أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


من مسيحي مشرقي، الى سيدي بطريرك المشرق !

– عن الشكل والمضمون.. أمّا عون فلا تختبروه، لأنكم تعرفون جنونه لو مسستم كرامة لبنان.. ( أمين أبوراشد )

***

من حقي كمسيحي مشرقي، ولبناني ماروني، إبداء الرأي بموضوع زيارة غبطة البطريريك الراعي الى المملكة السعودية، دون الدخول بأهداف الزيارة ونتائجها، لأن ما تعرَّض ويتعرَّض له مسيحيو المشرق، أكبر من هكذا زيارة أقل ما يُقال فيها أنها فقط بروتوكولية لكسر “الممنوع”، على شخصية مسيحية ترغب زيارة المملكة.

في الشكل، دخلت وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، في جدلية سطحية، تتناول موضوع شارة الصليب، إذا كان البطريرك يضعها على صدره أم لا، رغم أن مرافقه المطران بولس مطر كان يضع الصليب، والأمر يرتبط بنوع اللباس الذي يرتديه البطريرك في المناسبات الرسمية ويخفي الصليب جزئياً، ولكن الإشكالية لدينا في الشكل هي في السؤال الأهم: أين هو المفتي عبد العزيز آل الشيخ في بروتوكول هذه الزيارة، إلا إذا باتت كل شؤون لبنان الزمنية والدينية بعهدة “الفتى” ثامر السبهان الذي كان “مفتي” الإستقبال!

وأيضاً من حقنا أن نسأل في الشكل، إذا كان الأمين على إرث مؤسس المذهب الوهابي محمد بن عبد الوهاب، المفتي عبد العزيز آل الشيخ، غير معني بزيارة رجل دين رفيع يحمل شعار الحوار بين الأديان والحضارات، وإذا كان آل الشيخ قد طالب مراراً بهدم كنائس الشرق، فما قيمة هدية موعودة من الملك سلمان الى البطريريك بإعادة ترميم كنيسة عمرها 900 سنة؟!

وسؤالنا الأهم في الشكل، إذا كانت الدعوة الملكية للبطريرك، بمثابة تعويض عن رفض طلبه السابق بزيارة السعودية، وإحالة أمره بكتاب خطي الى سفارة المملكة في بيروت كون مسؤولي الخارجية كانت لديهم ارتباطات، كيف له أن يُلبِّي دعوة، هو الذي يحمل صفة بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق دون اعتذار من عبد العزيز آل الشيخ عن فتاوى تدمير كنائس الراعي راعيها”؟!

هنا ندخل في المضمون، ونعتبر أن زيارة البطريرك الراعي سياسية بامتياز، وهنا الطَّامة الكبرى، خاصة أن غبطته صرَّح من مطار بيروت أنه ذاهب ليضع الشأن اللبناني في قلب الملك سلمان وقلب ولي العهد، ولسنا على استعداد لنسكن قلوباً سوداء.

وإذا كان السعوديون لا يدرون، أن موقع البطريريك الماروني هو روحي وكنسي ووطني بالإطار العام، وأنه لا يُصدِر فتاوى تُؤثر على سياسات البلد كما يفعل عبد العزيز آل الشيخ، فنحن لا نلوم السعوديين، لكننا نلوم غبطة البطريرك عندما يزور مملكة تعتبرنا “كُفاراً”، لا هي ستعتبرنا قديسين بعد زيارته، ولا هي قادرة على خرقنا عبر إهداء البطريرك حجارة كنيسة!

نعم، هذه هي خلفية الدعوة، لعبة سعودية جاهلة جاهلية، لخرقنا كمسيحيين نتراصف بشموخ خلف “البطريرك المدني ميشال عون“، ونتلاحم مع شركاء شرفاء تنفث مملكة الحقد كل سمومها عليهم، وعلاقتنا بهم زواج ماروني غير قابل للبطلان أو الطلاق، وإذا كان البطريرك أيَّد من السعودية موقف الحريري كما ورد في استقالته المشبوهة، فإن في لبنان وفي قصر بعبدا بالذات، “بطريرك كبير” قلبه ينبض قداسةً وإنسانيةً ولبنانيةً، وهو المؤتمن على الحريري أكثر من سواه، وهو المؤتمن على سياسات لبنان الخارجية لأنه “مجنون سيادة”، وإذا كان من على كرسي الفخامة يمارس صلاحياته هادئاً فلأنه قوي، ولأنه واثق بشعبه وبالقوى اللبنانية الداعمة له، وما على الجميع سوى الخضوع للدستور مع ميشال عون، وعدم المساس بالمبادىء الوطنية معه، فلا تختبروه، لأنكم تعرفون متى يطلع عليكم جنونه لو مسستم كرامة لبنان…