أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


السيدة العذراء في معركة مستمرة مع إبليس.. لحماية أبنائها… (التفاصيل)

– من سفر التكوين الى نهاية الأزمنة والرؤيا…

* *

من بداية الكتاب المقدس (سفر التكوين 3) حتى نهايته (رؤيا 12) يكشف لنا السيدة العذراء بأنها عدوة الشيطان الأولى وفي معركة ضده، وضد إغراءاته، وأعماله:

«وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنت ترصدين عقبه» (تكوين 15:3).

رؤيا 12 : «وظهرت آية عظيمة في السماء: امرأة متسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً… وظهرت آية أخرى في السماء: هوذا تنين عظيم أحمر… وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد ، حتى يبتلع ولدها متى ولدت…

والمرأة هربت إلى البرية زمانا قليلاً… اضطهد التنين المرأة… فأعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى البرية إلى موضعها… فغضب التنين على المرأة، وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله، وعندهم شهادة يسوع المسيح». (اية. 1-17).

منذ تمرّد لوسيفوروس، تلعب السيّدة العذراء الدور الأهم في هذه المعركة الروحية. عندما خلق الله إبليس (نجمة الصباح – حامل النور) خلقه كائناً رائعاً الذي شاركه في حرّيته وسلطته. عندما تمرد إبليس وملائكته، مدّعياً “لن نعبد” كان ذلك ردّاً على وجه التحديد على الإعلان عن حدث التجسّد في المستقبل: سيصير الله بشراً، مولوداً من امرأة، من خلال قوة الروح القدس.

كشف الله خطته لخلاص الإنسان من الخطيئة. على الملائكة أن تخدم الإله-الإنسان، والدته وجميع المخلّصين. اعتبر إبليس ذلك إهانة، وجنباً إلى جنب مع أتباعه، تمرّد، فتمّ نفيهم من السماء. الشيطان، منذ تلك اللحظة فصاعداً، جعل نفسه حامل الظلام، والتمرّد، والأكاذيب، والفخر والتكبّر. أصبح (إلى الأبد) عدوّ الله، وعدوّ المرأة الذي جلبت الإله – الإنسان للعالم، وعدوّ جميع أتباع المسيح التي هي أمّهم الروحية: ذريّتها.

«في تصميم الثالوث الأقدس الخلاصي ، سر التجسّد يشكّل وفاء الوعد الذي قطعه الله للإنسان بعد الخطيئة الأصلية، بعد هذه الخطيئة الأولى التي تسود آثارها التاريخ الدنيوي الكامل للإنسان . وهكذا، يأتي إلى العالم الإبن، “ذريّة المرأة” الذي سيسحق شر الخطيئة من أصولها. انتصار إبن المرأة لن يتمّ دون معركة شاقّة. معركة سوف تمتدّ خلال كل التاريخ البشري. “عداوة” أخبرّ عنها منذ البداية، وتمّ تأكيدها في سفر الرؤيا (كتاب الأحداث الأخيرة للكنيسة والعالم).

مريم، أمّ الكلمة المتجسّد، يتمّ وضعها في صميم تلك العداوة، تلك المعركة التي ترافق تاريخ البشرية على الأرض وتاريخ الخلاص نفسه. في هذا التاريخ لا تزال مريم علامة رجاء أكيد». (البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته أمّ الفادي)

 

السيّدة العذراء هي جواب الله للوسيفوروس. هي نجمة الصبح الجديدة التي تمنحنا النور الحقيقي، حاملة الخلاص. حاملة الكلمة المتجسّد. تابوت العهد الجديد. هي العلامة العظيمة التي ظهرت في السماء متسربلة بالشمس – مشرقة بنور المسيح، مع القمر تحت قدميها (يرمز القمر للزمان).

كأمّ وملكة لديها السلطان على مر الأزمان. بالرغم من أنها عاشت في الزمان، هي أرفع من تقلّبات الزمن وليست محدودة بحسب شروطه، بل لديها القدرة من الله في أن تنتصر في المعارك التي نخوضها نحن في هذا الزمن بالتحديد وفي جميع الأزمان. لقد تُوّجت كشريكة بقوّة ابنها. إنها ملكة السماء والأرض مع إثنتي عشر نجمة، والتي ترمز الى انتصار الكنيسة في مريم.

جواب مريم «ها أنا آمة الرب» (لوقا 38:1) هو الرد الأمثل لصرخة لوسيفوروس “لن أخدم”.

جواب مريم لأليصابات (لوقا46:1-55) تسبيح، تواضع، خدمة ورحمة – هي معارضة مباشرة للوسيفوروس المتفاخر، المغرور، المليء بالحقد والإتّهامات، والذي يسعى لمجده الخاص واستقلاله.

بمشاركة مريم الكاملة في مخطّط الله الخلاصي، منذ البشارة وصولاً الى الصليب، وهي مع «فليكن» التي تحياها باستمرار (فليكن لي بحسب قولك) تشارك في «سحق رأس إبليس». المسيح وكعبه – الذين هم أولاد مريم الروحيين، ذرّيتها – سيسحقون رأس الحيّة، الذي هو جذر الخطيئة: الكبرياء.

