أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الدراما اللبنانية، من التمثيل الى دراما الواقع

– مختار  “كل الحب..كل الغرام” لم يدَّعِ البطولة لكنه وجد من يتلاعب بالمفردات (أمين أبوراشد)

***

لستُ من متابعي المسلسلات، وخاصة اللبنانية منها، والمسلسل الذي تابعت نحو ثلاثين حلقة منه – وبالصدفة – هو “كل الحب.. كل الغرام”، ولفتني من يقوم بدور “المختار”، وهو فعلاً ممثل جيد ومُخضرم، وأدَّى دور المختار في زمن الإنتداب كما كان فعلاً دور المخاتير والوجهاء والباكوات تحت نير الذلّ ( روح يا مختار، تعا يا مختار، لازم تفتيش يا مختار)، وأحياناً كثيرة يقولها له الضابط الفرنسي بوقاحة “إنت بيكذب يا مُكتار”.

المُلفت في إخراج هذا المسلسل، أن أهل الضيعة عندما تناهى الى مسامعهم انتهاء الإنتداب وإعلان الإستقلال، أطلق الثوار نيرانهم بهجة في الجبال، وتعالت الصرخات “الإستقلالية” والتنويهات ببطولة المُختار، علماً بأن الرجل لم يدَّع فعل أي شيء لمقاومة ذاك الإنتداب، و”الثوار” مجموعة شبَّان مطلوبين هاربين يعيشون على “معلف بنت الأرض”!

من الإنتداب الفرنسي، الى الحرب مع الفلسطينيين، الى الوصاية السورية، وصولاً الى الإحتلال الإسرائيلي وانتهاء بشياطين الإرهاب، هناك في لبنان دراما حقيقية، أبطالها وجهاء وباكاوات هُم “بِفَضلِ” قطعانهم باقون في ساحة الوطن، وهم نكبة الوطن في الحرب كما في السلم، رموز تعامُل وعمالة وخيانة وزواحف جحور عند كل استحقاق سيادي وطني في الحرب، ونقمة ولعنة وعار على الوطن في زمن السلم، وهُم أرخص خُدَّام لدى المُحتل، منذ زمن “أبو عمار” مروراً بكل الأبوات الفلسطينيين، الى عبد الحليم خدام ومصطفى طلاس وغازي كنعان، تُضاف إليهم النكهة الصهيونية عندما شرَّع بعضهم الجبل والسهل للصهيوني “شارون”، وانتهاء بوقفتهم الخيانية مع أبوات الإرهاب، من أشباه “أبو مالك التلِّي” و”أبو طاقية” وكل من تجوز عليه وعلى أبيه كل اللعنات.

مشكلتنا في لبنان بلغت حدود الدراما الكارثية، عندما يُسمح لكل عميلٍ قذِر أن يكون وقحاً، وكفانا تزويراً للتاريخ وقراءة في القواميس الخاطئة، ولنعترف أن “المختار” في مسلسل “كل الحب..كل الغرام” لم يدَّعِ البطولة لكنه وجد حوله من يقلِبَ القواميس ويتلاعب بالمفردات.

السيِّد القامة الذي يليق به تاريخٌ مسطَّرٌ بماء الذهب، منذ تحرير الوطن عام 2000 مروراً بصدّ عدوان تموز 2006، وسَحقه أعتى وأحقد جيش عنصري في العالم وأخطر جحافل الشياطين، سلاح هذا البطل الوطني الأسطوري الذين لن يعرف لبنان مثيلاً له، “سلاح غير شرعي”، ومن تآمر مع الفلسطيني والسوري والإسرائيلي ومع الشيطان الإرهابي هو الشرعي في قاموس آخر زمن!

مَن اهدى الإنتصارات بدماء الشهادة لكل اللبنانيين، ويحتضن بأدبيات خطابه السامي كل الوطن، أزعج زعماء الزواريب المذهبية وجماعات الكانتونات، لأن يدَه لم تتلطَّخ بدم بريء لبناني، لا بالسكاكين ولا بالإعدامات الميدانية.

بات العملاء والمجرمون والسارقون هم الوطن وباقون في هيكل الدولة، وهُم يبيعون الوطن بكل “شنطة سامسونايت” مع دعسة على العُنق من شحَّاطة “طويل العمر” و”وليّ الأمر”، ويتحدثون عن السيادة وهُم لا يستحقون حمل “هوية لبنانية قيد الدرس” في قاموس الضمير والأخلاق والوطنية.

وكما “يحجُّون” الى حيث يُصنِّف عربان البداوة قائد مقاومتنا بالإرهابي، يذهبون في “العُمرة” ويحملون في طريق العودة ليس “مياه زمزم”، بل كل أنواع السمُوم التي يُحقنون بها مع كل جرعة “بترودولار” يتسمَّمُونها حتى آخر جرعة كرامة، ويفتحون أفواههم الأبواق، على سيِّد العهد والدولة المؤتمن على سيادة الوطن الذي ابتُلي بدولة على هياكل مزارعهم.

دراما لبنانية؟ وهل هناك دراما أفظع من الذي نسمعه على خشبة الخيانة ومن أكثر من عميل، ومع ذلك، لنا ملىء الثقة أن دورهم في آخر حلقاته، ولا “بيضة قبان” لمن لا ضمير لديه في الميزان، ولا حاجة بنا لمن يبحث لنا عن “الجمهورية” في صحراء ديكتاتورية السيف، وقَسَماً بلبنان أيها اللبنانيون، حكِّموا ضمائركم واصرخوا باللبناني، ومني صرختي الخاصة، كل الحُب لفخامة القامة وسماحة الهامة والى لبنان الذي يُشبههما، كل الغرام…