أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


حبل الكذب قصير رغم المستوى الهابط لبعض الأحزاب

– دروس وعبر انتخابية (سمير مسرة) 

***

بعد ان عادت الديمقراطية واستيقظت من سباتها الذي دام قسرا” تسع سنوات، لا بد لنا كمسؤولين ومواطنين ان نستخلص العبر الثلاث التالية:

اولا”: فرضت علينا الانتخابات واجب البحث عن اسباب النسب المتدنية للاقتراع. هل هي حقا” نتيجة قانون جديد نزع عنه البعض مواده الاصلاحية الاساسية؟ او هو شعور اليأس انتاب قسما” من الشعب اللبناني بعد ان حولته البروباغندا الى جماعات مستسلمة تعتمد السلبية في سلوكها؟ او هو اخيرا” الخطاب السياسي العالي النبرة الذي تعدى احياناً” اللياقة ولامس التجريح الشخصي، مما زاد اليأس قرفا”؟ قد تكون هذه الاسباب كلها حقيقية، ولانها كذلك على القادة السياسيين ان ينطلقوا بورشة عمل متواصلة لمجابهتها كي لا تتكرر في المستقبل، تبدأ باعادة المواد الاصلاحية الى القانون وتنتهي بالتقيد بها من قبل الجميع. ألى ان يتم هذا الامر، نقول بالفم الملآن، وبكل صراحة للممتنعين والمقاطعين، عذرا”، لقد تجاهلتم فرصةً ذهبية” للمساهمة باحداث التغيير من خلال الخيار الواسع الذي كان متاحا” امامكم ،فلا يحق لكم بعد الآن ان تنعوا وتتذمروا.

ثانيا”: لقد اظهرت الانتخابات المستوى الهابط لعدد من الاحزاب، والتيارات، والمجتمعات المدنية، والمرشحين، في ادارة الحملات الانتخابية المبنية على الخبريات، والاشاعات، والكذب، والدجل، والتهديد، وتشويه صورة الآخرين. ولانني اعرف جيدا” ان كل هذه الاساليب هي تقنيات رخيصة ومؤذية تستعمل في التأثير على الرأي العام، استغرب كيف ان قسما” من النخب والمثقفين يصدقوها “عل العمياني” ويرددوها في محيطهم تماما” كما يفعل الببغاء، وهم بذلك يصبحوا مسؤولين مباشرين عنها. كما استغرب ايضا” الممارسات الملتوية لبعض الاعلاميين الذين يسوقون بوقاحة لكل ما هو باطل ومفبرك. الا يفترض ان يكون لديهم حس مرهف للنقد، ووعي مهني واجتماعي وسياسي راسخ، وطوق دائم لقول الحقيقة؟

ثالثا”: رغم كل ما ذكرته اعلاه، شهدنا في هذه الانتخابات جولات انتصر فيها الحق ،لان حبل الكذب قصير. منها مثلا” النتيجة الهزيلة التي حصل عليها حزب معروف ادعى انه يمثل نبض الناس، فاحتكره لنفسه، وغفل عن باله ان الناس لا تنسى بسهولة مسيرته السياسية خلال العقدين الما ضيين. الناس تعرف انه اشترك في غالبية الحكومات ولم يقم باي عمل مفيد، بل ساهم في اطالة امد الفساد كمشكلة النفايات التي لم يجرؤ على الوقوف بوجهها عندما كنا بامس الحاجة لذلك. فبدل ان يتواضع، خرج فجآة” الى العلن لاتهام الآخرين بها. منها ايضا” خيار الناخبين لاقصاء بعض المتربعين الدائمين على كراسي المجلس النيابي، بعد ان امضوا سنين طويلة من دون اية فعالية تذكر، ما عدا استبسالهم المتكرر للتمديد لانفسهم. جولات النصر هذه هي فعلا” بداية نهج جديد مبني على تحقيق الانجازات وعلى ارساء المحاسبة ويجب ان يستكمل في المستقبل.

هذه العبر الثلاث التي انتجتها الانتخابات، تدعو كل واحد منا الى مراجعة حقيقية وشفافة لمواقفه وسلوكه. فلبنان القوي بحاجة الى رجال ونساء اقوياء يتمتعون بارادة صلبة للتمرد على كل ما هو سيء، وبشغف لا مثيل له لانجاز الاصلاح. هكذا علمنا ويعلمنا كل اليوم قائد هذا العهد المميز. اليه، والى تكتل لبنان القوي ورئيسه، والى وزرائه في الحكومة المقبلة ، نقدم كل الدعم من خلال عملنا اليومي لأي مؤسسة انتمينا.