جذر المعركة هي الخطيئة. مريم، التي خُلِقت طاهرة وذلك بفضل عمل فداء ابنها في المستقبل، لديها السلطان على الشيطان والانتصارات على أعماله المدمّرة. هي، لكونها طاهرة، كانت خالية من الخطيئة الأصلية والخطيئة الشخصية. لذلك ليس للشيطان سلطان عليها – لا على عقلها، ولا على قلبها، أو على تصرفاتها. لذلك، تدعونا السيدة العذراء بإلحاح إلى الإرتداد الحقيقي- الى التخلي عن الخطيئة، واللامبالاة، وعدم الإيمان، والتمرد الموجود في انسان اليوم. انها، مثل الأم الصالحة في هذه الساعة الحاسمة، تحارب دائما من أجل البشرية – هذه الساعة التي فيها الخلاص الابدي للكثير الكثير من النفوس، بما في ذلك خلاصنا، معرّض للخطر.

 

أوليست جميع ظهورات السيّدة العذراء هي تدخّلات مباشرة من أمّنا، لوقاية وحماية الكنيسة والبشرية من الأخطار والعواقب المأساوية الناجمة عن عدم الأرتداد؟ أليست ظهورات العذراء درع لنا ضد أعمال ومكر الشيطان، ألا تعمل ظهوراتها على تجديد إيماننا وصلاتنا؟ ولكونها الأم الصالحة، تضع نفسها دائماً بين الشيطان والانسان من أجل الدفاع عن أطفالها، ولمواجهة تأثير ظلمة وشرّ أعمال إبليس الشيطانية ؟.

على مدى تاريخ الكنيسة، رأينا تداخلات ووساطة السيدة العذراء المباركة، تقاتل وتنتصر على إبليس في دفاع عن أولادها. لكن لم تكن تداخلاتها قط في القرون الماضية بمثل كثافة وقوّة تداخلاتها في هذا الزمن. ذلك مفهوم على ضوء ما قال القديس لويس ماري دي مونفورت : «مع مرور الوقت ستحتدّ المعركة أكثر. لذلك وجودها يتجلّى بشكل أكثر وضوحاً».

وفقاً للقديس لويس ماري دي مونفورت: «لم يعمل الله الا عداوة واحدة لا مصالحة فيها تدوم وتنمو حتى النهاية، عقدها بين مريم أمّه المباركة والشيطان، بين أبناء مريم وخدّامها وبين أبناء لوسيفوروس وزبائنه. فصار العدو الألدّ الذي وضعه الله للشيطان، هو مريم أمّه القدّيسة. وضعها الله منذ الفردوس الأرضي رغم أنها لم تكن بعد موجودة آنذاك إلّا في فكره تعالى.

وجعل كراهية كبيرة ضد هذا العدو اللعين، الحيّة القديمة. وأعطى مريم قوّة جبّارة لغلب وصرع وسحق رأس هذا المارد المتكبّر. فصار يخشاها لا فقط أكثر من الملائكة، ولكن نوعاً ما حتى من الله ذاته، ليس لأنّ سخط الله وكراهيّته وقدرته لا تفوق بنوع لامتناهي تلك التي لمريم، ولكن لأنّ كمالاتها هي محدودة، والشيطان متكبّر للغاية. لذا يتعذّب جداً ويذوب خجلاً عندما تغلبه أمة الله الصغيرة والمتواضعة». (التكريم الحقيقي للعذراء مريم 52)

أكبر عدو أقامه الله ضد ابليس هي مريم. لماذا؟

أولاً،  لأن الشيطان متكبّر للغاية، لذا يتعذّب جداً ويذوب خجلاً عند رؤية نفسه مهزوم ومغلوب من أمة الله الصغيرة والمتواضعة، فيُسخطه كثيراً تواضعها ، ويخاف صلواتها أكثر من صلاة جميع القديسين، أو تهديداً منها، يعتبره عذاباً فادحاً جداً». (المرجع نفسه)

ثانياً، لأنّ الله وهب لمريم قوّة عظمى ضد الشياطين ) (أنظر طرد الأرواح الشريرة – التقسيم، والأعمال المريمية). هذه القوّة هي ثمرة الحبل بلادنس – العدوّ الجهنّمي لم يكن قادراً أبداً أن يجعلها تشارك في ملكوت الظلام والتمرّد». (المرجع نفسه).

ثالثاً، إنّ ما خسره لوسيفوروس بكبريائه، اكتسبته مريم بتواضعها. وما فقدته حوّاء بعصيانها، ربحته مريم بطاعتها. فحوّاء بإصغائها للحيّة أهلكت نفسها وكل أبنائها. ومريم، بأمانتها الكاملة لله وإرادته، خلّصت ذاتها وكل أولادها مكرِّسة إياهم لجلاله». (المرجع نفسه).

«إنّ مريم المتواضعة ستنتصر دائماً انتصاراً عجيباً على هذا المتكبّر وتسحق رأسه مصدر كبريائه. وستكشف خبثه الأفعواني وخداعاته الجهنّمية وإغراءتنه الشيطانية، وتنجّي أبناءها الأمناء من عبوديّته القاسية الى منتهى الدهور».

تسطع قوّة مريم على الشياطين كلّهم خاصّة في الأزمنة الأخيرة، عندما سينصب إبليس شِراكه أمام عقبها، أي أبنائها المتواضعين الذين تقيمهم لمحاربة إبليس وأبواب جهنّم».

المصدر: الحركة المريمية في الأراضي المقدسة