أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


كان الحريري امام خطر الاطاحة بحكومته لو استجاب للضغوط التي مورست ضد الجيش

– 3 حلول لا غير تبقى لإرهابيي عرسال..  (العميد حطيط)

عندما انطلق حزب الله في السنة الماضية لتطهير منطقة السلسلة الشرقية على طول الحدود مع سورية من الجماعات الإرهابية، تعالت أصوات محذرة من خطورة اقتراب مقاتلي الحزب من بلدة عرسال نظرا للحساسيات المذهبية – السياسية التي تحكم الوضع، وبالفعل انجز الحزب تطهير مسافة 45 كلم من الحدود وبقيت مسافة تقل عن 15 كلم منها اتخذها الارهابيون والمسلحون ملاذا شبه آمن مستفيدين من غطاء سياسي ومذهبي شكله لهم بعض اللبنانيين المرتهنين لإرادات خارجية والعاملين وفقا لإملاءات خليجية عامة وسعودية خاصة.

وبعد التطهير والتأكد من استقرار الوضع وسلامته في المنطقة المطهرة من الحدود وبعد ان نجحت العمليات العسكرية السورية بمشاركة حزب الله في الاجهاز على مخاطر الإرهابيين في القلمون السوري ومعالجة امرهم بالشكل الذي يخرج المنطقة من تهديدهم ويفتح الطريق امام عودة آمنة للمدنيين السوريين النازحين الى داخل سورية او الى لبنان، أقدم حزب الله على تسليم كافة مواقعه في الجرود النظيفة الى الجيش اللبناني مؤكدا انه لا يبغي سيطرة ونفوذ انما يريد امنا واستقرارا ترعاه الدولة.

استغل المسلحون الوضع والمتغيرات الميدانية عبر الحدود واتجه قسم منهم من سورية الى الجرود اللبنانية شرقي عرسال وألقوا بذلك عبئا إضافيا على البلدة التي ورغم كل المظاهر الشكلية للدولة والامن اللبناني فيها تعتبر بلدة خارج السيطرة اللبنانية باعتراف وزير الداخلية اللبناني نفسه، وباتت البلدة وجردها تشكل وحدة ميدانية عسكرية تعتبر السيطرة الفعلية فيها للمسلحين والإرهابيين من جبهة النصرة وداعش، ما فرض على الجيش تطوير خططه الدفاعية والتفكير بحل مستقبلي نهائي للوضع.

اذن و مع التحولات الميدانية و المتغيرات التي شهدتها الازمة السورية تحول وضع عرسال و جردها الى وضع شاذ نافر لا يمكن القبول باستمراره على الاتجاهين اللبناني و السوري على السواء لأكثر من اعتبار ، خاصة و انه من الوجهة اللبنانية تحول الى مصدر قلق و خطر يهدد اللبنانيين في البقاع بشكل قريب و الامن اللبناني بشكل عام، و قد تأكد ذلك بالحس اليقيني اثر العمليات الأمنية و العسكرية التي نفذها الجيش اللبناني و أدت الى القاء القبض على إرهابيين اعترفوا بما يستعدون لتنفيذه من خطط  و اعمال إرهابية تستهدف اكثر من منطقة في لبنان . الامر الذي يفرض على لبنان اتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية التي لا يمكن التساهل بها حرصا على لبنان في امنه واستقراره.

امام هذا الوضع و مع المتغيرات السياسية التي شهدها لبنان مع انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية ، و تعيين قائد جديد للجيش ، انطلق الجيش اللبناني في ظل قرار سياسي حازم ، لوضع خطة عسكرية تؤول الى معالجة الخطر الإرهابي المتأتي من عرسال وجرودها ، خطة كما يبدو الان جاءت مقسمة على مراحل ثلاث : أولها تطويق و حصار المسلحين مع انشاء منظومة مراقبة و سيطرة فعالة لمتابعة تحركاتهم و نواياهم ، و ثانيها تسديد ضربات نوعية عبر عمليات استباقية رشيقة ينفذها الجيش ضد اهداف مختارة لدى المسلحين لمنعهم من الاستقرار و التحشيد او تكوين القدرات الهجومية الفاعلة ، و ثالثها عمل عسكري حاسم يؤدي الى اجتثاث الإرهاب كليا من المنطقة و يعيدها الى السيادة اللبنانية مطهرة من غير تدنيس إرهابي.

وفي التنفيذ نجح الجيش في العمل بالمرحلتين الأولى والثانية وكان يتهيأ ويحضر الظروف لتنفيذ المرحلة الثالثة بعد ان تستكمل شروطها، لكن وبشكل مفاجئ خرجت أصوات سياسية ضد الجيش وعملياته، من بعض الفئات التي كانت منحت في العامين 2013 و2014 الغطاء السياسي للإرهابين وخاصة من تيار المستقبل ومن بعض القوى المرتبطة بالسعودية، أصوات أحدثت ضبابا اهتز معه القرار السياسي الذي يعمل الجيش بموجبه.

لقد فهمنا ومن غير عناء ان الصخب الذي أطلق بوجه الجيش هو نوع من الحرب الاستباقية التي يلجا اليها هؤلاء من اجل منع الجيش من استكمال خطته في مرحلتها الثالثة، كما ومنعه من متابعة العمل بالمرحلة الثانية من الخطة، لان الجهة الإقليمية التي يتبع او ينصاع اليها هؤلاء تريد ان تبقي وضع عرسال على ما هو عليه علها تستخدمه كورقة ما في العملية السياسية التي ستكون في النهاية المخرج من الازمة السورية والتي باتت في ايامها الأخيرة. لان بقاء 2000 مسلح في عرسال وجرودها من شانه كما يظنون ان يزعج حزب الله ويهدد لبنان وسورية على حد سواء مع احتمال تطويره لتقويض الانجازات السورية في القلمون وريف دمشق الغربي.

