيرفة والإستيراد، قال سلامة: “ان مصرف لبنان عمم السماح بتلبية الحاجات بالدولار الأميركي وفتح الإعتمادات للقمح والمحروقات والأدوية وهذه الإعتمادات مؤمنة وبدأ التنفيذ والمصارف تلتزم بها. الإعتمادات هذه سارية المفعول والودائع مؤمنة والملاءة لم تنخفض، أما الإحتياطات لدى مصرف لبنان فتمول من صرف الأموال عبر الموازنات، طلبنا من المصارف ان تجتمع بالتجار للتفاهم على كيفية العمل ان كان من حيث تأخير الإستيراد أو تسديد القروض وايضا من خلال تأمين التسهيلات ونأمل أن يتم ذلك بسرعة. لدى مصرف لبنان امكانات فيها سيولة بالأجنبي، استثمارات وسندات بالجمهورية اللبنانية، مولنا ولم نصرف، الذي صرف هو الذي قرر وراقب الموازنات وليس لمصرف لبنان أي علاقة، لسنا نحن من نصرف الأموال”.
وتابع: “مصرف لبنان قام بمبادرات مهمة ان كان على صعيد مكافحة تبييض الأموال ومساعدة الدولة بمكافحة التهريب من الضرائب، وضع الشبكة الأساسية التي فرضت ضرورة وجود إدارات الإمتثال وفرض طرق للعمل بشفافية، وهذا القانون كشف عدة عمليات لها علاقة بالفساد وتبييض الأموال وساهم باقفال مصارف لها حركات مشبوهة.
ودعينا الى مؤتمر هيئات مكافحة الفساد شاركت فيه مؤسسات دولية وصدرت توصيات موجودة لدى الدولة، أصدرنا في اوائل 2019 مؤشرات تعطي عناوين عن مؤشرات الفساد وعممت على كل المصارف، كما اصدرنا تعميما عن كيفية التأكد من مصادر الأموال لكل من لديه مسؤوليات في القطاع العام وفي المصارف، ووضعنا التقييم الوطني لمخاطر الفساد والجرائم المالية وعممناه، الهيئة الخاصة تتلقى الشكاوى إما من الخارج أو من القضاء او القطاع المصرفي، وأضفنا اليهم كتاب العدل، نحقق في كل عملية دون تلكؤ”.
ورأى سلامة ان “لبنان يعيش اليوم في مرحلة تاريخية، وأمل أن تأخذ الأمور منحى لمستقبل أفضل”، مشيرا الى انه “لا يجب ان يكون هناك اي عجز في الموازنة”، ومشددا على ان “المواطنين لا يتحملون ضرائب”. وأمل “أن يكون هناك اصلاحات اساسية تتضمن خدمات للمواطنين من كهرباء وبيئة ومياه، وتفعيل القطاع الخاص وشراكة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات تابعة للقطاع الخاص، لأن لبنان لديه إمكانية أن يرسمل نفسه بسرعة”.
وردا على سؤال عن حقيقة الإحتياطي الموجود في مصرف لبنان دون الذهب، قال سلامة: “الإحتياطي يقارب ال38 مليار دولار بما فيه اليوروبوند واستثمارات البنك المركزي، والقدرة النقدية التي لدينا في الوقت الحاضر أي الكاش الموجود والذي نستطيع ان نستعمله فورا هو في حدود ال30 مليار دولار”.
وردا على سؤال عن عدم قيام مصرف لبنان بهندسة مالية جديدة، قال: “أنا أنفذ السياسة التي تخدم مصلحة لبنان واللبنانيين، ومصلحة لبنان هي الأساس بالنسبة لي، ومصرف لبنان يحاول أن يحمي لبنان بظروف صعبة في المنطقة والتي هي خارجة عن سيطرة لبنان ومصرف لبنان. وبالنسبة الى الهندسات المالية بالفعل ارتفعت موجوداتنا ملياري دولار، انما الظروف الاستثنائية التي دخلنا عليها لا تسمح ان نقوم بهندسات مالية، بل ادارة للسيولة الموجودة بشكل يحمي الوضع الإئتماني في البلد”.