-العميد شارل ابي نادر
ربما تراكمت مؤخرا عمليات الجيش اللبناني النوعية المشابهة لبعضها في مواجهة الارهاب ، لدرجة قد يبدو التطرق اليها والى حيثياتها والى تفاصيل تنفيذها امراً روتينيا فَقَدَ تأثيرَه وقدرته على جذب الاهتمام والانتباه ، وربما يعتقد البعض ان هذه العمليات ، و بعد ان اصبحت عملا يوميا متواصلا ، لم تعد تحظى باهتمام ومتابعة المعنيين كما يجب ، ولكن في الحقيقة ، يبقى لكل عملية امنية تنفذها وحدات الجيش خصوصية تميزها عن غيرها ، وحيث تكون معطيات ووقائع واهداف كل عملية منها مختلفة عن الاخرى ، يأتي الحديث عن كل منها مشوقا ولافتا و مثيرا للاهتمام .
من دون اضاعة وقته ابدا ، تابع الجيش اللبناني بالامس معركته المفتوحة ضد الارهاب ، وفي عملية نوعية تشبه الى حد بعيد الكثير من سابقاتها ، في التحضير والتخطيط والتنفيذ ، أجهزت وحداته الخاصة في عرسال على اثنين من اخطر ارهابيي داعش ، والمسؤولين عن تخطيط وتنفيذ الكثيرمن العمليات الارهابية ، كما و اوقفت في محيط مقتل هؤلاء بعض المطلوبين والمشتبه بهم من عناصر التنظيم .
ما يميز عملية الامس انها ، بالاضافة لاستهدافها الارهابيين طبعا ، قد استهدفت ايضا الابواق الرخيصة التي حاولت بالامس وقبله ، ان تطال من مصداقية الجيش اللبناني و من مهنيته ومن نظافة عمله وسمعته الشريفة في الالتزام بالقوانين الدولية ، وبقوانين الحرب والنزاعات المسلحة ، وبقوانين حقوق الانسان .
نعم ، لقد رد الجيش بالامس سريعا ، وسريعا جدا ، على اصحاب الاصوات المرتهنة ( الكثر) من اعلاميين او سياسيين ، والذين اطلقوا العنان ما قبل الامس لحقدهم ولخساستهم عندما صوبوا على المؤسسة الشريفة ، وذلك على خلفية قساوة معينة صدرت من عناصره اثناء عملية مداهمة و توقيف واسعة لعشرات الارهابيين والانتحاريين وللمئات من المشتبهين المحيطين بهم ، فجاءت العملية الاخيرة لتثبت ، وكما دائما ، ان الجيش يتابع ويراقب ويتحرك ويداهم اهدافا ارهابية خطرة وحساسة ، وحيث لم يعد احد من هؤلاء الارهابيين المستهدفين الا ويكون مزنرا بحزام ناسف ، او متواجدا بمكان مفخخ بالعبوات الناسفة ، فان عمليات مداهمة هؤلاء وتوقيفهم تحتاج الى تقنية خاصة جدا ، و لا يمكن التعامل معها الا بدقة و بقوة وقسوة مع تركيزٍ عالٍ جداً .
في ظل هذه الموجة من الارهابيين الانتحاريين ، والذين يبدو من المعطيات والمعلومات المتوافرة لمديرية المخابرات وللاجهزة الامنية الاخرى ، انهم قد رفعوا من جهوزيتهم حيث تتزايد تحضيراتهم للقيام بعمليات ارهابية بعد تقهقرهم في اكثر من ميدا ن وساحة في لبنان والمحيط ، ستتابع وحدات الجيش اللبناني عملها ، و بتصميم اكبر ، دون الاكتراث لاصوات الطفيليين من اعلاميين او سياسيين اصحاب الابواق الماجورة المرتهنة ، و سوف تزيد وحدات الجيش ، و رغما عن انوف هؤلاء الصغار ، من تركيزها ومن ضغطها ومن قساوتها ، طبعا ليس نكاية بهؤلاء ، بل لان الوضع الامني والعسكري الحساس والخطر يفترض ذلك .
و اخيرا … ربما اصبح الجيش اللبناني من الان وصاعدا ، مضطرا للتبرير امام الغالبية الساحقة من اللبنانيين ، عند عدم اجهازه على جميع الارهابيين الذين يداهمهم ، لان هذه الغالبية الساحقة اصبحت تطالبه ، وهو مُجبرٌ على تنفيذ مطالبها لانه المؤتمن على حياتها وعلى ما تُجمِع عليه ، بان يعمل كل ما بوسعه لحماية عناصره وضباطه ، ليس فقط لان حياتهم جميعا غالية جدا علينا ، بل لان هذه الغالبية من اللبنانيين ، ضمنا هؤلاء المرتهنين الصغار اصحاب الابواق المأجورة ، يستحقون الحياة وهم بحاجة لمن يحميهم ولمن يؤمن لهم الثقة والضمانة والامان .
-موقع التيار الوطني الحر-