اما هذا المشهد الذي ارتسم على أساس الاستثمار بالإرهاب كان لابد من موقف يقطع على المستثمرين سعيهم، ويوفر الامن للبنان ويخرج مناطق واسعة في البقاع اللبناني من التهديد الإرهابي ويحرر أكثر من 8 الاف عسكري لبنان يفرض عليهم وجود الارهابيين في عرسال وجردها، البقاء على جهوزية دفاعية دائمة لمنع تغلغلهم في لبنان، وبالفعل صدر الموقف اللبناني وعلى اتجاهين سياسي وعسكري في الان ذاته. (كان رئيس الحكومة امام خطر الاطاحة بحكومته لو استجاب للضغوط التي مورست ضد الجيش)

فعلى الصعيد السياسي تعالت أصوات الوطنيين اللبنانيين رفضا لمواقف الفئة الراعية للإرهاب في لبنان، وكان الصوت هذا مدويا الى الحد الذي منع رئيس الحكومة من الاستجابة الرسمية لمطالب فئة الرعاية الإرهابية رغم ما هو قائم وراء الاكمة في السرايا الحكومية، وبالنتيجة ورغم اهتزاز القرار السياسي لفترة فقد عاد ليتشكل رسميا في منح الجيش الحق والصلاحية الكاملة لمعالجة لوضع وفقا للأصول العسكرية.

اما عسكريا فقد تابع الجيش العمل بخطته رغم ما حاول البعض من احداث ارباك لها، وهنا تبرز أهمية الموقف الصارم الذي اتخذه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته الأخيرة التي وضع فيها الجميع امام مسؤولياتهم ورسم وبشكل نهائي لمعالجة امر عرسال واحدا من السناريوهات الثلاثة وبترتيب بمكن من الانتقال من واحد الى اخر ان لم ينجح السابق وعلى الشكل التالي:

–  الاول انصياع المسلحين لمقتضيات الحل التفاوضي السلمي الذي يفضي الى خروجهم كليا من المنطقة والتوجه الى ادلب او جرابلس في سورية.

–  الثاني قيام الجيش اللبناني بعملية عسكرية عملا بالمرحلة الثالثة من خطته بما يفضي الى تطهير المنطقة بنار الجيش وهنا تساهم المقاومة والجيش العربي السوري في تشكيل فك الكماشة الثاني شرقا وتمنع المسلحين من الدخول الى سورية ما يؤدي الى سحقهم في مواقعهم، (مناورة فكي الكماشة)

– الثالث قيام المقاومة وانطلاقا من مواقعها في الأرض السورية بعملية التطهير وعندها يتحول دور الجيش اللبناني وبشكل واقعي ميداني الى تشكيل سد مانع يحول دون تسرب المسلحين الى الداخل اللبناني (نظرية المطرقة والسندان).

وأوحى السيد بان المهل للتنفيذ لن تكون مفتوحة، والذي يقرا جيدا في خطاب السيد يعرف ان المهلة القصوى للمعالجة باي من السناريوهات الثلاثة والانتهاء من الامر كليا لن تتعدى الصيف هذا فهي اقل من عشرة أسابيع كما يبدو، ولكن لا يعني هذا البدء بالسناريو الثالث مباشرة وغدا كما حاول البعض من الدوائر الإعلامية والسياسية الإيحاء به حتى باتت لديهم عبارة “ساعة الصفر” هي العبارة الرائجة في التداول.

وبالنتيجة نقول ان مسالة عرسال وجردها ووجود الإرهابيين فيها باتت محكومة بالقواعد التالية:
1. ان قرار تطهير المنطقة من الإرهاب هو قرار نهائي لا رجعة عنه، وان مسؤولية العملية تقع على لبنان لأنه هو المسؤول عن بسط سيادته على ارضه وتامين الامن والاستقرار فيها وبالتالي ان الجيش اللبناني هو صاحبة الولاية الأصل في هذا الموضوع.

2. ان محاولة البعض تامين غطاء سياسي للإرهابيين لمنع اخراجهم من المنطقة وتقييد الجيش في عمله، هي محاولة نجحت في العام 2013 وما بعدها لكنها الان لن تنجح ولن ينصت للأصوات التي تريد ان تمنع الجيش عن القيام بمهماته مهما كان وضع وموقع أصحابها.

3. ان عملية التطهير ستكون عملا ميدانيا مشتركا منسقا على جانبي الحدود يشارك فيها الجيشان اللبناني والعربي السوري والمقاومة، ويختلف دور كل منهما وفقا للخطة التي ستتعمد، فان بدأ الهجوم من الأرض السورية من قبل رجال المقاومة (السيناريو الثالث) سيكون دور الجيش اللبناني دورا دفاعيا عن الأرض اللبنانية لمنع المسلحين من التغلغل فيها، وان اعتمد السيناريو الثاني  سيكون لجيش العربي السوري في موقع صد الإرهابيين من التوجه الى سورية في حين يكون الجيش اللبناني هو المبادر الهجوم من الغرب الى الشرق و تكون المقاومة عامل التنسيق و الوصل بينهما و لن يكون مع هذا و ذاك قيمة للأصوات التي ترفض التسبيق بين الأطراف الثلاثة لن للميدان قواعده و منطقه الذي يأبى الانصياع لإملاءات سياسية كيدية ..

المصدر: البناء