أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


بعد الاعتداء على حميميم .. هل بدت بشائر الرد الروسي في ادلب؟

حسان الحسن-

ربما لم يشهد ميدان في العالم، ما شهده ويشهده الميدان السوري منذ تاريخ اندلاع الحرب على سوريا في اوائل العام 2012، وهو يحضن العديد من

القوى والوحدات الاقليمية والدولية، ولا يزال ساحة للصراعات وفرصة في المكان وفي الزمان، لتضارب المصالح الاقليمية والدولية.

منذ أواخر العام 2015 يحقق الجيش السوري وحلفاؤه الإنجازات الميدانية على امتداد الجغرافيا السورية، بدءاً من فك الحصار عن مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي، وصولاً الى استعادتهم مؤخراً لمزراع بيت جنّ في ريف القنيطرة، والسيطرة على الجهة الشمالية من خطوط التماس مع العدو الإسرائيلي في الجنوب السوري، وإعادة الوضع الى ما كان عليه قبل بدء الأزمة في العام 2011، والأهم من ذلك هو وصل الجبهة مع المقاومة اللبنانية من جهة شبعا ومزارعها في جنوب لبنان، الأمر الذي يساهم في تعزيز توزان الرعب مع العدو الذي خسر ورقة إنشاء حزام أمني مماثل للذي أقامه في الجنوب اللبناني، قبل إنسحاب الجزء الأكبر من قوات الاحتلال الاسرائيلي في العام 2000.

كما في الجنوب السوري، كذلك في الشمال والوسط، يحقق محور المقاومة تقدماً سريعاً، خصوصاً في ريفي حلب وادلب الجنوبيين، وريف حماه الشمالي. أما أبرز هذه الإنجازات الذي حققها هذا المحور، فهو الوصول الى مشارف مطار أبو الظهور الاستراتيجي في ريف ادلب الجنوبي بعد اعادة تحرير اكثر من 120 بلدة وقرية .

على وقع هذا التقدم، شنّ ما يعرف بـ مسلحي “فيلق الرحمن” و”جبهة النصرة” و “احرار الشام ” هجوماً على منطقة “إدارة المركبات” في حرستا في الغوطة الشرقية، بالتزامن مع الهجوم الذي ينفذه الجيش السوري في ريف ادلب الجنوبي انطلاقا من ريف حماه الشمالي، وذلك من دون اي سبب ميداني ضاغط يدفعهم لفتح تلك المعركة في الغوطة الشرقية، والتي بقيت في المدة الاخيرة هادئة ومتقيدة الى حد ما باتفاق خفض التصعيد الذي شملها بالاساس، بذريعة بروز خلافات بين المجموعات المسلحة في شأن خروج 400 مسلح من الغوطة الى أدلب، بمسعى روسي .

ويؤثر سعي المسلحون الى وصل حرستا بعربين في “الغوطة” وامتلاك ميدان واسع بشكل سلبي على مداخل العاصمة من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية، وقد هدفوا الى السيطرة على بقعةٍ حيويةٍ تسمح لهم التحكم ناريا بطريق دمشق- حمص الدولي، والذي استطاع مؤخرا الجيش العربي السوري تفعيله وفتحه امام المواطنين وامام وحداته نحو الشمال والشرق، واللافت، أن ذلك ترافق مع إستهداف العدو الإسرائيلي لمواقع عسكرية للجيش السوري في منطقة القطيفة في ريف دمشق.

بعد هذا الاعتداء السافر، يُطرح السؤل: هل هذه الذريعة المذكورة آنفاً مقنعة أم أن هناك تقاطعا بين القوى الإقليمية المؤثرة في الميدان على إشغال الجيش السوري في محيط العاصمة دمشق، لثنيه عن التقدم في شمال البلاد ووسطها؟

أيضاً وأيضاً لماذا إحتجت أنقرة لدى الولايات المتحدة وايران وروسيا على تقدم القوات السورية في محافظة ادلب التي تسيطر عليها “جبهة النصرة” القاعدية وأخواتها، علماً أن مناطق نفوذهم، لا يشملها خفض التصيعد، وهم أيضاً مصنفون على لائحة الإرهاب العالمي؟

وهل ثمة محاولة تركية للعب في الوقت الضائع قبل إنعقاد مؤتمر سوتشي للحوار بين السوريين أواخر الجاري والاحتفاظ باوراق قوة تعزز حضروها في المؤتمر المذكور، قبل أن تفقد المبادرة على الأرض، أثر هزيمة الفصائل المسلحة المدعومة منها؟ تحديداً في أدلب كبرى قواعد المسلحين المتبقية على الأراضي لسورية؟

وفي سياق متصل، ما حقيقة الهجوم بالطائرات المسيرة على القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس، إنطلاقاً من ادلب، وسط تأكيدٍ روسيٍ ألا علاقة لتركيا بالحادث، وهل تسمح موسكو بأن تبقى أدلب بؤرة قاعدية تتهدد أمن قواعدها على الأراضي السورية وورقة تستخدمها الولايات المتحدة للضغط على محور المقاومة لإعاقة تقدم قواته في اتجاه المنطقة الشرقية وإسقاط ما يسمى بمعادلة شرق الفرات نهائيا؟

وهل بدت بشائر الرد الروسي من خلال الإسناد الناري الغزير الذي يمهد به الطيران الحربي الروسي لتقدم الجيش السوري في ادلب؟ وهل كلما اقترب موعد انعقاد سوتشي تفاقم الخلاف الروسي – التركي؟

وهكذا، ومع جميع هذه التساؤلات الجدية حول ارتباط الميدان السوري بالمصالح الاقليمية والدولية، يبقى السؤال الاكبر: الى اين يذهبون في هذه الحرب المدمرة؟ وهل سيقتنع جميع من خاضها على سوريا بان الشعب والجيش والدولة في سوريا انتصروا ويجب الاعتراف بذلك وايقاف هذا الجنون؟

-المرده-