أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


هل ربيع السعودية يبدأ في 15 سبتمبر…؟؟؟

– الناشط السعودي المقيم في لندن أبرز المحركين.. (علي فواز)

***

السعودية ليست بخير. حجم التحديات الذي يواجهها اليوم هو على الأرجح غير مسبوق في تاريخها الحديث. 15 سبتمبر أيلول لن يمر كيوم آخر عادي من يومياتها. ربما يدخل رزنامة المملكة من بوابة “الربيع العربي” ويصبح علامة فارقة في تاريخها… هل نضجت الظروف؟

الحراك الذي دعا إليه ناشطون سعوديون يوم 15 سبتمبر لا يشبه ما سبقه. هو ليس الحراك الأول من نوعه، إلا أن ما يجعله أخطر من المحاولات السابقة هو شكله وتوقيته.

منذ أشهر، وتحديداً في أيار مايو المنصرم، تصاعدت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى ثورة شعبية ضد الملك سلمان ونجله ولي العهد. الحركة التي أطلقت على نفسها “حركة 7 رمضان” تم تبديدها. سبقها قبل نحو شهر ما أطق عليه “حركة 21 أبريل”.

بالواقع كانت “حركة 21 أبريل” هي من دعا إلى الحراك في رمضان. اعتدّت هذه الحركة بنفسها بعدما أعادت الحكومة على إثرها البدلات والمكافآت التي تم اقتطاعها سابقاً من الموظفين السعوديين.

نجح الناشطون في رمي حجر في البركة الراكدة، إلا أن حركتهم لم تتعد هذه النتيجة. اليوم يحاول هؤلاء، أو غيرهم ممن يخفون غالباً هوياتهم على مواقع التواصل، أن يحققوا ما عجزوا عنه في المحاولات السابقة. في سبيل ذلك اقترح بعضهم تغيير التكتيك. في الحراك السابق حدد 14 مسجداً رئيسياً في 14 مدينة سعودية كأماكن للتجمع. شكّل هذا الأمر وصفة مثالية للأجهزة الأمنية من أجل إجهاض الحراك قبل بدايته.

أما في حراك 15 سبتمبر فمن المتوقع أن نرى تجمعات غير مركزية. تجمعات قادرة على إثارة الرأي العام من دون المخاطرة باعتقالها. لذا يتوقع أن يتوزع الحراك على كل أنحاء المملكة دون أن ينحصر في المدن الكبرى. حراك يبدأ بتجمعات في الأحياء، يليه تصوير التظاهرة، ثم انسحاب بعد وقت وجيز. لكن ما هي حدود هذه التحركات؟ من يقف وراءها؟ وهل ستكون كسابقاتها وتنتهي ذكرى منسية؟ أم هل أن حالة الغليان التي وصلتها المملكة أخيراً باتت قابلة للانفجار؟

قلّما تعرف السعودية الاحتجاجات، فهي محكومة بقبضة أمنية ونظام ديني يحرم الخروج على ولي الأمر. لكن منذ بداية الألفية الجديدة على الأقل شهدت المملكة عدداً من التحركات السلمية. منطقة الشرقية، القطيف تحديداً، لا تزال تعاني حتى اليوم من ندوب التدخل الأمني مقابل الحراك السلمي. قبل إعدام الشيخ الشيعي نمر النمر بسنوات عدة، برزت دعوة إلى “ثورة حنين”. جاءت هذه الدعوة في خضم “الربيع العربي” عام 2011 وباءت بالفشل.

لكن الفشل لم يصاحب دائماً جميع التحركات. في خريف 2003 نجحت الحركة الإسلامية للإصلاح بقيادة د سعد الفقيه المحسوب على الإخوان المسلمين، في جمع مئات المتظاهرين في قلب الرياض. التظاهرة الجريئة التي لم تخف مطالبها بإسقاط النظام وعدم شرعيته صدمت الرأي العام حينها. زج بعد ذلك، كما هو متوقع، بعدد كبير من الناشطين في السجون. إلا أن الفقيه، عاد ودعا إلى التظاهر عام 2004 في ما أطلق عليه “يوم الزحف الكبير”. كان لافتاً حجم الاستجابة في جدة في حين أن القبضة الأمنية في الرياض شتتت الاعتصام.

لماذا إذاً يعد حراك 15 سبتمبر أكثر خطورة مما سبقه؟

خطورة الحراك الحالي

ksa-rabi3-2

يشي تحرك سبتمبر بزخم غير عادي وسط ظروف غير عادية تمر بها المملكة. جاء التحرك بداية كردة فعل على ما دوّنه المستشار الإعلامي في الديوان الملكي سعود القحطاني. الشهر الماضي دعا القحطاني قطر عبر “تويتر” إلى عدم قمع التظاهرات السلمية في الدوحة. تلقف ناشطون سعوديون هذه الدعوة واعتبروا أنه من الأجدى السماح بالتظاهر في السعودية بدل قطر. هكذا بدأت كرة الثلج تكبر ووصلت الحملة إلى اليوم الموعود مدفوعة بزخم كبير على “تويتر” بشكل خاص.

