أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


سوريا وجدل تسليم العنصرين: لماذا جن جماعة “العبور” الى الدولة؟

لن يكون لزمن النصر السوري مفاعيل في الداخل فقط بل سيترجم بأشكال عدة في الاقليم

***

عن طريق الخطأ اجتاز عنصرين أمنيين لبنانيين تابعين لجهاز أمن الدولة هما ريان علبي وريدان شروف نقاط الحدود أثناء قيامهما برحلة تسلق في مرتفعات جبل الشيخ المحاذية لمدينة راشيا، فأوقفهما الجيش العربي السوري المتمركز عند هذه المرتفعات.
وبعد التحقيق معهما من قبل الأمن قامت القيادة السوريّة بعد أيام، وبعد مبادرة من رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان، حرصاً منه على العلاقة بين الدولتين اللبنانية والسورية، وعلى كرامة وسلامة أهلنا في منطقة وادي التيم خاصة والجبل ولبنان عامّة، بتسليمهما إلى موفد أرسلان لواء جابر.
الخبر حتى هذه اللحظة طبيعي ويأتي في سياق منطقي، لكن عند من يقرأ عمق المتغيّرات التي لا تناسب أطروحاته السابقة خلال سنوات الحرب السورية لا يناسبه مثل هكذا اخراج. كيف ذلك وماذا تغيّر؟.
ربما الصدف تلعب لعبتها أحياناً دون تخطيط او برمجة: شاء القدر أن يقوم شابان لبنانيان بممارسة رياضة التسلق وهما ينتميان لطائفة الموحدين الدروز، وشاءت الأقدار أن تضعهما في عين الحدث دون ترتيب، وكان ما كان. فلماذا تقوم القيامة على فكرة تسليمهما لأحد القيادات الدرزية العريقة وهو عطوفة الامير طلال ارسلان وان تستجيب له سريعاً ودون طنطنة اعلامية او استفادة في السياسة وزواريبها. ومن هنا في الوقائع يمكن تسجيل التالي:
– كيف تجاوز ارسلان الدولة واجهزتها وقد وضع كلاً من رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ومسؤولي الاجهزة الامنية في صورة ما قام ويقوم به.
– أعلن بالفم الملآن أنه قد تعاطى مع الملف دون خلفية سياسية بل بدافع انساني واخلاقي.
– صحيح أن الشابان ينتميان لجهاز امن الدولة وظيفياً، ولكنهما في لحظة التوقيف لم يكونا مكلفيْن من قبل المؤسسة بهذه الرحلة بل يمارسان الرياضة كأي شاب من شباب لبنان، ولم يتعرف الأمن السوري على انتمائهما الوظيفي الا بعد توقيفهما من خلال تعريفهما عن نفسيهما وعملهما فقط.
– موقف ارسلان من القيادة السورية ليس بجديد، هو على عهده كما في السابق، فلماذا الاستغراب والاستهجان والاتهام له؟.
– موقف ارسلان من الملفات الدرزية ما زال هو هو، وأمام أهالي الشابين يقول: “الغيرة على الواقع الدرزي إن كان في سوريا أو في لبنان غيرة دائمة ومستدامة عبر التاريخ وستبقى إلى المستقبل”.
– موقف ارسلان من قضية الخلافات مع الدول الاقليمية واضح ويقول في هذا الصدد “عملنا كسياسيين يجب أن يكون بتأمين العيش الكريم للناس والمحبّة والتواصل بين اهلنا واخوتنا، فإن أخطأ طلال ارسلان بموقف سياسي مع السعودية لا يجوز أن يدفع الدروز الثمن، فكل يتحمل مسؤولية موقفه وحده، ونعم أقولها علنا نحن متفقون مع الرئيس الأسد، انه لا يجوز محاسبة الدروز على أخطاء يرتكبها السياسيون”.
وبعد مسارعة جماعة العبور الى الدولة الى شن حملة هوجاء على ارسلان واعتبار ذلك تخطياً لأجهزة الدولة والتنسيق بين البلدين، لا بد من التذكير ببعض الوقائع التي شكلت سابقة في هذا المضمار مع جماعة العبور أنفسهم:
– منذ قيام التبادل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا لم يتقيّد أيٍ منهم بهذا التسلسل وهم من طالب سابقاً بهذه الخطوة.
– على المعترضين أن يحددوا لنا ويعلموننا اذا هم لا يعترفون بالنظام والدولة السورية لماذا يقيمون الدنيا ولا يقعدوها على تواصل ارسلان معهم وهو ينسق مع رئيس الجمهورية اللبنانية.
– لماذا نقل وزير في الحكومة السابقة أموالاً الى الجماعات الارهابية في عرسال، وبسيارته الخاصة، تحت عنوان الحفاظ على حياة الأسرى وكان هؤلاء قد غدروا بهم، فهل هذا الوزير خارج المحاسبة؟ وهل كان يومها يعبر الى الدولة والمؤسسات؟.
– منذ قيام الحرب على سوريا وكثيرٌ منهم ينتظر على حفافي الأنهر وللمفارقة لم تصل الجثث بل سجلت القيادة السورية صداً منيعاً أحبط كل المخططات وكل ما يقال اليوم هو “تحرشات” كي تعيد هذه القيادة تواصلها معهم، ولماذا هذه الغيرة المفاجئة على الدولة والتنسيق مع سوريا؟.
– هل يزعجهم دور موفد ارسلان السيد لواء جابر فيألفون الأخبار ويلفقون الخبريات عنه ويضعونها مرات بأسماء سورية وهمية ومرات بالتصريح العلني، أيزعجهم الرجل بأنه ملتزم بالخط ولا يتزلف فيتهم بكل الموبقات التي كانت تمارس من قبل بعضهم ايام كان السوري يمسك بالملف اللبناني؟.
أخيراً وليس آخراً، هل قرأ الجميع ما حدث في سوريا خلال العقد الأخير وأدركوا مدى التحول الذي أصابها والمنطقة؟
هل يعلم هؤلاء أن الدولة والقوى الداعمة لها قدموا عشرات آلاف الشهداء ليس لإعادة عقارب الساعة الى الوراء، ولن يكون بعد نهاية الحرب كما قبلها؟.
هل يدرك الجميع أن المنتصر مهما تسامح مع من أساء لكنه لن يفرط بالمبادئ والاسس التي قاتل من أجلها؟.
هل يعلم الجميع ان سوريا مهما ضعفت وتعرضت لضربات قاسية تبقى لاعباً اقليمياً ودولياً وهي من استطاع ان يسخر نصف العالم لمشروعه فلن تعجز عن معالجة ملفات بسيطة قد تعترضها،
باختصار لن يكون لزمن النصر السوري مفاعيل في الداخل فقط بل سيترجم بأشكال عدة في الاقليم وطلال ارسلان ورهط من رفاقه واخوانه شركاء في نصر سوريا.

( نقلا عن: موقع iconnews )