أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


قبل ترميم كنيسة في المملكة، إزالة كلمة “كُفَّار” !

أي حوار إذا كان المُحاور يُكفِّر الآخر ( أمين أبوراشد )

***

لن ندخل في موضوع زيارة غبطة البطريرك الراعي الى المملكة السعودية، لأنه أخذ ما يستحق من جدلية على وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، لدرجة أن البعض انشغل بمسألة ثانوية ترتبط بالصليب، وعمَّا إذا كان غبطته يضعه على صدره أم يُخفيه، علماً بأن صليب المطران مطر كان بارزاً وكبيراً، وربما بحجم صليبنا في هذا الشرق على دروب الجلجلة الطويلة!

غبطته تلقى دعوة من الملك سلمان، ربما للتعويض عن عدم قبول طلبه للزيارة العام الماضي، وإحالته يومذاك بكتابٍ خطي من طرف وزارة الخارجية السعودية الى سفارة المملكة في بيروت، نظراً لإنشغال المسؤولين السعوديين وفق ما ورد في الكتاب.

ودعوة السعودية للبطريرك وتلبيته الزيارة، سواء كنا معها أو ضدها، جاءت متأخرة كثيراً، وكثيراً جداً، طالما أن المملكة افتتحت منذ خمس سنوات وتحديداً في 27 تشرين الأول / أكتوبر من العام 2012، “مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات” في العاصمة النمساوية فيينا، وكان على المملكة التي افتتحت مركزاً من حجر، أن تسعى لبناء أقنية تواصل وعلاقات محبة بين البشر، لا أن تعلو حناجر علماء الدين فيها، بفتاوى التكفير والتنكيل والقتل والسبي على مدى السنوات الخمس الماضية من عمر “الربيع العربي”.

على أية حال، غبطة البطريرك الراعي رجل انفتاحٍ وحوار، وإذا كانت زيارته قد حقَّقت أهدافها لجهة فتح قنوات تواصل، فالأولى بالمملكة قبل إهداء الراعي وعداً بترميم كنيسة قديمة عمرها 900 سنة، أن تُزيل على الأقل صفة “كفار” من أفواه علمائها، وفي طليعتهم المفتي عبد العزيز آل الشيخ الذي دعا منذ نحو سنتين الى تدمير كنائس الشرق، وكذلك شطب كلمة “كفار” من المناهج المدرسية، وإزالتها عن يافطة قبل مكة المكرَّمة على الطريق المعروفة بـ “طريق الكفار“، واستبدالها بعبارة “طريق غير المسلمين” على الأقل وينتهي الأمر، ليس إكراماً للراعي، بل لروح الملك عبدالله الذي بنى مركزاً شاهقاً في فيينا للحوار، ولا حوار إذا كان المُحاور يُكفِّر الآخر.

سنوات طويلة والمملكة السعودية تُنشىء مدارس دينية وهابية للتكفير، بدءاً من أفغانستان وباكستان حيث نشأت حركة “طالبان”، ثم انطلاق تنظيم القاعدة بعدها، وبدء أعنف مسلسل إهدار دمّ في التاريخ، عبر كل المجازر التي ارتكبها الفكر التكفيري على أيدي شياطين بن لادن والظواهري ولاحقاً الزرقاوي والبغدادي والجولاني، تُضاف إليهم مدرسة “الأخوان المسلمين” التي أنشأها حسن البنا وأضاف إليها سيد قطب فكر إبن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، الذي تنتهج المملكة السعودية مذهبه المتطرِّف الحاقد على الآخر سواء كان مسلماً أم مسيحياً.

مع تقديرنا لغبطة البطريرك الراعي وخطوته التاريخية ولكن،
قبل إهدائنا ترميم كنيسة في المملكة، أوقفوا تدمير وإحراق كنائس الأقباط في مصر، واعتذروا عن تدمير كنائس العراق وسوريا، وعن تهجير الكلدان والسريان والأشوريين، وأعيدوا للمسيحيين اعتبارهم، وأنتم تُدركون أنهم الأساس في نهضة هذا الشرق، وأنهم أهل حضارة ومحبة وسلام، وأنهم هُم من استقدم مطبعة عربية الى الشرق، وكبار مفكِّريهم كانوا رواد النهضة العربية، لا بل علَّموا العربية للبلدان التي تستخدم العربية اليوم لنشر فتاوى التكفير والتحريض عليهم، ونختم بصلاة صادقة ونقول: يا ربّ سامح كل من اعتدى على مقدساتك، واغفر لمن كفَّر أخاً له في الإنسانية، وبارك يا ربّ كل مسلمٍ حافظ على أخيه المسيحي وآمن بواجب وجوده في هذا الشرق، وارحم يا الله كل شهيدٍ مسلمٍ حبيب، نزف دمه الطاهر ليرفع أجراس معلولا وحلب والموصل وعليه سلام مريم وعيسى بن مريم