وسم #حراك_15 سبتمبر حلّ مرتين الأكثر تداولاً على تويتر في السعودية. غانم الدوسري لا يكل ولا يمل. منذ إطلاق الحراك وهذا الناشط السعودي المقيم في لندن يساهم إلى حد كبير في التنظيم والتنسيق والاستنهاض.

متابعوه على تويتر يعدون بمئات الآلاف. بعض حلقاته على يوتيوب تتجاوز المليوني مشاهدة. مواقفه يعاد تغريدها من قبل الآلاف ومن حسابات شهيرة. يبدو كأن الدوسري بات ناطقاً باسم الحراك الذي يغلب عليه الطابع الشبابي والافتراضي حتى الآن. تخطى غانم الحراكات السابقة. بات أكثر شهرة من سعد الفقيه نفسه الذي بقي طوال سنوات عراب أهم التحركات في السعودية. هل يصبح الدوسري أحد وجوه شباب “الثورة” المقبلة؟

ليس بالضرورة أن يحدث ذلك، كما ليس بالضرورة أن ينجح هذا الحراك. صحيح أن الاحتمالات باتت أكثر نضجاً من السابق، لكن الجدار ما زال صلباً. كسر حاجز الخوف صعب في المملكة.

نسيجها الاجتماعي القبلي أحد عوامل مكونات الحكم. نظامها السلطوي البطريركي الأبوي حاجز منيع ضد التغيير. في الواقع ما زال النظام يتحكم بعدد من الأدوات الفاعلة بمواجهة معارضيه وخصومه الداخليين والخارجيين. من هذه الأدوات عدم وجود بديل للحكم وخطورة تفشي الإرهاب بغيابه. لكن بالمقابل لا تغيب عوامل القوة في شكل وتوقيت حراك سبتمبر.

ملفات شائكة وتحديات ضاغطة
ما يميّز هذا الحراك أسلوبه بما يجعله أكثر فعالية وإيلاماً من التجارب السابقة. توقيته هام أيضاً. فهو يأتي في خضم ملفات عدة تنوء تحتها المملكة بما يجعلها تبدو هرمة وعاجزة. للمفارقة فإن هذه الصورة هي ما يسعى محمد بن سلمان إلى تبديدها وتسويق نفسه بديلاً منها، بحيث يحل مكان جيل الأولاد الهرم، جيل الأحفاد الشاب والمنفتح والحداثوي.

منذ أيام سرب حساب “مجتهد” الذي يدعي العلم بخفايا وأسرار المملكة، أن بن سلمان كاد يتسلم العرش وأن تأجيلاً في اللحظات الأخيرة حال دون ذلك. كما سرب “مجتهد” أن الأمير عبدالعزيز بن فهد، أودع السجن على خلفية مواقف سبق أن تناولها الميادين.نت، ثم أودع بعد ذلك في الإقامة الجبرية.

مسألة انتقال السلطة إلى بن سلمان لا تزال محفوفة بالمخاطر. يؤكد “مجتهد” أن الأمير الشاب خائف وأن هناك مقاومة داخل الأسرة الحاكمة لوصوله. يجزم أن بن سلمان تلقى تهديداً من شخصيات هامة جداً في العائلة بإعلان رفضها القرار بصوت مرتفع، أو ربما حتى على شكل تمرد.

لكن هذا ليس كل شيء. إذا ما أضفنا إلى ذلك سلسلة الاعتقالات الأخيرة بحق دعاة إسلاميين وبعض رموز “الإخوان” والناشطين فإن المعضلة تصبح أكبر. معضلة يرافقها نقمة من شأنها أن توسع دائرة الاعتراض الشعبي خارج حدود “الوهابية”.

ربما كانت الخطوة الأخيرة محسوبة ومعدة سلفاً. ربما وجود هؤلاء المعتقلين في السجن أفضل من وجودهم خارجه في المرحلة المقبلة من وجهة نظر السلطة. لكن ذلك لا يلغي وجود نقمة شعبية آخذة في الازدياد على وقع التضخم وغلاء المعيشة والبطالة والفساد.

تتزامن كل هذه المعطيات مع حرب جديدة تخوضها السعودية ضد قطر. آخر حروب السعودية تضاف إلى ورطتها في اليمن وقبلها في سوريا. وبينهما مؤشرات اقتصادية متشائمة وتعثر في خطة 2030 الاقتصادية التي أرادها بن سلمان رافعة لإيصاله إلى العرش.

المصدر: الميادين